الملحقثقافة وتربية

أي ثقافة في وسائل الإعلام والاتصال الحديثة» ورشة عمل لـ «العربية لعلوم الاتصال»

 

الطائر – محمد درويش  

تحت رعاية وزارة الثقافة أقامت الرابطة العربية لعلوم الاتصال ورشة عملها الأولى بعنوان «أي ثقافة في وسائل الإعلام والاتصال الحديثة» في قصر الأونيسكو، بحضور رئيس اتحاد الكتّاب اللبنانيين د. وجيه فانوس ممثلاً وزير الثقافة ريمون عريجي، عميد كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية د. جورج صدقة وعميد كلية الآداب السابق د. جوزيف لبكي والأساتذة المشاركون وطلاب الجامعات.

حفل افتتاح الورشة بدأ بكلمة رئيسة الرابطة د. مي العبدالله، التي لفتت إلى أن «هذه الورشة يواكبها تنظيم ورش مماثلة حول الموضوع نفسه في عدّة دول عربية بمشاركة الرابطة»، مشيرة إلى أنّ موضوع الورشة يتمثّل بأنّ «رصد إشكاليات ثقافة المحتوى الإعلامي هو من أولويات الرابطة البحثية لأنّ وسائل الإعلام والاتصال تلعب دوراً أساسياً في بناء أو هدم أو تفتيت القيم الثقافية للمجتمعات والأوطان».

تلتها كلمة عميد كلية الإعلام في الجامعة اللبنانية د. جورج صدقة، الذي اعتبر أنّ «ثورة المعلوماتية بكل تشعباتها حوّلت عالمنا إلى عالم يختلط فيه العالم الافتراضي بالواقعي وباتت كل ميادين الحياة رهينة ما تسوّقه وسائل الإعلام والاتصال»، لافتاً إلى أنّ المؤتمر «من خلال عناوينه وإشكالياته يحاول معالجة التبعية التي أغرقت مجتمعنا وباتت تهدّد ثقافاتنا، وهذا الوعي لخطورة الواقع إنّما هو بداية الريق للبحث عن آليات التصدي لهذا الاستعمار الثقافي الجديد».

ثم كانت كلمة وزير الثقافة ريمون عريجي التي ألقاها د. فانوس، ناقلا تقدير الوزير لهذا اللقاء الذي يُجرى في المرحلة الخطيرة والأساسية في وجودنا المعاصر، مضيفاً بأنّ «وزارة الثقافة إذ تتطلع إلى هذه الندوة أو ورشة العمل فهي تطلب منها أفكاراً تساهم في تأسيس رؤية مستقبلية أو استراتيجية لثقافة المرحلة المقبلة التي يفتقر إليها لبنان ونعيش على ثقافة الانفعال وردات الفعل العشوائية».
بعدها كانت كلمة العميد د. جوزيف لبكي الذي تحدّث فيها عن المحتفى بها د. هدى عدره عضو الشرف في اللجنة التأسيسية للرابطة، ثم قدّم لها درع الرابطة العربية لعلوم الاتصال.
وألقت المكرّمة د. عدره كلمة شكرت بها أعضاء الرابطة وإدارتها وقالت بـ: «أننا أمام ثورة تكنولوجية لها سلبياتها وإيجابياتها ولكن الجدل يقع حول توظيف استعمال وسائل الإعلام والإتصال أو غرض استعمالها وإذا ما كان يعود هذا التوظيف بالنفع على الفرد والمجتمع».

الجلسة الأولى

ومن ثم بدأت جلسات العمل، حيث أدار الجلسة الأولى تحت عنوان «أي لغة في وسائل الإعلام والإتصال الحديثة» رئيس تحرير صحيفة «اللواء» صلاح سلام، معلق على الكلمات الافتتاحية بالقول: «كأنّ الإعلام هو المسؤول عن كل ما يصيب البلد من انهيار ثقافي وأخلاقي وفساد إداري، كأنه الميكروب الذي أصاب الحياة السياسية والوطنية في البلد، لكن كما نعرف فإن الإعلام هو مرآة  المجتمع ويعكس صورته كما هي وهو اليوم يعكس، للأسف، واقع مجتمعنا الذي وصل إلى هذه المرحلة من التردي والانهيار».

وألقى بعد ذلك مداخلة قال: «إنّ التحدي الأكبر الذي يواجه ثقافتنا اليوم في عصر المعلومات والميديا ووسائل الاتصال هو «بأي لغة نستطيع التفكير والإبداع والتواصل؟»، وإذا ما كان باستطاعة اللغة العربية أن تبقى لغة الاتصال والتواصل عبر وسائل التواصل الاجتماعي اليوم، طارحاً عدّة تساؤلات تفرضها التكنولوجيا الجديدة اليوم في إطار تطور اللغة في التخاطب بين أبناء المجتمع الواحد: أثر لغة الرسالة الإعلامية على المتلقي، دور وسائل الإعلام في توليد مصطلحات جديدة لتغطية المفاهيم المستخدمة وتعميمها، دور وسائل الإعلام في نشر الثقافة اللغوية وتطوير الجوانب الحوارية في استخدام اللغة، ومعتبرا أن «النسق اللغوي مهمل بشكل كامل في النشاط الإعلامي، وعلاقة اللغة بالإعلام ما زالت مقصورة على تصويب أخطاء الكتاب والمذيعين دون الاهتمام بتعزيز أثر الإعلام على المتلقي» .

شارك في الجلسة د. وجيه فانوس بدلا من مدير عام وزارة الثقافة فيصل طالب، د. محمد بدوي الشهال، د. هيثم قطب و د. جوزيف شريم.

من جهته، رفض د. فانوس اعتبار أن اللغة العربية في خطر، وأنها قد تكون إلى زوال، معتبرا أن ذلك مجرد هاجس يسيطر على كثير من مدارسنا ونقاشاتنا، بدليل أن اللغة العربية عاشت عبر جميع العصور ولا زالت مستخدمة منذ ١٥٠٠ سنة وحتى اليوم، وقال: «إنّ اللغة في تطوّر وتغيّر مستمر في طبيعتها وفقاً لتغيرات العصور والبيئات والأزمنة والاحتياجات، ففيها الكثير من الألفاظ الميتة يقابلها الكثير من الألفاظ المولدة، أما اللسان فهو نظام ثابت وما زال ثابتاً حتى اللحظة، وقد عرف العرب لساناً واحداً هو اللسان العربي وعدة لغات كانت تتميز بحسب القبيلة منها لغة قريش ولغة حميد، « ونحن جمعنا لغات العرب في لغة واحدة هي لغة قريش  أسميناها العربية الفصحة وارتكبنا بذلك خطأً كبيراً استراتيجياً يجعلها لساناً علماً بأنها لغة وحاولنا تجميدها ولكنها لم تجمد».

وأضاف بأنّه «بوجود وسائل الإعلام والاتصال الحديثة في كل يوم تفد إلينا ألفاظ جديدة كثيرة فإما أن نستخدمها وفاق ما يمكن أن نستخدمها فيه أو نعطي مكانها اللفظ العربي الصحيح المناسب، ويبقى الحكم للناس فما يتقبله الناس هو الذي يعتمد. وسنبقى نتقبل ألفاطاً ومفردات أعجمية ونجتهد في تعريبها ونختلف عليه إلا إذا أصبحنا نحن منتجين للفكر عندها ستأتي الأمور بلغتنا نحن».

واعتبر ختاما  أن التحدي الأوحد هو أمامنا وهو إما أن نتقبل الوافد الشديد إما أن نتحول إلى أمة منتجة.
أما د. محمد بدوي الشهال فعرّف الإعلام بأنه «تقديم الحقائق المجردة على ما هي عليه من دون تزوير أو ستر لبعضها أو معظمها أو قلبها أو عكسها، ومن وظائف تزويد المعلومات الضرورية لبناء المجتمع وإقرار المعرفة وتفعيل دور الإنسان ودفعه إلى المشاركة بالحياة السياسية والاجتماعية والثقافية وخلق جو من الحوار».

من ناحيته، اعتبر د. هيثم قطب أن اللغة المحكية هي الشكل الديناميكي للغة، وكل اللغات المكتوبة اليوم كانت لغات محكية قبل تعقيدها، ونفى أن تكون لأي لغة أي قدسية معينة.
في حين رأى د. جوزيف شريم أنّ «نشرات الأخبار صارت بمثابة خبزنا اليومي وهي التي تشبع رغبتنا في معرفة ما يدور حولنا، وهي إحدى وسائل احتكاك الفرد بلغته»، وتحدّث عن أقسام النثر ومنها النثر الصحفي الذي عرفه الباحثون بأنه نثر يقف ما بين لغة الأدب ولغة التخاطب اليومي،  وتحدث عن اللغة الإعلامية وهي الأداة التي يقوم الإعلاميون من خلالها بتحويل الأفكار والمعلومات إلى مادة مقروءة أو مسموعة أو مرئية، ولكن كل ما كتب عن لغة الإعلام عموماً ولغة الأخبار خصوصاً اتسم بالسلبية.

جلسات عمل ومناقشات

وفتح المجال بعد ذلك للنقاش فتلقى الأساتذة المشاركون الأسئلة من الحضور وأجابوا عنها، كما توالت الجلسات حيث عرضت الجلسة الثانية لدور وسائل الإعلام والاتصال الحديثة في بناء ثقافة المواطن، أدارها د. طلال عتريسي، فالجلسة الثالثة بعنوان «أي قيم ثقافية وخبرية وتربوية في وسائل الإعلام والإتصال الحديثة»، أدارتها د. أسماء شملي، والجلسة الرابعة بعنوان «أي ثقافة فنية في وسائل الإعلام والاتصال الحديثة»، أدارها د. عدنان خوجة.

وفي الختام، جرى توقيع كتاب «الاتصال في الشرق الأوسط والإنهيار الثقافي» لـ د. مي العبدالله.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى