الملحقمجتمع
أخر الأخبار

الزواج مؤسسة كاملة متكاملة، والمجتمع ما زالت أفكاره بالية!

الطائر – لبنان

كتبت تارا إبراهيم:

لم تكن تكترث سعاد لما يُقال لها، فكانت عنيدة جداً ومتشبثة بأفكارها وأرائها، كثيراً ما نبهتها والدتها لكنها كانت دائماً تدير لها الأذن الصماء، إلى أن أتى يوم، كانت سعاد تساعد فيه والدتها في توضيب المائدة حينما قالت لها: “صرتي بالأربعين وبعدك ما تجوزتيش، بكرا بتبطلي تجيبي أولاد، شو ناطرة بدي إفهم” حاولت سعاد قدر الإمكان كتمان غضبها لكنها لم تستطع التغاضي عن الأمر، فانفجرت قائلة: “ولشو بدي إتجوز ولشو بدي جيب أولاد، كل هالقد انت مبسوطة بحياتك الزوجية يعني، حتى عم تنقّي عليي تزوجي تزوجي، وشو عملولك الأولاد غير القهر والعذاب، أنا هيك مبسوطة ومش ناقصني هموم”. فردّت عليها والدتها قائلة: تفكيرك مش صحيح يمكن يكون حظك أحلى من حظي ولازم تجيبيلك شي ولد، بكرا أنا بموت ومين بدو يقوم فيكي، مرة خيّك أو جوز إختك، ووين بدك تعيشي ويربحوكي جميلة، لازم تتجوزي وتعملي مملكتك تكوني انت الأميرة فيها” . حينها ردت عليها سعاد وقالت لها: “ما تخافيش يا امي الله اللي جابني على هالدنيا مش رح يتركني هيك، والله يطول بعمرك وما يحرمني منك”.

طمأنت سعاد والدتها بهذه الكلمات لكن عندما دخلت إلى غرفتها ونظرت إلى مرآتها وتذكرت كلام والدتها شعرت بالوحدة والخوف وبتقدم السن عليها، وشعرت بخوف والدتها عليها، لكن سرعان ما ابتسمت إلى نفسها بالمرآة وقالت “الحمدالله اني حرة وما عندي أية  التزامات عائلية”.

فهي تستمع دائما لصديقاتها المتأهلات ولمشاكلهن مع أزواجهن وأبنائهن وما يعانينَ من مصاعب ومتاعب وتحمل مسؤولية وتدريس، فهذا كله سعاد مرتاحة منه فلا مسؤوليات لديها وهي حرة بوقتها وعملها.

لكن بالرغم من الثقة الكبيرة التي تتمتع بها سعاد إلاّ أنّها بينها وبين نفسها تشعر أنها بحاجة إلى سند دائم لها… إلى من يشاركها لحظاتها الحلوة والمرة، إلى من يدعمها في عملها، إلى من يشاركها دعواتها. فسعاد لا ترى الزواج من منظور المجتمع، بل تراه مؤسسة كاملة متكاملة والزوج يجب أن يكون شريكاً وداعماً واباً واخاً وحضناً دافئاً، فهي لا تريد الزواج للتباهي أنها غير “عانس” على حد تعبير المجتمع، إنما تريد أن تؤسس عائلة يسودها الحب والوئام والتفاهم والإحترام، وأن تكون فعلاً أميرة على مملكتها، “ومش مهم أنه تجوزنا وخلص”. فسعاد تعرفت على الكثير من الشباب الذين أحبّوا الإرتباط بها، لكنها لم تجد في أي منهم مشروع جدي للزواج.

لا تبالي سعاد بما يقوله الناس في مجتمع ما زالت أفكاره بالية على حد قولها، فهي لا تعير العمر إهتماماً بالغاً مثل الآخرين ما دامت “الروح ثابتة على العشرين” مثلما قال الشاعر أحمد الصافي النجفي في قصيدته:

“سنّي بروحي لا بعد سنين
فلأسخرن غدا من التسعين
عمري الى السبعين يركض مسرعاً
والروح ثابتة على العشرين.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى