الطائر اللبنانيالملحق

بماذا نصح رئيس جمعية المعلوماتيين المحترفين الاستاذ ربيع بعلبكي الشباب اللبناني؟

خاص الطائر – مهى كنعان

في كل ساعة هناك جديد، وفي كل يوم هناك ما يضيف الى الحقائق او يُغيرها، وفي كل فترة هناك اكتشاف حديث ربما يلغي الذي سبقه، وكل وقت هناك مصطلح مغاير للذي قبله حتى بتنا كل يوم نصحو على اخبار علمية واكتشافات جديدة في كل المجالات تجبرنا على ان نكون مهيئين للتعامل معها.

ليس خفياً على أحد أننا بتنا نعيش في عصر الثورة الصناعية الرابعة حيث التطور التكنولوجي والرقمي هو المسيطر والذكاء الاصطناعي وانترنت الاشياء هو الهدف.

دول كثيرة تيقنت لهذا الموضوع وطورت قوانينها وسياساتها ومناهجها الدراسية ومنهجياتها التعليمية لتتلاءم مع هذا التطور الهائل، ولتُحضر ابنائها واجيالها للتعامل مع هذا الواقع الحديث الذي فرض نفسه.

يقال انه في العام 2030 لن يعد العالم بحاجة الى النفط والغاز، لان كل شيء سيكون مرتبطاً بالذكاء الاصطناعي وبالتكنولوجيا الرقمية، فأين هو لبنان من هذا التطور وهل يدرك مسؤوليه لهذه الحقيقة وهم ما زالوا يتناتشون على المقاعد الوزارية!! هل يدرك المسؤولين في حال لم يتم استخراج النفط في اقرب فرصة ممكنة سيصبح بلا قيمة ولن نحتاجه الا “للاسفلت” اي الزفت بالعامية! هل يدركون اذا لم يسارعوا الى تطوير المناهج الدراسية او المنهجيات التعليمية لتتماشى مع التطور التكنولوجي والرقمي لن يكون هناك اي فائدة لكل ما يتعلمه طلابنا!  وهل يدركون في حال لم تتوفر البيئة المناسبة للطلاب المبدعين والمبتكرين سيهجرون لبنان وستساهم حكومتنا في تهجير الادمغة!

لا، لسنا في صدد التهويل ولكن الواقع خطير جداً وعلى المسوؤلين ان يعوا تماما للحالة التي سنصل لها لان في حال لم يتم تغيير السياسات وتسهيل القوانين امام المواطنين وتأمين فرص عمل لاكبر عدد ممكن من الخريجين وتحسين الاقتصاد عندها ستنتشر الجريمة وسيعم الفساد وسيكون الهم الوحيد للمواطنين كيفية تأمين لقمة العيش…

للاسف هذا ما نبه  ومازال ينبه اليه كثيرا رئيس جمعية المعلوماتيين المحترفين في لبنان الاستاذ ربيع البعلبكي، يقول بعلبكي في حديث خاص لموقع الطائر ان الفجوة كبيرة جدا ولا يدركون اهميتها، مشيرا الى اننا على اعتاب ثورة صناعية رابعة حولت كل المصطلحات، فبعد ما كان علم الـ  information technologies  IT علما جديدا اصبح اسمه Information communication technologies ICT  لنتفاجأ بعد فترة وجيزة ليصبح innovation Technologies  ولم يعد اسمه تكنولوجيا المعلمومات بل اصبح مرتبطا بالابتكار والابداع،  مؤكدا انه علينا اعداد طلابنا للتكيف مع كل جديد وان يكون لديهم مواطنة رقمية لان التكنولوجيا هي المتحكمة بكل الاختصاصات والمجالات. واعتبر أ. بعلبكي ان ما كنا نخشاه منذ 15 عاما وصلنا اليه،  فالثورة الصناعية الرابعة لن تنتظرنا لنركب عداد التطور بل علينا ان نغير منهاجياتنا والتفكير بطريقة جماعية وعملية وتطبيقية بدلا من التلقين بطريقة نظرية فقط، خاصة ان توفر التكنولوجيا يساعدنا على التطبيق بكل سهولة.

هل هذا الامر سهل على لبنان؟

نعم، ليس امراً عسيراً، خاصة ان التكنولوجيا باتت في كل منزل وفي متناول الجميع، وهناك استجابات من قبل الوزارات المعنية ووزارة التربية لكن لا يوجد امكانات مادية، لذا مبادرات الفردية من قبل بعض الجامعات والمدارس الخاصة وعدد من الجمعيات، وطلابنا اثبتوا من خلال مشاركاتهم في مباريات  عديدة مدى قدرتهم على التفوق في هذا المجال لكن على الدولة ايضا توفير بيئة حاضنة لهم والا ستتعرض الادمغة للهجرة، فنحن في بلد ذات اقتصاد مهترء، ما زلنا نستدين القروض ونراكم الدين علينا “سيدر” مثلا، من اجل البنية التحتية والماء والكهرباء وهي مقومات اساسية للحياة،  بينما الدول الاخرى اجتازت هذه المرحلة وهي تفكر جدياً بالتخلي مستقبليا عن النفط والغاز والاستفادة من الذكاء الاصطناعي والثورة الصناعية الرابعة والاعتماد عليها في الامور الحياتية. علما ان البوادر بدأت في الظهور مع اعتماد اول تاكسي طائر في الامارات.

ما هو الحل اذاً؟

من الضروري التحول الى مجتمع منتج وليس مستهلك فقط،  فابنائنا لا ينقصهم سوى الدعم المادي لانهم اثبتوا تفوقهم وابداعهم في مجال الروبوتات والتكنولوجيا الرقمية، فكم من طالب لبناني كشف ثغرات في software  شركة مايكروسوفت، وفي اسوأ الحالات ان لم يكن من قدرتنا ان نكون من اللاعبين فيها فاننا على الاقل مطالبون بالتعامل معها بشكل جيد وبطريقة اخلاقية لان ديننا يفرض علينا ذلك وعدم استخدام التكنولوجيات وتقنيات هذه الثورة الهائلة باعمال تخريبية وشريرة، فالثورة الرقمية هي في خدمة الانسان وصحته وبيئته وليس لتدميرها فنحن بتنا قادرين عبر الطباعة ثلاثية الابعاد من طباعة اطراف اصطناعية بسرعة قياسية،  لذا يجب ان نكون مسؤولين اجتماعيا وذو مواطنة رقمية باستخدام التكنولوجيا بطريقة هادفة ومسؤولة  تجاه هذه التطورات لان هناك اجيال ستأتي بعدنا ونحن مكلفين بحمايتهم وهذا ما تحتمه علينا اخلاقنا ودينا وضميرنا الانساني.

كيف تقيم الواقع الالكتروني الرقمي في لبنان؟

هناك عشق غير طبيعي للعالم الرقمي عند الجميع، وفي الوقت نفسه هناك مقاومة له من قبل الاشخاص التقليديين فكل شيء جديد عليهم، لكن الاهم الا يصبح لديهم خوف او رعب من هذا التطور،  فان استخدام التكنولوجيا في المدرسة او الجامعة يسهل العملية التعليمية على الاستاذ،  فالتفاعل يكون اكبر ويمكن مشاركة ملفات صوتية ومرئية عبر الفيديو او الصورة،  كما ان المجتمع اللبناني كما اشرنا سابقا متميز جدا ولديه قدرات هائلة في التعامل مع التطور الرقمي ويدرك جيدا كيف يصوب الامور وكيف يستفيد من هذا التطور لكن يجب ان ننتبه لهجرة الادمغة كي لا يستفيد من عباقرتنا دول اخرى فلنحافظ عليها في الوطن لتكون هي المنتج والمُصدر ولا نكون فقط مستوردين.

ماذا تطلب  من الدولة في ظل هذا التطور التكنولوجي السريع خاصة اذا صح ما قلته انه بالـ 2030 سيتم الاستغناء عن النفط والغاز؟

كي لا نحمل الدولة  كل الثقل والمسؤولية، اعتقد انه عليها تسهيل القوانين  في امور عديدة وخاصة في الاقتصاد المعرفي والابداعي  والا تُعقد الامور اكثر من ناحية فرض الضرائب وغيرها من الامور الادارية، فان لم تكن الدولة قادرة على تطوير الاقسام البحثية في الجامعات خاصة انها لا تملك الامكانيات المادية، فلتسهل القوانين الامر الذي لا يكلف اموالاً. فلتحدد على الاقل السياسيات العامة التي تسهل الامور، وتشجع وتحفز الشباب على الانتاج في بلدهم وعدم التفكير في الهجرة والسفر.

كلمة اخيرة للشباب؟

اقول لهم الاّ تيأسوا، مهما كثرت الضغوطات والصعوبات عليكم، آمنوا بالله وبقدراتكم، ثقوا بانفسكم، حافظوا على روحكم الداخلية الجميلة، ولا تَنجروا  في طريق الفساد والشر وكونوا اقوياء. كما انصح كل شاب بالتحرر من الوظيفة  خاصة في لبنان لانه قائم على رمال متحركة، واختم كلامي مكررا نصيحة رجل الاعمال الصيني “جاك ما” الذي يقول للشباب دائما قبل العشرين ركزوا على التعليم، وبين الـ 20 والـ 30 توظفوا لدى قائد ذو اخلاق  ورؤية ومن 30 للـ 40 اسس عملك الخاص رافضا كل الوظائف مهما كانت هامة ومغرية وبين ال 40 والـ 50 اعتمد على الشباب كما تم الاعتماد عليك سابقاً وبين الـ 50 و60 اختر لك مكانا للنقاهة والراحة واعمل على تأليف كتبك وانشر حكمتك بين الناس، فما يقوم به “جاك ما” هو تنمية مستدامة 100% وهذا الذي يجب ان نعمل عليه.

تصوير: الاعلامية فريال نعمة 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى