الملحقثقافة وتربية

AUB تفتتح رسمياً العام الدراسي خوري: “لتجسيد مجتمع قائم على الجدارة فيكون مثالا يحتذى به عالمياً”

الطائر – لبنان:

افتتحت الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) عامها الدراسي الجديد في إحتفالٍ رسمي أقيم في قاعة “الأسمبلي هول” في حرم الجامعة، ترأسه رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري في حضور رئيس مجلس الأمناء الدكتور فيليب خوري ووكيل الشؤون الاكاديمية الدكتور محمد حراجلي وعمداء الكليات وبعض أعضاء مجلس الأمناء ونواب الرئيس وبعض اساتذة الجامعة والعاملين فيها وطلاب ومهتمين.

بعد دخول الموكب الرسمي المؤلف من الرئيس وعمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس وأعضاء مجلس الأمناء، إستهل الإحتفال بالنشيد الوطني اللبناني، ليتكلم بعد ذلك رئيس الجامعة الدكتور فضلو خوري ملقياً خطاب بعنوان “عكس التيار”، فيقول: “ستيف جوبز، مؤسس شركة أبل ورجل الأعمال المتفوّق قال ذات مرة: “إذا كنت تريد أن تُفرح الجميع، لا تكُن قائداً. قُم ببيع البوظة”. وكان على حق. وماري كوري، الحائزة على جائزة نوبل، قالت: “لقد علمت ان الطريق الى التقدّم ليس سريعاً ولا سهلاً”. على أي حال، من بين كل إنجازات جامعتنا العديدة، لا أتذكر أن أي إنجازٍ كان سهلاً أو سريع التقدّم، ولا أتذكّر في الواقع حصولنا على أي براءات اختراع لصنع البوظة. لذلك فاختيارنا ومسارنا هما بالضرورة في مكان آخر.”

 

تابع: “نعيش اليوم في عالم أكثر تعقيداً من العالم الذي نشأت فيه أنا وأترابي، ولكنه أيضاً عالم أكثر ملاءمة. لدينا أدوات أكثر تطوّراً بكثير من تلك التي كانت متوفّرة لكبارنا ولأجدادنا ويمكننا استخدام أدوات متفوقة إلى حد كبير للتثقيف وإجراء البحوث المتطورة، وخدمة أولئك الأقل حًظاً. ولكن، إلى جانب ذلك، من الإنصاف القول إن التحدّيات والضغوط العقلية ووسائط الانفصام والعزلة، بل حتى العنف واللامساواة، قد انتشرت أيضا وتطوّرت على مدى العقود الماضية.”

 

أضاف: “نعيش في حقبة تصاب فيها جموع بوباء الكوليرا الذي يبدو أنه يمكن الوقاية منه، فإذا به قد أهلك أو سيُهلك مليوناً من الأبرياء في اليمن، فيما أسفرت الحرب المدمرة في سوريا عن مقتل أكثر من نصف مليون شخص وتهجير أكثر من عشرة ملايين مواطن داخلياً وخارجياً، فيما نحن لم نقترب بعد أبداً من تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني واستعادة حقوقه بأرضه. وفي غضون ذلك تستمر أزمة اللاجئين والأزمات الاقتصادية في التأثير على المجتمع اللبناني، الذي يبقى من دون خدمات مقبولة أو مستمرة من حيث إمدادات الكهرباء، أو المياه، أو خدمات الصرف الصحي، أو الخدمات الأساسية الأخرى، في وطن يتقدّم ببطء شديد في مسيرة العدالة الاجتماعية والمعاملة المتساوية بموجب القانون. ومما يؤسف له أن بقية العالم العربي يعاني من العديد من التحديات ذاتها وتفتقر إلى ميزة لبنان الهائلة المتمثلة في مجتمع مفتوح لا يعيقه الخوف من حرية التعبير، ونرى في شبابه الرائع موهبة فائقة وعزماً وتصميماً. ولا زلنا نؤمن، ونعرف في واقع الأمر، أننا نقدر أن نحدث فرقاً يدوم لشعوب لبنان والعالم العربي وما وراءهما. ومن الإنصاف القول إنه خارج منطقتنا، فإن الاضطراب الاجتماعي والتفاوت الاقتصادي يجتاح كوكبنا ويعكّره.”

 

أردف: “لقد شهدت شارلوتسفيل فيرجينيا أحداثاً مؤلمة، وتظاهر فيها مواطنو الولايات المتحدة الأميركية، التي باتت تبلغ 241 عام من العمر والتي كانت بطلة قهر الفاشية وتفكيكها في أوروبا قبل 72 عاما فقط، حاملين شعارات التفوّق العرقي التي أدت إلى قتل 25 مليون شخص احتجزهم النازيون وحلفاؤهم في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين.”

 

وقال: “ما هو بالضبط دور جامعتنا الحبيبة والتاريخية، الأميركية في بيروت؟ أنا مطمئنٌ إلى أنكم لن تفهموا من كلامي أنني أدعوكم إلى الثورة أو الانضمام بدلاً عن ذلك إلى فرقة لموسيقى الروك. لا أحد سيفهم ذلك منكم أنتم الموجودين هنا، أو من طلابنا الرائعين، وعددهم 8800 تقريباً، أو من أفراد هيئتنا التعليمية المتميزين وعددهم أكثر من 1200، أومن موظفينا المتفانين البارعين وعددهم 5000، ناهيك عن 65000 من خرّيجينا المنتشرين في جميع أنحاء العالم. بدلاً من ذلك، أريد أن نبدأ بتجسيد مجتمع صغير قائم على الجدارة ويمكن أن يكون مثالا يحتذي به العالم في التعاطف والتقدم والإبداع والالتزام والخدمة. وأنا واثق من أننا قادرون على السير قُدُماً.”

 

أضاف قائلاً: “أعتقد أننا نتفق جميعا على أن التعليم هو المُساوي الكبير في المجتمع. والجامعة الأميركية في بيروت هي أفضل شهادة على ذلك. لقد قمنا بتعليم رؤساء وزراء اردنيين ولبنانيين ومقاتلي حرية فلسطينيين وقضاة محكمة عليا لعدة دول ورؤساء للسودان وافغانستان وسوريا من بين دول اخرى وجحافل من الناشطين الانسانيين والاطباء والمهندسين والصيادلة ورجال ونساء الاعمال. وعلّمنا كل واحد منهم كيف يكون متسامحاً، وطليعياً، ورحيماً وقائداً مفكراً من هذا العالم وله.”

 

تابع: “في متابعتي لأحداث شارلوتسفيل والمآسي في اليمن وفي سوريا وفي برشلونة مؤخّراً، كنت ومازلت مؤمناً بقدرتنا على جمع الناس معا، في جداول المثالية الغنيّة المُنسابة في جامعتنا، وفي دستورها وفي تاريخها. إن هذه القيم التي نشأ الكثيرون منا على حبّها ويسعون إلى رفع لوائها، أصبحت الآن تحت تهديد المتطرفين الذين يرغبون في إبعاد أو طرد كل من يختلف عنهم بأي شكل من الأشكال. إنهم لا يمثلون قيم التعليم الليبرالي الأميركي الذي نؤمن به، ويجب أن نعمل معاً حتى تسود المثل العليا والفرص التي تنجم عنها، لا أن يسود هذا الجانب البغيض للبشر والذي تجلى في الأسابيع والأشهر القليلة الماضية في شوارع المدن في جميع أنحاء العالم.”

 

وقال: “اقترحنا أمام مجلس أمناء الجامعة رؤية جديدة جريئة للجامعة الأميركية في بيروت تناسب العصر، مستندين إلى ماضينا لنقول ببساطة: “الجامعة الأميركية هي مؤسسة فريدة من نوعها في العالم للتعليم العالي ويجسّد مجتمعها من العلماء والممارسين خدمة متكاملة، وتعليماً، وأبحاثاً، مكرّسة كلها لتحسين ظروف البشر. وهذه الجامعة، بتشكيل مجتمع عادل ومرن ومكترث، هي ما يُعِدُّ مواطنيها ليكونوا فاعلين جداً، ومؤثّرين في التحديات التي تواجهها المجتمعات العالمية والإقليمية والمحلية وأفرادها”.”

 

أردف: “لقد وضعت جمعية مجالس إدارة الجامعات والكليات مؤخراً ملخّصاً تنفيذياً للتحديات التي يواجهها رئيس جامعة في القرن الحادي والعشرين. عنوان هذا الملخّص هو: “رئاسة القرن الحادي والعشرين: دعوة إلى قيادة المشاريع”. ويحثّ الملخّص رؤساء الجامعات على التصدّي للأزمات، مشيراً إلى أنه على الرغم من عدم اليقين المزمن الذي يسود مهمة مؤسسات التعليم العالي، إلا أن هذه فرصة هائلة لا يمكن إضاعتها. لذلك دعونا نعمل معا لتحديد الفرص وكيف نعتزم الأخذ بها.

 

وفي خطبي الرئيسية في الماضي أمام أسرة الجامعة الأميركية في بيروت، سعيت إلى نسج رسالة متماسكة تحدّد المعايير العامة لتلك الفرص والطريق إلى الأمام. ومن خطابات سابقة من احتفالات افتتاح العام الأكاديمي إلى يوم الآباء المؤسسين إلى احتفالات التخرّج، وبينها خطاب التنصيب وخطاب عن المجتمع المدني، وضعنا ملامح جامعة جريئة واثقة الخطى تتحرّر من قيود فترة ما بعد الحرب الأهلية لتصبح أكثر تقبّلاً للمخاطر من أي وقت مضى، وتشجّع الأفراد في مجتمعنا. إنها جامعة لا تتجلّى فقط في تاريخ من التأثير الإيجابي الكبير ولكن من خلال خطط جريئة لاستعادة مصيرنا والمضي قُدُماً بثقة، كمجتمع. مجتمع يقدّر ويثمّن ميراثنا من الخدمة، ويكرّم أعضاء هيتنا التعليمية وموظفينا المستمرين بالعمل في الجامعة منذ فترة طويلة؛ مجتمع يعتنق إنسانيتنا ويتغلب على شكوكنا. نحن جامعة متوثّبة جماعياً وقوية بما فيه الكفاية لتقديم يد الدعم لمن هم أقل حظاً، لتضمن أن أي طلاب متميّزين يتمّ قبولهم في الجامعة الأميركية في بيروت سيُدعمون إلى أقصى قدراتنا، لكي يتمكّنوا هم أيضاً من إحداث الفرق الإيجابي في عالمنا. خرّيجونا وأساتذتنا وطلابنا يخلقون الفرص للآخرين. موظفونا يدركون وزن التوقعات عليهم ويقودون هذا المجهود بإخلاص لتقوية الآخرين، بحيث يتمكّن أطفالهم وأطفال أطفالهم من التطلّع يوماً ما لقيادة حملة جريئة للريادة والابتكار والخدمة.”

 

أضاف: “وإلى كل الإنجازات، يجب أن نضيف الآن توفير الفرصة والتعليم والدعم لكثير من الأطفال الذين يُدفعون جانبا أو يُستقطبون، الجائعون واليائسون. وفي بنائنا لجسور التواصل، والفرص، والتعاطف لتفيد حتى أولئك الذين في غضبهم قد يسعون للتدمير والإفساد، نبني جسراً يجعل مستقبلهم ومستقبلنا جميعاً أكثر أمنا، وتساوياً، وإشباعاً وبالتالي أكثر تشاركاً. هنا، من المناسب أن نتذكّر مرة أخرى كلمات قالها إبراهام لينكولن عند توليه قيادة وطن ممزّق دمّره الشر الصافي للاستعباد. لينكولن كان يتكلم في حفل تنصيبه رئيساً، وكان يسعى يائساً لتجنب صراع رهيب أيقن أن لا مفرّ منه. وأنهى خطابه بهذه الكلمات التي ستدوم إلى الأبد: “أنا أكره كلمات الختام. نحن لسنا أعداء، ولكننا أصدقاء، ولا يجب أن نكون أعداء، على الرغم من أن المشاعر قد تكون متأججة، يجب ألا تكسر روابط المودة. الخيوط الغامضة للذاكرة تمتد من كل ساحة معركة وقبر إنسان وطني إلى كل قلب ينبض وكل موقد في أنحاء هذه الأرض الواسعة. وهذه الخيوط سوف تشدّ أزر الاتحاد، عندما تداعبها ملائكة الخير في طبيعتنا مرة أخرى. لينكولن كان على خطأ في توقعاته على المدى القصير، ولكن ليس في فكرته الأساسية عن وجود رابط مشترك بين رجال ونساء الجمهورية.”

 

ختم: “لنتصدّى لتيار العزلة الاجتماعية المتنامي باستمرار، ولدوائر في التعليم العالي تنظر إلى داخلها بهدف رسم حدودها، لتحتمي من العالم الخارجي وزحف قيمه المُعدي. فبدلا من التصدّي للتتجير والتكنولوجيا وريادة الأعمال وخدمة الآخرين، فإننا نعلن بجرأة ما قاله الشاعر العظيم جون دون ذات مرة: “لا رجل (ولا جامعة) هو جزيرة”. ومع تركيز الأدوات القوية جداً والمبادئ التوجيهية لجامعتنا على الحاجة إلى قيادة التحوّل في العلوم والصحة والثقافة والمجتمع، باستخدام هذه المحاور الأساسية كجسور لتطوير مواطنين قادة للغد، فإننا في الجامعة الأميركية في بيروت نمضي قدما بتصميم وثقة. وبالتنسيق مع الجامعات الكبيرة الأخرى في لبنان والخارج، ولكن دائما مع الحفاظ على قيمنا الأساسية والتمسك بها، تهدف الجامعة الأميركية في بيروت إلى الانطلاق بجرأة إلى لبنان والعالم العربي.  نرسل أسطولنا من سفراء المعرفة، والتميز، والتفاهم. وإذ نتمسك بالتفاؤل في اليوم الأول من هذا العام المؤثّر ونتشجّع بتاريخ وطموحات هذه الجامعة العظيمة التي لا مثيل لها، فإننا نطلب من الجميع أن يُخطوا إلى الأمام بجرأة في عصر يمكن فيه للجامعة الأميركية في بيروت أن تحدث فرقا لطلابنا، ومجتمعنا وعالمنا، وهي ستفعل. شكراً جزيلاً.”

 

أخيراً نشيد الجامعة “الألما ماتر”، لينتقل بعد ذلك الجميع إلى حفل إستقبال بالمناسبة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى