شهيب: “سنمنع تسويق وتصدير المزروعات المروية بالصرف الصحي”
الطائر – لبنان:
جال وزير الزراعة أكرم شهيب يرافقه مستشاره الأستاذ أنور ضو على مجاري الأنهار والينابيع الملوثة بالصرف الصحي والنفايات والمواشي النافقة في البقاع، والتي يتم استخدامها في ري عدد من المزروعات، خصوصاً أن المزارعين بدأوا هذه الفترة تجهيز مضخاتهم لاستعمال هذه المياه في الري.
وقد استهلّ جولته بمحطة أولى في بعلبك قرب ثكنة غورو، ومن ثم تمنين التحتا-جسر الليطاني، والنبي أيلا-مجرى نهر الليطاني مروراً بطريق المدينة الصناعية في زحلة دير زنون-مجرى الليطاني، وصولاً إلى طريق الفيضة (زحلة باتجاه بر الياس).
ختام الجولة، كان بمؤتمر صحافي عقده شهيب في مصلحة زراعة البقاع في زحلة، حضره مدير عام الزراعة المهندس لويس لحود ورؤساء المصالح الزراعية: في جبل لبنان المهندس عبود فريحة، في البقاع الدكتور خليل عقل وفي بعلبك الدكتور علي رعد، ورؤساء دوائر الثروة الزراعية والثروة الحيوانية والتنمية الريفية والدراسات والتنسيق ورؤساء المراكز الزراعية في محافظتي البقاع وبعلبك-الهرمل، حيث بيّن وزير الزراعة مخاطر استعمال مياه الصرف الصحي في الري.
واستهلّ شهيب مؤتمره بالقول: “كنتُ أتمنّى أن أطلّ على اللبنانيين والمزارعين من البقاع بصورة أفضل من التي ستظهر على شاشات التلفزيون الليلة، غير هذا المنظر، إنما هذا واقع، وُجب علينا الإضاءة عليه حتى نواجهه ونعالجه إذا استطعنا، ولو متأخرين”.
وأضاف: “الجولة كانت بعلبك موقع ثكنة غورو، تمنين التحتا جسر الليطاني، النبي أيلا، زحلة طريق المدينة الصناعية ديرزنون ومن ثم الفيضة. هذه الجولة بهدف حماية صحة الإنسان، الإنتاج الزراعي والتصدير الزراعي إلى الخارج. مع بداية موسم الري الزراعي فلنسمّي الأمور بأسمائها. أولاً في الوزراة علينا مسؤولية، نبدأ من أنفسنا، المسؤولية أعتقد هي مسؤولية بالإرشاد، بالمتابعة من خلال المصالح بترشيد في موضوع المياه، إن كان بالتنقيط في الري أو بالبخاخات أيضاً في أوقات الري، وفي استعمال الأسمدة والمخصّبات والرش والمبيدات. هذا دورنا في الوزارة وعلينا مسؤولية كبيرة على المصالح وعلى الإدارات المختصة في عملية المتابعة اليومية في هذا القطاع، كي نستطيع أن نؤمّن على الأقل مياه صالحة للري”.
وتابع شهيب: “مسؤولية البلديات واتحادات البلديات كبيرة، لا يمكن أن نرى بلدية بحجم بلدية زحلة وهناك بقرة نافقة في النهر، في أملاك زحلة، أو توجد فيه كل المخلفات الصناعية من مصادر الصرف الصحي التي تُحوّل بشكل كامل، مياه آثنة إلى جانب الدبّاغات ومخلفات المصانع والنفايات المنزلية الصلبة التي تُرمى بشكل يومي. بلدية بهذا الحجم لا يمكن أن تقبل بواقع مثل هذا الواقع”.
وأضاف: “وعندما نتحدّث عن الليطاني وبحيرة القرعون نتحدّث عن مصادر المياه في البلد وعن مصادر المياه للمنطقة الساحلية. القرعون هو الخزان الأساسي، القرعون يتغذّى بالأنهر وبروافده، وتوجد فيه هذه المخلّفات منذ سنوات، ورغم كل ما تمّ القيام به، لا أحد يتابع هذا الملف، خصوصاً مياه الصرف الصحي. وقد ركّزنا اليوم على مسألة مهمة، إذ أنه حتى المحطّات التي أُنشئت يُكسر القسطل وتُحوّل مياه الصرف الصحي لري ليس فقط المزروعات، بل لري مشاتل، أي يتمّ نقل الشتل من مكان إلى آخر، وهنا الخطورة الكبيرة”.
وأردف وزير الزراعة بالقول: “إذاً موضوع مسؤولية البلديات واتحاد البلديات كبيرة، المفروض عليها رفع مياه الصرف الصحي عن مجاري الينابيع ومجاري الأنهر وروافده، البردوني – الغزيّل- الليطاني وملاحقة المخالفين، فهذا موضوع لا يُترك، وإذا تركنا الأمور على غاربها كما هو حاصل اليوم، ستزيد هذه الكارثة يوماً بعد يوم، وسنة بعد سنة سوف تستعصي علينا عملية القيام بأي إصلاح”.
وقال: “موضوع منع رمي النفايات، أيضاً هناك مسؤولية كبيرة على الوزارات المعنية، وزارة الطاقة والمياه، الصناعة والبيئة. موضوع تنظيف مجاري الأنهر، نرى رخصاً في بعض المناطق، في المنطقة الساحلية باسم رخصة تنظيف مجرى مياه. ماذا يفعلون في تنظيف هذه المجاري التي لا يوجد فيها ما رأيناه هنا؟ إنّهم يقتلعون الصخور والتراب، أي يستفيد من ينظّف ويحقق مكسب مالية، علماً أنه إذا تنظّفت مثل هذه المجاري التي زرناها اليوم، فإنّ الزراعة تستفيد والناس تستفيد والإنسان يستفيد والبلديات تستفيد، وليس بتنظيف تلك المجاري”.
وتابع شهيب: “إذاً هناك موضوع تنظيف مجاري الأنهر، منع التعدّي ومنع أسباب التلوث خصوصاً موضوع الصرف الصحي والمياه الآثنة التي تصبّ فيها أو موضوع النفايات المنزلية الصلبة أو مخلّفات الصناعة والدبّاغات. تأمين مكبّات للنفايات، تأمين محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي. وهناك موضوع القوى الأمنية التي عليها أيضاً مسؤولية كبيرة في تنظيم محاضر ضبط فورية للمعتدين على ضفاف الأنهر والروافد، وتنظيم محاضر ضبط وإحالة للنيابات العامّة بحقّ كل من يكسر أو يفتح مأخذ أو مآخذ للصرف الصحي وكلّ من يسهّل وصول مياه الصرف الصحي إلى مجاري الينابيع التي تضرب كل شيء”.
وأوضح أنه “حماية للإنتاج المحلي والحفاظ على سمعة وتعب وعرق الفلاحين في هذه المنطقة وبقية المناطق اللبنانية، ستُتّخذ إجراءات سريعة لمنع تسويق المنتجات في السوق المحلي أو التصدير. بالطبع عندما نريد أن نمنعها عندنا فعلينا أيضاً أن نمنعها في التصدير الخارجي، وستتّخذ الوزارة حقّ الإدّعاء الشخصي بحقّ المخالفين أمام القضاء”، مشيراً إلى أنه “هناك اليوم أمام القضاء ملفّات كبيرة جداً في موضوع الغذاء وسلامة الغذاء، لكن إن لم نبدأ من الأساس، وأنا أعتبر موضوع المياه أساسي في الري وفي المخزون وأساسي في الزراعة، إذ لا يجوز أن نطعم أولادنا بطاطا تُروى بهذه المياه، لا يجوز أن نعطي أولادنا خضاراً تحتوي على هكذا مصدر مائي أو على بعض هذه المصادر المائية”، مؤكداً أن “هذا لا يعني أن كل المناطق اللبنانية أو كل مناطق البقاع هكذا، أبداً. لكن هناك مناطق، على الأقل التي عاينّاها اليوم، هي بهذه المواصفات”.
وقال شهيب: “من أجل سلامة الغذاء، من أجل سلامة الإنسان، من أجل كرامة الإنسان والمزارع، على البلديات وعلى الوزارات المعنية وعلى القوى الأمنية، أن يقوم كل بدوره حتى نتمكّن من ضبط هذه العملية. إنّها صرخة نطلقها معكم، كمسؤولين ومزارعين ومواطنين وحتى بلديات من أجل معالجة هذا الموضوع المهم. لا يمكننا أن نضمن زراعة سليمة إذا لم يكن لدينا مياه سليمة. وقد بدأنا اليوم لأن موسم الري سيبدأ، وهذه السنة المياه جيدة، الله بعث الخير وهناك إمكانيات مائية متوفرة، وبالتالي علينا ألا نذهب إلى الأسهل بموضوع المياه التي هي المياه السطحية ونترك المياه الصالحة للري”.
واعتبر أن “نواب المنطقة عليهم أيضاً واجب متابعة مثل هذه الملفّات معنا، هناك مشروع وطني كبير مطلوب أن يتمّ لتنظيف الليطاني وغيره من التلوث، حفظاً لبحيرة القرعون، حفظاً لمياه الري في معظم المناطق اللبنانية. وأشكركم على وقوفكم إلى جانبنا وأعتقد الإعلام هو “إيدنا الطايلة” بهذا الموضوع وهذا الملف، وبالتأكيد نعوّل الكثير على القضاء وعلى القوى الأمنية في متابعة هذا الملف”.
وردّاً على سؤال، قال شهيب: “موضوع الأضرار التي نتجت عن العاصفة الأولى والثانية، طُلب منا في مجلس الوزراء تقديم جردة بأضرار الخيم الزراعية، ورُفعت إلى مجلس الوزراء ومن ثم طلب منا أيضاً في العاصفة التالية، أن تقدّم كل وزارة تقريراً عن الأضرار، كله تقدّم عبر المصالح وانتقل إلى الوزارة، فقد حضّرنا ملفاً وتمّ تقديمه إلى رئاسة الحكومة”.
وعلى سؤال حول مشروع الليطاني وتنظيف النهر، قال: “عام 1996 و1998 كنتُ وزيراً للبيئة ودرسنا موضوع بحيرة القرعون والمجاري المائية التي تغذيه بالماء، ومنذ ذلك الوقت ولغاية اليوم لم نرَ سوى دراسات، لا يوجد عمل جدّي. وأتمنّى توفر الأموال إذا ما تمّ البدء بالتشريع في مجلس النواب في أقرب وقت ممكن، حيث تعرفون هناك أزمة سياسية في هذا الموضوع. فأنا أعتبره من الأولويات، لكن المشروع يحتاج إلى التمويل أي إلى مجلس نواب”، آملاً أن “يكون الملف من الأولويات مثله مثل أهمية أي ملف وطني أو سياسي بامتياز”.
وعن معامل التكرير، قال شهيب: “معامل التكرير منها ما هو قيد التشغيل، ومنها ما يقوم بدور بسيط أوّلي، ولكن ما رأيناه أن بعض الأشخاص يعمدون إلى كسر القسطل الذي ينقل المياه إلى محطة التكرير، وبالتالي يديرها إلى المياه والزراعة. المشكلة في الرقابة وفي المتابعة، علماً أن هناك محطات كثيرة جُهّزت ولم تشغّل حتى الساعة. أيضاً هناك دور على مجلس الإنماء والإعمار في متابعة هذا الملف لتشغيل المحطات، تحضيرها وتجهيزها، لتقوم بعمل كامل. ففي المحطات، مرحلة أولى وثانية، وفي المرحلة الثانية إذا تجهّزت تصبح المياه صالحة للري، لكن المشكلة أن القسطل يُكسر قبل أن تصبح المياه في المحطات”.
وعن سؤال حول العمالة السورية، قال: “زرتُ مدير عام الأمن العام وتفاهمنا معه على حل لهذه المشكلة، حل أعتقد أنه عملي للمزارعين، وهناك إمكانية للدولة اللبنانية أن تتابع موضوع العمالة من خلال دخولهم وحفظ أوراقهم الثبوتية وإعداد بيانات عنهم، وتبقى كل أوراقهم الثبوتية محفوظة بالأمن العام، وعند انتهاء الموسم يأخذون أوراقهم عند مغادرتهم”.