الطائر – لبنان:
برعاية نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة غسان حاصباني وحضوره، افتتحت الجمعية اللبنانية لأطباء الأمراض الجلدية مؤتمرها السنوي الثالث عشر للأمراض الجلدية بندوة عنوانها “دور الإعلام ومخاطره في الطب”، في فندق فينيسيا.
وحضرت السيدة اليسار جعجع ممثلة وزير الإعلام ملحم رياشي، وزير الصحة الكويتي السابق وسكريتير رابطة أطباء الجلد العرب الدكتور عبد الوهاب الفوزان، المقدم هادي أبو شقرا ممثلاً المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابرهيم، نقيب الأطباء البروفسور ريمون الصايغ، ورئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الجلدية الدكتور داني توما، رئيس الجمعية اللبنانية لجرّاحي التجميل الدكتور إيلي عبد الحق، وعدد من الأطباء المشاركين من أوروبا والعالم العربي ولبنان، وتخلل جلسة الافتتاح تكريمًا للدكتور سليم عرقتنجي.
توما
بداية، رحب رئيس الجمعية اللبنانية للأمراض الجلدية الدكتور داني توما بالحضور باسم الهيئة الإدارية. وقال: “مؤتمرنا هذه السنة يتناول مواضيع هامة في أمراض وسرطانات الجلد وتداعيات التلوّث البيئي، مع التركيز على الإجراءات الجلدية من حقن وليزر وجراحات تُعيد صحة الجلد بشكل جميل وطبيعي، وهي كلها ثمرة أبحاث أطبّاء الجلد. نفتخر بما توصلنا إليه من دقّة وتقدّم في العلاجات، ولكن وفيما نحن منشغلون في عياداتنا، تكاثر المتطفّلون وأصبح طبّ الجلد هواية وطنيّة وتحوّلَ التجميل إلى تبشيع إن لم يكن تشويه، وهذا ما يؤثر سلبًا على سمعة لبنان في طبّ التجميل والجراحة”.
وأضاف: “لقد قمنا في السنوات الماضية بعمل دؤوب أدّى إلى تنظيم العمل الطبي التجميلي في لبنان على الصعيد النقابي ووزارة الصحة العامة، نهايةً بقانون رقم (٣٠/٢٠١٧) الذي ينظّم عمل مراكز التجميل ويحصرها بأصحاب الاختصاص من أطبّاء الجلد وجراحي التجميل، ويمنع الإعلانات العشوائية”.
وتوجه إلى الوزير حاصباني قائلا: “هذا العمل لم ينته! فما زلنا بعيدين عن التنفيذ الجازم لهذا القانون، فنرى العديد من المراكز المخالفة، والإعلانات لعلاجات طبية وأجهزة وكأنها سلعة، والحديث التجميلي في الإعلام من قبل غير الأطباء. ومن هنا أهمية الندوة اليوم عن “دور الإعلام ومخاطره في الطب”، التي نتمنّى أن تكون آخر المطاف لتحقيق ضبط الفلتان الإعلامي لنحفظ سلامة الناس والطبّ في لبنان. وهناك مواد تنظيمية لا بدّ من بتّها مثل ضبط توزيع مواد التجميل بأصحاب الاختصاص حَسَب وصفة طبّية لمنع وصولها إلى المخالفين”.
وتابع: “يتمتّع طبّ الجلد بثورة نوعية أخرى خاصة في مجال الأدوية البيولوجية التي تعيد الصحة الجلدية لمرضى الصدفية والثعلبة والبهاق، وهي أمراض لطالما كانت مستعصية، وهنا لا بدّ أن نذكّر بالحاجة لتخفيض أسعار هذه الأدوية مهما كان دعم الوزارة كبيراً حتى يتمكن عامة الناس من تحمّل أعباء تكاليفها. إن طبّ الجلد اختصاص غنيّ بأطبائه وعلاجاته ومرضاه. هدفنا كجمعية علمية هو الحثّ على التعليم المستمرّ وتحسين ممارسة عملنا وصونه من المتطفّلين والمتاجرين حتى نقوم بواجبنا بأفضل شكل. شعارنا “المريض أولاً” ورايتنا الصدق والنزاهة والشرف”.
الصايغ
أما نقيب الأطباء البروفسور ريمون الصايغ فتحدث عن الرسالة الإنسانية التي يحملها الطبيب، مؤكدًا “أننا نجتمع اليوم في جلسة الحوار هذه ليس لندين الإعلام كأطباء ولا لنتهجم عليه، بل لنؤكد تكامله مع كافة الحقول والميادين التي يشكل الطب أحد اكثرها دقة، وقد يكون مفيدًا التواصل بين الجسمين الإعلامي والطبي، من أجل وضع ميثاق شرف مشترك، عنوانه الاساسي الاخلاق وسرية الحالات الطبية… وقدسية المهنتين، ضمن المسؤوليات الواقعة على عاتقهما”.
كما اعتبر أنه هناك تحديات عدة يجب طرحها للنقاش بين الإعلاميين والأطباء وبين الوسائل الإعلامية ووسائل الإعلام وذلك ان الإعلام الطبي والتوعية الصحية لا يساعدان على تحسين حياة الناس واسعادها وحسب، بل لهما مردود اقتصادي كبير على ميزانية الصحة بالدولة حين تكون ثقافة الوقاية من الإصابة بالمرض مقدمة على ثقافة التداوي والعلاج، فالمرض لا يصيب أعضاء الجسم وحسب، إنما طاقته النفسية وطبيعة سلوكه”.
وشدد على “أنه إذا كنا نعاني من عشوائية البث والنشر على بعض وسائل الإعلام فإننا نواجه عشوائية وفوضى على مواقع التواصل الاجتماعي حيث لا رقابة ذاتية ولا ضوابط”.
جعجع
من جهتها، أشارت ممثلة وزير الإعلام ملحم رياشي السيدة اليسار جعجع إلى “أننا في عصر أصبح فيه الطب في متناول الجميع وبنقرة على الانترنت أصبح بالإمكان الحصول على المعلومات الطبية من المواقع الالكترونية العالمية وممكن أن تكون هذه المعلومات خاطئة”، مشددة على وجوب على عدم العودة إلى هذه المراجع وأن يكون الإعلام صارمًا وقاطعًا فيما يتعلق بالأمور العلمية وخصوصًا الطبية”.
ولفتت إلى أنه “بما أن هدف الإعلام إيصال المعلومات ومنها المعلومات الطبية، يجب على الإعلامي التحقق من مصادره قبل أن ينشر المعلومة لما فيها من وقع وتأثير سلبي على المتلقي…”
كما أكدت أن الفرق بين الإعلام الترهيبي والإعلام الدقيق بسيط جدًّا، وهذا ما نراه في الإعلام الحربي والاقتصادي والرياضي… وهذه الدقة يجب أن تضاعف في القطاع الطبي، لما يتضمنه من أمور تهم الناس أكثر من سواها. وإذا أردنا أن نتحدث عن إعلام مراقب ورقابة إعلامية فموضوع الرقابة الإعلامية الطبية يجب أن يكون من الأولويات لذلك يجب في هذا الإطار أن يكون الإعلام إعلاميًا فقط وأن يترك للأطباء والاختصاصيين معالجة المواضيع والاستطراد فيها”.
وختمت مشددة على “أنه فيما يتعلّق في الأخطاء الطبية، يجب على الإعلام أن يكون حذرًا جدًا في معالجة هذه القضية”.
حاصباني
وألقى وزير الصحة العامة غسان حاصباني كلمة قال فيها: “في هذا القطاع، من الواضح جدًا أن هناك جزءًا اقتصاديًا كبيرًا، من ناحية تأثيره أو طبيعته، لكن الأهم هو الجزء الصحي الإنساني والطبي، الذي بغض النظر عن جهته الاقتصادية من ناحية الحماية الاقتصادية أو الحماية الدعائية أو غيرها، تبقى الحماية الأساسية للمواطن أو المريض أو المستهلك الذي يتلقى الخدمات الطبية أو العلاجية وحتى التجميلية منها، لأنها تلمس صحة الإنسان بشكل عام. وعندما نلمس صحة الإنسان، أصبح لدينا بالتالي مسؤولية أخلاقية تجاهه كأشخاص عاملين في هذا القطاع. وحتى لو لم يكن الإنسان على معرفة بمصلحته الشخصية لأن ليس لديه الخبرة الكافية، يبقى دور العامل في هذا القطاع هو التوجيه والتوعية وتطبيق الضمير المهني الذي هو الأهم، والذي نضيف إليه الأمور التنظيمية والقانونية والتشريعية بشكل عام التي تستلزم وقتًا طويلًا، والكثير من الاستشارات، لحماية حقوق جميع المنضوين تحت هذه المنظومة، وتدعّم من ناحية القانون والتشريع العمل المهني الأخلاقي، فهي لا تحل محلّه ولا تلغيه، يجب أن نعمل بأخلاقيات عالية، حتى في ظل وجود القانون، وذلك لأن هذا القانون لا يمكنه أن يغطي كل شيء حتى لو طبّق جيدًا، لأن هناك ثغرات وطرق للتذاكي عليه”.
وتابع: “لذلك يجب علينا أن نقوم بهذه التشريعات ونضعها ونطبقها ونتعاون جميعا في هذا المجال مع المحافظة على أخلاقيات مهنية عالية في هذا القطاع، كما في القطاعات الصحية الأخرى، لأن هذا القطاع تحديدًا يضع لبنان على الخارطة السياحية في المنطقة، لأنه يستقطب العديد من المهتمين وخبرات كبيرة لبنانية من حول العالم للقدوم للعمل في لبنان، كما يؤمن فرص عمل كبيرة، لذلك المصداقية في هذا العمل أساسية لاستقطاب الزوار والسياح. والمصداقية تعني عدم وقوع أخطاء، وتناقل الخبر الإيجابي الذي ينتج عن أعمال ايجابية وجيدة يقوم بها الاختصاصي اللبناني، وعندما يكون هناك ضبط أو محاسبة لمخالفين للقوانين أو للأخلاقيات العامة يتم ذلك بطريقة واضحة ومدروسة كي لا تؤذي الذين يعملون ضمن الأطر الصحيحة القانونية والأخلاقية”.
وشدد على أنه “يجب علينا أن نسلط الضوء على العمل الإيجابي وأن نقوم سوية بالتعاون دولة وقطاع خاص والمعنيين في هذا القطاع لكي نتمكن من ضبط أي عمل سلبي قد يؤدي إلى الأذى في سمعة هذا القطاع أوفي صحة أي إنسان يتوجب علينا حمايته. ونحن نتعهد في وزارة الصحة أن يكون عملنا دائمًا ضمن التشريع ووضع الأطر التنظيمية لديمومة واستدامة العمل الذي نقوم به، لحماية المريض والمواطن أولًا وتنظيم القطاعات بالطريقة القانونية. والمقاربة لدينا هي الشراكة أي نتشارك سوية في التنظيم والمسؤولية والتطوير، يدا بيد لخدمة المجتمع اللبناني وهكذا نقوم ببناء دولة مؤسسات وليس فقط بناء مؤسسات الدولة”.
الندوة
وكانت ندوة شدد خلالها المشاركون على أهمية تحلي الإعلام بالمسؤولية والدقة وتشارك الجميع في المسؤولية.
واعتبر الوزير حاصباني أنه في موضوع الأخطاء الطبية والمسؤولية الإعلامية “يجب التأكد أولاً من دقة الخبر وثانيًا هناك جهات مختصة تقوم بالتحقيق عندما ترد شكوى وهي تعالج هذا الموضوع وهناك قضاء يحكم ويحدد المسؤوليات في حال وجود أخطاء أو مشاكل. المسؤولية مشتركة بين الجميع، أولاً المواطن الذي يجب أن يتمتع بقدرة التمييز بين الخبر الصحيح أو الخطأ. كما تقع المسؤولية أيضًا على الصحافي الذي يقوم بالتحقيق وعليه أن يتأكد من المراجع ويعرف الفرق بين إعلان الحقيقة أو التوصل إلى المعلومة والحقيقة وبين التشهير والتضليل، خاصة وإذا كان هو نفسه غير أكيد من المعلومة. وهناك أيضًا دور الوزارات المعنية خاصة وزارة الصحة، في حال تقدمت أي شكوى لديها، يجب أن تنظر فيها وأن تأخذ الإجراءات اللازمة. كما تتابع نقابة الأطباء الموضوع. إذًا إنها منظومة واسعة وكلنا مسؤولون وهنا يمكننا التحدث عن مجتمع متطور، خاصة مع التطور الحاصل على مستوى وسائل التواصل الاجتماعي حيث بات من الصعب تطبيق الضوابط والآراء التي تختلط مع المعلومات…”
ونوّه الدكتور توما بدور الاعلام المحترف وقال: “لكن لا يجوز أن يكون صوت التاجر أعلى من صوت المحترف. آن الاوان أن تتوقف البرامج الطبية التجارية المدفوعة”. وشدد على الفرق بين الخطأ الطبي والمضاعفات التي يمكن أن تحصل مع أي مريض وأي طبيب ولا يمكن إيقافها رغم كل التقدّم في الطب، ووجوب بقاء حالات المضاعفات الدراماتيكية بعيدة عن الإعلام ولا يمكن للإعلام أن يعين نفسه قاضيًا وخبيرًا صحيًا ومجلسًا تأديبيًا.
وأما جعجع فشددت على ضرورة حصر الظهور الإعلامي بالاختصاصيين وليس المتطفلين، ومنع الإعلانات في الأعمال الطبية.
من جهته، تحدث البروفسور صايغ عن الأخطاء الطبية، مشددًا على السعي للوصول إلى طريقة مثلى للتعامل معها، بالتعاون مع الإعلام، وبالتالي يجب أن نتجنب الحكم المسبق، ونترك الحكم للقضاء.