تعاون بين الاديبة اللبنانية حنان رحيمي والمخرج العراقي اسامة السلطان في عمل مسرحي يرى النور قريباً
الطائر – لبنان:
يتعاون المخرج المسرحي العراقي أسامة السلطان مع الأديبة اللبنانية حنان رحيمي في مسرحية «أبو حجر» التي تصوّر واقع الأشخاص الذين يعانون عاهات وتشويهاً، والمجتمع المتخلف الذي ينظر إليهم نظرة دونية. قصة «أبو حجر» تندرج ضمن كتاب «بائعة الأعشاب» لحنان رحيمي الذي نالت عنه جائزة القصة في «مهرجان همسة الدولي للآداب والفنون»، وجائزة تقديرية في «مهرجان العنقاء الذهبية الدولي». يعتبر أسامة السلطان أحد المخرجين العراقيين الذي أثروا الساحتين المسرحية والتلفزيونية بنتاج شكل خطاً خاصاً مزج بين السوريالية والتجريدية، مستلهماً إياه من تدرّج المعاناة في المجتمع العراقي خصوصاً والمجتمعات العربية عموماً. وهو إذ يعلي شأن الإنسان في مسرحه يعتبر أن الفن رسالة سامية لا يجوز التنازل عنها مهما بلغت الضغوط، من هنا يضطر أحياناً إلى الغياب بانتظار توافر ظروف تسمح له بتنفيذ عرض مسرحي يكون إضافة إلى مسيرته وإلى الحركة المسرحية العربية.
تُحضِّر مسرحية من تأليف الأديبة اللبنانية حنان رحيمي، أخبرنا عن تفاصيل هذا المشروع ومتى يرى النور على المسرح؟
«أبو حجر» نص قصصي للأديبة حنان رحيمي يندرج ضمن القصة القصيرة، لفت انتباهي وتم الاتفاق مع الكاتبة لإعداده للمسرح وبطريقة المنودراما بالنسبة إلى الورق، وكانت كتابته من مدة ليست بقصيرة، لكن قبل فترة شرعنا بالبروفات، وقريباً يرى النور كونه سيقدم باسم معهد الفنون الجميلة في بغداد.
ما أبرز خصائص قصة «أبو حجر»؟
تمحورها حول معاناة الإنسان المشوّه خلقياً منذ لحظة الولادة ومواجهته المجتمعات المتخلفة بدءاً من الأهل وهي معاناة أزلية. كانت نظرات الناس تنزل على أبو حجر مثل الحجر، لذا استخدم الحجر ليحاربهم بسلاحهم نفسه. تكمن أهمية القصة بواقعيتها وبكشفها مآسي أناس كان نصيبهم في الحياة أن يولدوا بعاهات لا يد لهم فيها ولا حيلة، مع ذلك يقسو المجتمع عليهم ويهمشهم ولا يلتفت إلى مقدراتهم ولا يراعي مشاعرهم… إنه المجتمع الوحشي الذي يبقى على الدوام يناصر القوي وينبذ الضعيف.
هل من نقط تشابه بين المسرحين اللبناني والعراقي؟
المسرح أينما وجد في لبنان والعراق وفي أي بلد في العالم متشابه في مذاهبه وتياراته الفنية. لكن برأيي النقاط المشتركة بين المسرحين اللبناني والعراقي أنهما يحملان الهمّ ذاته، همّ الإنسان الرازح تحت ظروف فرضت عليه وغمست لقمته بالدم وويلات الحرب والدمار… لكن في النهاية يبقى لكل مخرج أسلوبه وطريقة عمله.
معروف أن الوسط المسرحي في لبنان يستقبل باستمرار مخرجين عراقيين يقدمون مسرحيات على خشبته، من بينهم جواد الأسدي الذي أسس مسرح «بابل» في بيروت وبقي يعمل سنوات، فماذا عنك؟
لبنان حاضن الثقافة والمثقفين، ولي الشرف أن أقدِّم إحدى تجاربي المسرحية على خشبته، تماماً كما قدَّمت عروضاً على مسارح أوروبا وبعض الدول العربية، واعتقد ستكون هذه الخطوة، التي آمل أنها قريبة، فاتحة خير للاستمرار والتواصل مع المسرحيين اللبنانيين ومع الجمهور اللبناني. في تجاربي المقبلة سأحاول تأسيس عرض مغاير وبفريق عمل لبناني وعراقي كي نجوب فيه مهرجانات المسرح المهمة.
سوريالية تجريدية
تعتمد في الإخراج المسرحي على السوريالية والتجريدية، كيف توظف هذين الأسلوبين، وهل الهدف تمرير رسائل غير مباشرة إلى الجمهور؟
النص يحيلك إلى الرؤية واختيار المذهب أو التيار المسرحي، إلا أن أسلوب المخرج هو سمته الخاصة المعروف فيها. بطبيعة عملي في الدراما، لا سيما المسرح، أعشق الطقوس في المسرح وإدخال المتلقي في أجواء العرض وتبنيه الحكاية كما تبنيتها أنا، متكئاً على التعبيرية لألمر رايس والسوريالية لسلفادور دالي، ولا أحبذ الإفراط بالديكورات والسينوغرافيا، لذلك اهتم بالتجريدية وأن يأخذ العرض مجاله في التصدي لأية خشبة، حتى لو كانت غرفة صغيرة والجمهور جالس على الأرض، أو قاعة اجتماعات، أو حديقة، أو ملعب كرة، أو مسرح العلبة أو دائرياً… المهم أن نعيش معه ونحلق نحو أفق الفن والجمال والفكر.
بعد فوز مسرحيتك «حب في زمن الطاعون» بجوائز عدة من بينها درع الإبداع بمهرجان المسرح العربي بالقاهرة، هل تغير أسلوب تعاطيك مع مكونات المسرح من كتابة وتمثيل وعناصر أخرى؟
أنا حائز أكثر من 30 جائزة في الإخراج والسينوغرافيا، فضلاً عن دكتوراه فخرية ووسام الإبداع في الجامعة الكندية للمواهب العالمية عن مجمل أعمالي في التلفزيون والمسرح والسينما، ولدي حضور بين المخرجين العراقيين والعرب يحسب له… ذلك كله زادني إصراراً على متابعة مسيرتي المسرحية وفق النهج الذي اتبعه خدمة للمسرح الأصيل الذي يعكس أفكار الناس وتطلعاتهم ويغني ثقافتهم، وإن اضطررت من حين إلى آخر إلى الاحتجاب بسبب الظروف المادية كون المسرح الذي أعتمده لا يحقق ربحاً مادياً كبيراً…
ما أفق الحركة المسرحية في العراق اليوم في ظل ما يحكى عن تقشفات ترخي بظلالها على الحركة المسرحية؟
كل بلد يتعرض لما تعرض له العراق أكيد سيرمي بظلاله على مجمل الحركة العمرانية والإنسانية والثقافية، ومن أهم الظروف التقشف. كنا نشتغل عرضاً مسرحياً وفيلماً وبرامج تلفزيونية على الأقل في السنة. راهناً بات من الصعوبة العمل بهذه الوتيرة، وأنا من القلة القليلة من المخرجين التي انحصر عملها في التلفزيون.. باعتبار أن المسرح والسينما يتطلبان إنتاجاً ضخماً، وكي لا أضطر إلى تقديم تنازلات على حساب الرؤية الإبداعية.
منهل الإبداع
كيف أثرت الحروب المتتالية على العراق في مسرحك ورؤيتك له؟
برأيي، الظروف الصعبة هي المنهل للإبداع وهي التي تصوغ الحس والمشاعر للمنجز الإبداعي رغم التأثيرات الإنتاجية، لكن نسعى إلى صياغة عروض بإمكانات محدودة وبسيطة ومسرح يشار إليه بالبنان، فمن جانب تعطينا تلك الظروف رؤى ومن جانب تتعبنا إنتاجياً.
هجرت المسرح لفترة وانصرفت إلى إخراج برامج تلفزيونية، هل الدافع هو المردود الضعيف للمسرح أم رغبة في خوض مغامرة جديدة؟
المردود المادي الضعيف وعدم الاهتمام بظروف الفنان المسرحي الذي من حقه أن يعيش وعائلته ببحبوحة وكرامة، لذا لجأت إلى القنوات الفضائية واستثمرت معرفتي بفن التلفزيون والإخراج لأوفر عيشاً لائقاً لأولادي في هذه الظروف الصعبة، فضلاً عن التأني في اختيار النصوص والقراءة المكثفة لتطوير المعرفة.
عندما تكتب بنفسك نص مسرحياتك وتخرجها هل تجد سهولة في التعبير عن رؤيتك الفنية أكثر مما إذا أخرجت نصاً لكاتب آخر؟
عندما يملك المخرج موهبة الكتابة يكون أفضل من المخرج الذي يعتمد على نصوص الآخرين، حتى وإن اشتغل المخرج الكاتب على نص لمؤلف آخر يكون قلمه مشرطاً يفكك ويبني جملاً في النص الآخر.
عندما يكتب المخرج نصاً يفعل ذلك برؤية صورية إخراجية، حتى إن تولى مخرج آخر مهمة تنفيذه على المسرح، يكون قد حصل على مفاتيح تساعده في قراءة النص.
كيف تقيّم مستقبل المسرح في العراق وهل ثمة حركة على صعيد المخرجين الشباب؟
أكيد أن ثمة شباباً يأخذون فرصهم ويحققون حضورهم على الساحة الفنية والمسرحية العراقية. الفن تأثير وتأثر، فكما تأثرنا بالجيل الذي سبقنا ثمة جيل جديد يتاثر بنا، هكذا هي الحياة.
المصدر: المقال من كتابة منار علي حسن ونقلاً عن موقع الجريدة الكويتية
الاديبة حنان رحيمي من تصوير فريال نعمة