التعلم عن بعد تجربة عصرية لاستكمال العام الدراسي رغم تفاوت الآراء
تحقيق ميشالا ساسين: منذ بدء أزمة Covid -19، اقفلت المدارس والجامعات الرسمية و الخاصة، والمعاهد والمؤسسات التربوية كافة، وبدأت تجربة “التعلم عن بعد”، تجربة جديدة يختبرها الطلاب بهدف عدم خسارة عامهم الدراسي حتى تنتهي الأزمة وهي والوحيدة المتاحة حاليا وفرضت نفسها على الساحة التعليمية، لذلك حددت وزارة التربية والتعليم ثلاثة مسارات لهذه التجربة وهي البث التلفزيوني، المنصات الإلكترونية، والوسائل التقليدية.
يحتاج التعلم عن بعد أو التعلم الإلكتروني إلى توافر جملة عوامل في مقدمها الإنترنت والكهرباء، وهي تجربة جديدة فرضها الواقع في لبنان وتختلف بين مؤسسة تربوية وأخرى وبين أستاذ وآخر وطالب وآخر. من هنا روى عدد من الطلاب والأساتذة للوكالة الوطنية للإعلام تجربتهم الشخصية مع التعلم في المنزل.
جويل طالبة اختصاص علاقات دولية في جامعة خاصة اكدت انه “منذ بدء وباء كورونا إعتمدت الجامعة التعلم عن بعد وذلك عبر تطبيقي “MICROSOFT TEAMS” و “ZOOM”. ويتراوح وقت الحصص بين الساعة وربع الساعة والثلاث ساعات، وقالت :” يبدأ الدكتور بتسجيل الحضور وطريقة الشرح تختلف بين دكتور وآخر، إذ أن بعض الدكاترة يقرأون الدرس فقط، والبعض الآخر يشرح ويطلب أخذ الملاحظات. وبعد إنتهاء الحصة يرسل بعض الدكاترة الملاحظات المهمة والبعض الآخر لا يرسل شيئا، وجميعهم يضعون تسجيل الحصة على “E-Learning” ويطلبون الكثير من الفروض ويطلبون عرضها مباشرة في الحصة. بالإضافة الى أن بعض الدكاترة يضعون الفروض والدروس على “E-Learning” دون إعطاء أي حصة للطلاب.
وعن التجربة قالت جويل: “كل ذلك وضع عددا هائلا من الطلاب تحت ضغط نفسي كبير إذ أن معظمهم لا يفهمون لأسباب عدة منها: وضع الانترنت، طريقة شرح الدكتور، وانعدام التفاعل في الحصة. وجميعهم قلقون بشأن الامتحانات النهائية إذ ان مجموع الامتحانات النهائية أصبح 60 % من العلامة النهائية، علما أن علامة النجاح هي ما فوق الـ60 وبعض المواد تتخطى فيها علامة النجاح الـ 70. في حين أن إدارة الجامعة طالبت بالمستحقات المالية كاملة من دون أي حسم كما أنها أعطت مهلة محددة لذلك”.
من جهتها اكدت ريتا أستاذة في مادة الكيمياء في إحدى المدارس الخاصة في بيروت أن “تجربة التعلم عن بعد تبقى أفضل من عدم الدراسة، وقد تبعد الطلاب عن أجواء التوتر والخوف من تفشي “كورونا” كما يساهم التعلم عن بعد في تقريب العلاقة والتواصل بين الأساتذة والباحثين والطلاب”.
وعن العوائق قالت: “المشكلة هي في عدم تأمين فرص متكافئة لجميع الطلاب، بسبب تقنين الكهرباء وعدم توفر الانترنت للجميع، كما أن كثرا من الطلاب ليس لديهم هواتف خليوية ولا أجهزة كمبيوتر إلى جانب قلة الخبرة لدى شريحة من الأساتذة بأساليب التعليم عن بعد، مما ينعكس على أدائهم وعدم القدرة على إيصال المعلومات للطلاب”.
كما روى جيمي طالب صف ثالث سنوي علوم حياة في احدى المدراس الخاصة في الشمال، أنه “بعد إغلاق المدارس بسبب وباء COVID-19 المستجد، بدأت المدرسة بالتواصل مع التلامذة وتزويدهم ببعض الفروض، لكن عندما اشتدت الازمة، قررت المدرسة بالتنسيق مع المعلمين استكمال الدروس عبر تطبيق “ZOOM”. وبالاتفاق بين التلامذة والمعلمين تم وضع برنامج للحصص التي تتراوح مدتها بين 40 و80 دقيقة”.
وتابع: “يباشر استاذ كل مادة بتعداد الحضور ويبدأ بشرح الدرس ويتم التواصل بين الاستاذ والتلميذ، يتشارك كل من الاستاذ والتلامذة بحل التمارين التطبيقية لفهم الدرس. لكن في المدرسة يتم التواصل مباشرة مع الاستاذ وتصل الفكرة أسرع”.
وأشار الى أن “هناك بطئا في الـinternet عند الجميع وذلك يؤدي الى صعوبة في التواصل مع الاستاذ وفهم الدرس”.
وعن الامتحانات الرسمية رأى أن “هذا الوضع يثير التوتر والقلق والضغط النفسي لدى التلاميذ، الاهل والاساتذة على حد سواء، لذا نأمل ونتمنى على الجهات المعنية ان تأخذ في الاعتبار الحال النفسية التي يمر بها التلميذ حاليا، خصوصا مع تكاثر الاحداث أخيرا في لبنان”.
دور الأهل
لا يمكن ان ننسى أن للاهل دورا محوريا واساسيا في نجاح هذه التجربة، وخصوصا في مساعدة الطالب على التركيز أثناء تلقي الحصة، هنا تقول زينة أم لثلاثة أولاد: “إن التجربة جديدة ولكنها مهمة جدا كي لا يخسر الأولاد عامهم الدراسي”. وقالت: “أسعى لتأمين جو هادىء في المنزل أثناء تلقي أولادي الحصص أونلاين ومساعدتهم قدر الامكان على الرغم من أن مشاكل الكورونا أثرت على صحتنا النفسية ولكن يجب أن نتخطى هذه الأزمة ونساعد أولادنا على الوصول الى النجاح وأن يبقى الطلاب في جو الدراسة”.
ماذا يقول علم الاجتماع عن تجربة التعليم عن بعد؟
للتعلم عن بعد مزايا عدة أولها، بحسب علم الاجتماع، إعداد الشباب الجامعي المقدم على سوق العمل على التعامل مع الشركات العالمية المتعاملة مع منصاته، ومن الأفضل طبعا أن يبدأ تمكين الجيل القادم الذي لا يزال اليوم في المدرسة على التكيف مع هذه التقنيات بكل سلاسة وفعالية، كما وتسمح منصات التعلم عن بعد للأساتذة باستخدام لغة العصر وتقنيات العصر والتحدث مع الشباب بلغتهم، كما يساعد “التعلم عن بعد على تدريب الطالب على الانضباط وحسن إدارة وقت العمل بكل نضج وثقة ومسؤولية، ويسهل التعليم عن بعد على بناء شبكة تساعد في التنشئة الاجتماعية.
اذا هناك من يستفيد من هذه التجربة ويتعبرها عصرية وتواكب التطور التكنولوجي السريع حول العالم وتخاطب لغة العصر، وهناك من يعتبر انها تحتاج بعض الوقت كي تصبح أكثر تطورا في لبنان وبخاصة في ظل مشاكل الكهرباء والانترنيت. وحدها الايام كفيلة في تحديد مسار هذه التجربة الجديدة التي وكما يبدو أنها ستصبح معتمدة في لبنان في المستقبل كسائر دول العالم حتى مع عودة الطلاب إلى المدارس والجامعات ولا سيما في ظل تطور وسائل التواصل الاجتماعي التي جمعت العالم أمام منصة واحدة. بكلمة، التعلم عن بعد يبقى الحل الأنسب لاستكمال العام الدراسي.
المصدر: الوكالة الوطنية للاعلام