“سيدة المزروعات الغريبة”.. لبنانية حوّلت حديقتها لأقواس حمضيات ونباتات من العالم
الطائر – لبنان:
كتبت هلا الخطيب في موقع الجزيرة:
المرأة أنثى والأرض أنثى، ومن الطبيعي أن تتعاطى المرأة مع الأرض والزراعة بأسلوب مختلف، إذ يجمعهما الحنان. هكذا تُعرف اللبنانية فاطمة خليفة شغفها وحبها للزراعة.
في بيتها في منطقة طير دبا جنوبي لبنان المحاط بحديقة، جعلت فاطمة مختبرها الأخضر ينبض حياة. فهي لم تتماه مع ما عرف في بلدها من مزروعات فقط، بل حوّلته إلى مكان تختبر فيه زراعات العالم وأشجاره، فتميزت بغرابة الأصناف التي تزرعها.
ودرست فاطمة الهندسة الداخلية وعلم الآثار في الجامعة اللبنانية، ولكن شغفها بالزراعة منذ صغرها جعلها تنخرط في دورات تصميم حدائق، كما عملت مع مهندسين زراعيين، وبدأت بمشاريع صغيرة لوحدها، فوجدت نفسها في هذه المهنة الأحب إلى قلبها. وساعدتها دراستها الهندسية لترسم الحدائق بتفاصيلها مع أماكن الكهرباء والماء وغيرها من تفاصيل التصميم.
نباتات غريبة
أرادت فاطمة أن تجعل عملها أكثر تميزا، فبدأت بالبحث عن الأشجار والنباتات غير التقليدية والغريبة وغير المشهورة في المنطقة، مما أعطى لمسة غرابة محببة لعملها. وبدأ الناس يحبون إضافة هذه النباتات إلى حدائقهم ويطلبونها. وتقول إن زمن كورونا جعل الناس يميلون أكثر للزراعة وينتبهون لتفاصيلها.
وتختار فاطمة -خلال سفرها- أصنافا مميزة، وفي كل رحلاتها كانت تزور مشاتل الدول وحدائقها، وتتوقف في أسواق بيع المشاتل والأزهار حيث تقضي معظم وقتها، وتأخذ الصور للأشجار المثمرة والملونة والنباتات الجميلة، وتكتب أسماءها وتجري بحوثها عنها.
وعندما تعود إلى لبنان، كانت تذهب للمشاتل الكبرى التي تستورد من الخارج، وتطلب من أصحابها استيراد طلباتها لصالحها كونها لم يكن لديها القدرة الخاصة على الاستيراد. وعندما تصل مشاتلها تزرعها في حديقتها والحدائق التي تصممها.
تقول فاطمة للجزيرة “بوصفي امرأة أحب الألوان، ورأيت الكثير من المهندسين الذين يفضلون المساحات الخضراء، لكنني كنت أفضّل إضافة الألوان والأشكال الغريبة”.
كانت فاطمة تجرب المشاتل في عملها قبل أن تبدأ بتوزيعها لترى إمكانية نجاحها في مناخ مختلف. فزرعت فاكهة الشوكولاتة (سابوتي شوكولا) وسابوديللا (أحد أنواع الفواكه الاستوائية) في بيتها، وعندما نجحت وأعجبها طعمها زرعتها في حدائق كانت تصممها.
ورغم أن البعض كان يظن أن مناخ لبنان لا يصلح لها، فإن التجربة كانت البرهان الأصدق لدى فاطمة، فزرعت شجر الليتشي (فاكهة استوائية موجودة في الهند والصين) ونبتة أصابع الليمون (يد بوذا) بعد أن رأتها في فرنسا وكان سعر الثمار غاليا، فاستوردتها عبر أحد المشاتل وزرعتها منذ سنوات وكان منتوجها جيدا. وتقول إن الناس في لبنان بدأوا يتعرفون عليها حديثا.
زرعت فاطمة أنواعا من الحمضيات المختلفة، كما زرعت الكستناء والبن والمكاداميا (نوع من المكسرات يشبه البندق) والجوافة السوداء وفاكهة التنين (بيتايا أو دراغون) والنجمة (كرامبولا) وعين التنين (لونغان) والتوت الأسود وفاكهة العاطفة (الباشون فروت) والدوريان (جاك فروت) والموز الأحمر وغيرها الكثير.
وتقول إنها لا تعرف توجّه السوق اللبناني إن كان يهمه النباتات الغريبة، وإن جل ما يهمها أن الكثير من الناس يطلبون منها هذه الأشجار والنباتات لزراعتها في حدائقهم وأراضيهم. وتشير إلى أن البعض زرع بساتين من بعض الأشجار كنوع من الليمون الأخضر (lime) والأفوكادو وغيرها.
الحمضيات بدل شجر الزينة
وتحب فاطمة أن تستخدم في حدائقها الكثير من الأشجار المثمرة كونها جميلة الشكل وذات فائدة مثل الليمون الزهري، فأوراقها جميلة وثمارها موشحة ومقلمة. كما تستعمل أقواس الليمون، فبدل أن يكون القوس مزروعا بنبات أخضر للزينة فقط، تزرع الليمون أو أنواع الحمضيات فتنتج شكلا جميلا وثمرا مطلوبا وتكون خضراء طوال العام.
رحلات ونباتات
وفي رحلاتها إلى أوروبا عامة، وهولندا وفرنسا وإيطاليا خاصة، لاحظت فاطمة أن بعض الأشجار الاستوائية مزروعة ومنتجة هناك، فاعتبرت أنها طالما نمت في جو بارد وفي بيوت بلاستيكية، فإن جو لبنان سيكون أفضل لها، وهذا ما حصل مع بعض الأشجار التي زرعتها في حديقتها كتجربة، وبعد نجاحها روّجت لها في الحدائق الأخرى.
وتقول “كنا نشتري كيلوغرام من ثمار الليتشي (فاكهة استوائية) بـ12 دولارا أميركيا، والكيوي نشتريه بالحبة حتى أصبحنا قادرين على تحقيق اكتفائنا المنزلي الذاتي ووفرنا الكثير”.
زراعة الشرفات
تقول فاطمة إنه من الممكن أن نزرع كل ما نريد على الشرفات، المهم مراعاة حجم النبات مع حجم الوعاء المزروعة فيه، ومدها بالغذاء المناسب لأنها ليست مزروعة في أرض طبيعية، ويكون لها جدول ري وغذاء صحيح وتربة مناسبة ويصلها ضوء الشمس، على أن نراقبها إذا أصيبت بأي مرض لمعالجتها وسؤال اختصاصي عن العناية بها لنحافظ عليها.
نباتات المنزل الداخلية
أما نباتات المنزل الداخلية، فيجب التنبه إلى حاجتها للنور، وتشير إلى أن معظمها آت من الغابات الاستوائية، حيث كانت تأخذ الضوء من خلال الأشجار ويجب أن نقلد حياتها الطبيعية من خلال الضوء غير المباشر عليها. ويجب عدم تعريضها للتدفئة أو التهوية الإضافية من المكيفات.
وتقول إن بعض النباتات تلعب دورا في تنقية الأجواء مثل الإمبوريوم والدراسينا والسبايدر بلانت (العنكبوت) والألوفيرا وغيرها.
النباتات المثمرة
وتفضل فاطمة النباتات المثمرة الصالحة للأكل، وحديقتها مليئة بأنواع الحمضيات، وهي نباتات دائمة الخضرة وشكلها جميل وتتغير ألوانها عبر الفصول من زهور إلى ثمار. وتقول إن بعض أنواع الليمون كالحامض الإيطالي يطرح الثمار طوال العام، فنرى على الشجرة الثمار والزهور في الوقت نفسه.
وتعتبر أن وجود بعض النباتات ضروري في المنازل، خاصة تلك التي لا تحتاج إلى اهتمام كبير، وهي جميلة وعطرية وتستخدم في الطعام مثل: الزعتر وإكليل الجبل والنعناع، ويوجد أنواع مختلفة منها، كما أن رائحتها جميلة ولا تحتاج إلى وعاء كبير، وجذورها صغيرة لا تحتاج إلى مساحة. وإضافة إلى ذلك تبعد الذباب والبرغش، وتستخدم في المطبخ أيضا.
المصدر: موقع الجزيرة – هلا الخطيب