الطائر – لبنان:
نشرت مجلة نيو إنغلاند الطبية (NEJM)، المجلة العالمية الرائدة في العالم، مقالة مرجعية عن بيتا-ثلاسيميا للبروفيسور علي طاهر، أستاذ أمراض الدم والأورام المرَضيّة ومدير معهد نايف باسيل للسرطان في المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت. (AUBMC)
وتهدف المقالات المرجعية في مجلة نيو إنغلاند الطبية إلى أن تكون بمثابة مصدر تعليمي أساسي ودليلاً إرشادياً للأطباء في جميع أنحاء العالم. ويكتب هذه المقالات كبار الخبراء العالميين في مجالاتهم، بدعوة من رئيس تحرير المجلة. وكانت مجلة نيو إنغلاند الطبية قد نشرت آخر مقالة خبرة مرجعية حول بيتا-ثلاسيميا قبل خمسة عشر عاما. وما اختيار الدكتور طاهر لكتابة هذه المقالة إلا شهادة ساطعة عن ثقة المجتمع الطبي العالمي بخبراء الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) ومركزها الطبي، الذين أثبتوا أنهم طليعيون في المشاريع والمبادرات البحثية العالمية.
وتُعرَف مجلة نيو إنغلاند الطبية بأنها دوريّة طبية رائدة عالمياً وتقدّم على صفحاتها وعلى موقعها الإلكتروني أبحاثاً عالية الجودة وخاضعة للمراجعة الندّية. كما أنها تقدْم محتوىً سريرياً تفاعلياً للأطباء والأساتذة والبحاثة والمجتمع الطبي العالمي.
وتركز مقالة البروفيسور طاهر بشكل خاص على الدراية والمعارف الجديدة بالإضافة إلى البيانات المعلوماتية العديدة من العلاجات الحديثة التي تساعد في تغيير النتائج العلاجية وتحسين حياة مرضى الثلاسيميا. وقد استندت المقالة إلى التعاون المكثّف وريادة المشاريع مع خبراء إقليميين وعالميين مثل البروفيسورة ماريا كابيليني، المؤلفة المشاركة للمقالة. وقد ساعد هذا التعاون في تحويل مرض الثلاسيميا من مرض مُغفل إلى مرض يحظى باهتمام كبير من الجمعيات الطبية ومعاهد البحوث العالمية. وأبانَ الدكتور خالد مسَلّم، وهو طالب طب سابق في الجامعة الأميركية في بيروت ومشارك آخر في وضع المقالة، إمكانية واعدة لا مثيل لها في تطوير الأبحاث وقاد ملفاً بحثياً غزير الإنتاج ليصبح بحدّ ذاته رائداً عالمياً رئيسياً في اتجاهات الرأي.
والثلاسيميا هي اضطراب وراثي في الدم ينتشر بشكل كبير في منطقة المتوسّط والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. كما أنه أصبح مصدر قلق للصحة العامة في أوروبا والولايات المتحدة في ضوء الهجرات السكانية الأخيرة. والمرضى المصابون بالثلاسيميا لديهم قدرة منخفضة على إنتاج مادة الهيموغلوبين، وهي مكوّن رئيسي في خلايا الدم الحمراء البشرية المسؤولة عن توصيل الأوكسجين إلى الجسم كله. وعند غالبية مرضى الثلاسيميا يصبح العلاج الدائم بنقل الدم هو السبيل الوحيد للبقاء على قيد الحياة، وهذا ما يضع عبئاً كبيراً على كاهل المريض ونظام العناية الصحية.
وقد بدأ البروفيسور طاهر الاهتمام بمرض الثلاسيميا في أيام تدريبه الأولى في لندن. وعندما عاد إلى لبنان، تحوّل هذا الاهتمام إلى مسيرة مهنية بحثية بالنظر إلى العدد الكبير من مرضى الثلاسيميا في لبنان والمنطقة. وقد أسّس البروفيسور طاهر ما أصبح الآن برنامجاَ ذا شهرة عالمية لأبحاث الثلاسيميا، في الجامعة الأميركية في بيروت بالتعاون مع مركز الرعاية الدائمة (CCC) حيث تتم العناية بغالبية مرضى الثلاسيميا في لبنان.
ولقد هدف البروفيسور طاهر من برنامجه البحثي إلى أن يوفٌر للأُسرة الطبية فهماً أفضل للمرض ولمجالات تطوير علاجات جديدة له لتحسين النتائج للمرضى. وكل هذه الجهود واردة في المقالة التي نشرتها مجلة نيو إنغلاند الطبية. ولقد قاد البروفيسور طاهر العديد من التجارب العالمية التي نتج عنها موافقة إدارة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة على مُستخلبات الحديد، وهي أدوية تساعد الجسم على التخلص من الحديد الزائد الذي يتراكم من عمليات نقل الدم المتكرّرة. وهذا التراكم يمكن أن يكون مميتاً لمرضى الثلاسيميا. كما يقود البروفيسور طاهر حالياً العديد من التجارب السريرية التي تقيّم علاجات جديدة تهدف إلى تقليل الحاجة إلى عمليات نقل الدم أو حتى الاستغناء عنها تماماً. والبروفيسور طاهر هو أيضاً من الأوائل الذين بيّنوا وجود مجموعة فرعية من مرضى الثلاسيميا الذين لا يحتاجون بالضرورة إلى عمليات نقل دم. وقد كشف عمله نتائج سريرية واحتياجات إدارية علاجية لهذه المجموعة، وحصل نتيجةً له على درجة الدكتوراه من المركز الطبي لجامعة ليدن. وخلال السنوات القليلة الماضية، أعاد عمل البروفيسور طاهر صياغة الطريقة التي نفهم بها مرض الثلاسيميا ونتعامل معه اليوم، ونجم عن ذلك تطوير إرشادات إدارية جديدة اعتمدها الاتحاد الدولي للثلاسيميا تحت قيادته.
والبروفيسور طاهر مصنّف حالياً ضمن أفضل مئة باحث في العالم من حيث الإنتاجية للمؤلفات حول أمراض الدم (في السنوات العشر الماضية)، كما أنه من بين المؤلّفين الخمسة الأكثر نشراً في العالم العربي (من العام 2012 حتى الآن)، وهو أيضاً من بين البحاثة الأكثر نشراً في العالم حول الثلاسيميا والعلاج باستخلاب الحديد.
وفي الآونة الأخيرة حصل الدكتور طاهر على تصنيف أفضل خبير في ثلاثة مجالات: فقر الدم، وبيتا-ثلاسيميا، والنسبة الزائدة من الحديد في الدم، وفقًا لدليل كبار الخبراء “اكسبرتسكيب”. وفي تشرين الثاني 2020 أبرزت دراسة دولية أجرتها جامعة ستانفورد مؤشراً مدمجاً قائماً على عدد الاستشهادات بالبحث، وأدرجت البروفيسور طاهر ضمن نخبة الإثنين بالمئة من العلماء، كل في مجال تخصّصه.
وهو شغوفٌ شغفاً مُطلقاً بتعليم وإرشاد الجيل الشاب من العلماء الأطباء، ومشاركتهم بمعارفه. وهو في الواقع مثالٌ يُحتذى به. والفرق الذي أحدثته أبحاثه وجهوده الدؤوبة وإنجازاته الفريدة على مر السنوات مفخرة للجامعة الأميركية في بيروت ولمركزها الطبي.