الطائر العربيالملحق
أخر الأخبار
شكراً من أعماق القلب لك يا قداسة البابا… شكراً لك ياصانع السلام والمحبة
الطائر – العراق:
بقلم: مُهند القيصر*
بتاريخ 5-3-2021 هبطت طائرة السلام في أرض الجمهورية العراقية وعلى متنها قداسة البابا فرنسيس رئيس الكنيسة الكاثوليكية الجامعة في العالم والذي يقدر عدد مؤمنيها اكثر من 1.13 مليار مؤمن في زيارةٍ غير مسبوقةٍ وفي زمنٍ غير معتادٍ، جاء حاجًا حاملاً معه رسالة المحبة والسلام والتأخي للشعب العراقي أجمع رغم جائحة كورونا والظروف الصعبة التي يمر بها البلد، حيث اعتبرت هذه الزيارة البابوية التاريخية الأولى الى العراق الجريح الذي عانى أرضها واهلها الكثير في الحقب التاريخية من حروب وانتهاكات وظلم، جاء البابا ليضمد جراح العراق ويعطي هذا الزخم الروحي الذي بات العراقيون متعطشون هذه التعزية الروحية من قبل عدة سنين!!..
كان في استقبال البابا ساسة الحكومة العراقية ببهجةٍ وفرحٍ مرحبين بزيارته التاريخية، ودعا قداسته في حواره مع الحكومة العراقية الى التعايش السلمي المشترك والعدل والمساوة مع جميع المكونات والأديان في هذا البلد العريق، واكد على ضمان مشاركة جميع الفئات السياسية والإجتماعية لخدمة العراق، والتصدي الى استغلال السلطة والى آفة الفساد التي باتت تنخر البلد بالكامل، من اجل العيش الكريم وتوفير فرص عمل للعاطلين والاهتمام بالفقراء والمهمشين وخاصةً جيل الشباب الصاعد.
بدأت زيارته الاولى في كاتدرائية سيدة النجاة أُم الشهداء في العاصمة بغداد والتي تعرضت الى مجزرة من قبل مجموعة ارهابية في عام 2010 ادى ذلك الى قتل ابناء رعيتها حوالي (48)شهيداً، أتى البابا حاملاً تعزيةً خاصة لشهداء الإيمان والتضحية، وكل هذا يقف المسيحيون من عامة الشعب ومنهم المرضى المقعدين إيضاً من (بيت عنيا) يستقبلون البابا بحرارة ويهللون بمجيئه حاملين في قلوبهم المحبة والبهجة. حيث التقى بالاساقفة والكهنة والرهبان والراهبات والمكرسين ومعلمي التعليم المسيحي ودعا قداسته الى نسج الأخوة والوحدة كما أن المسيح واحد وإيمانكم واحد.
كما واصل قداسته في اليوم الثاني زيارة الى محافظة النجف الاشرف ليلتقي مع اية الله العظمى السيد علي السيستاني المرجع الديني الاعلى للشيعة في لقاء اخوي وناضج بكل معاني الانسانية والروحية، أنها رسالة عالمية تحمل الكثير من المحبة والسلام وتقبل الاخر، واصبح هذا اللقاء التاريخي رمزاً وفخراً تحت مسمى “يوما وطنياً للتسامح والتعايش في العراق”.
وبعدها توجه قداسته الى مدينة اور الكلدانية في مدينة الناصرية لمشاركة الصلوات مع رجال الدين من مختلف الاديان الاخرى تحت سماء ارض ابونا ابراهيم، حيث تأثر قداسته كثيراً في استماعه للخبرات الانسانية والروحية من قبل اهالي المنطقة، واكد على التعايش السلمي المشترك بين جميع المكونات والاديان ونبذ العنصرية والطائفية والتحزب تحت مسمى “نحن كلنا اخوة”. وأختتم زيارته من نفس اليوم في كاتدرائية القديس يوسف لترأسه الاحتفال بالقداس الإلهي وبحضور شخصيات رفيعة المستوى من الحكومة العراقية وابناء الشعب المسيحي.
حيث واصل قداسته في اليوم الثالث زيارة الى مدينة الموصل وبالتحديد حوش البيعة والتي تضم اربعة كنائس مدمرة من قبل عناصر داعش الارهابي في عام 2017 وحولها الى أطلال!!، وكنيسة الطاهرة في بلدة قره قوش التي هي الاخرى تعرضت الى حرق وتدمير في عام 2014 من قبل داعش الارهابي، ناهيك عن ماخلفته هذه التنظيمات من هتك وقتل وتهجير للعوائل المسيحية والايزيدية، ورغم هذه الويلات والنكبات التي شهدت في الحقب التاربخية لهذه المدينة الجريحة، استقبله اهالي الموصل ومن جميع المكونات، بحفاوة كبيرة، ولوح أطفال المدينة بالاعلام العراقية والورود والرقص والبهجة حيث تعالت اصوات الفرح بقدوم رسول السلام ليحل في بلدتهم ويضمد جراحهم ويرفع من معنوياتهم في حثهم على الثبات والشجاعة في الايمان وان يتمسكوا بإرضهم وارثهم الديني والحضاري، رغم أن الشعب المسيحي مهدد بالتناقص او الانقراض!!.
وفي اخر محطة عامة من زيارته التاريخية الى العراق ترأس قداسته قداساً أحتفاليًا في عروس اربيل وبالتحديد في ملعب فرانسو حريري وهذا هو النشاط الديني الاخير بعد ماتم استقباله من قبل حكومة الاقليم في كردستان ومن ثم أستقبله الاف الناس في شوارع العاصمة اربيل معبرين عن مدى فرحتهم وسعادتهم عند مرور البابا من أمامهم، إذ استخدم قداسته العجلة الباباوية عند دخوله الى الملعب والذي يقدر عددهم حوالي (10) الاف مؤمن وقام بتحيتهم مشيرًا باجمل معاني الفرح والسلام حيث علت هتافات الشعب بالتصفيق والاهازيج والرقص ورفع الاعلام معبرين على مدى تضامنهم مع قداسته وحبهم لوطنهم ودعا البابا في وعظته على تجديد طهارة القلوب من الكره والحقد والازدواجية والانانية وان تستبدل جميع الخطايا بالملكوت الاتي، ملكوت المحبة والعدل والسلام.
فليحفظ الرب بلدنا العراق العزيز وكل ابنائه وبناته متحدين جميعنا بصوت إلهي واحد وبيد واحدة في بناء بلدنا العريق كي نعيش كما يرغب قلب الله لنا.
شكراً من أعماق القلب لقداسة البابا فرنسيس على اعطائه هذه الفرصة الثمينة في زيارته الى العراق رغم تعديه عمر 84 عاماً ومعاناته الصحية لكونه برئة واحدة!! ويعاني من مفصل الورك!! وكل هذا من اجل أن يقاسم كلمة الله معنا ويجعلنا متحدين تحت غطاء السماء وتشجيعنا على الثبات في ارضنا.. شكراً لك ياصانع السلام والمحبة ..فليشع نور الله على الدوام في وسط الظلمات .. آمين
مُهند القيصر*: خريج بكالوريوس علوم الحاسبات وخريج كلية بابل للفلسفة واللاهوت – معهد التثقيف المسيحي (دبلوم علوم اديان)