افتتاح المعرض العربي الدولي للكتاب الـ 58
الطائر – بيروت:
افتتح “النادي الثقافي العربي” بالتعاون مع “اتحاد الناشرين اللبنانيين”، في “البيال”، معرض بيروت العربي الدولي للكتاب الـ 58، برعاية رئيس مجلس الوزراء تمام سلام.
بداية، تحدث عريف الحفل عضو النادي الثقافي العربي علي بيضون فقال: “وتبقى الكلمة الضامن الوحيد. معرض الكتاب هو المناسبة، وهو الموعد، وهو الفرصة للقاء ثقافي حضاري طالما نفتخر به وننتظره. ومهما تقلبت الظروف وتهدمت المؤسسات وارتجت الرؤية فإن الكلمة تبقى الضامن. فسلاح لبنان الحقيقي هو الفكر وذخيرته المعرفة، والنادي الثقافي العربي يعطي الدليل الساطع على ان لبنان يبقى رغم الظروف القاسية في طليعة البلاد التي تكون فيه للكلمة قدسيتها”.
بدوره، قال رئيس النادي الثقافي العربي سميح البابا: “نفتتح اليوم معرض بيروت العربي الدولي للكتاب بالتعاون مع نقابة اتحاد الناشرين اللبنانيين في دورته الثامنة والخمسين. منذ ثمانية وخمسين عاما كان لنا نحن اعضاء النادي الثقافي العربي شرف المبادرة لاقامة أول معرض للكتاب في الشرق. خلال هذه السنوات الطويلة تطور المعرض بصورة جوهرية حجما وشكلا ومضمونا. طوال هذه السنوات كنا نبذل الجهد والاصرار على متابعة العمل، والثبات على الوعد والعهد لإقامة هذا المعرض السنوي دون أن نلتمس الشكر من أحد، أو طلب مكافأة من مؤسسة ما”.
وختم: “لا شك أن معرضنا اليوم يكتسب اهمية استثنائية في زمن نشهد فيه هجمة رجعية شرسة تعم مختلف البلدان العربية، وتملك تصورات وتطرح افكارا تشدنا الى الوراء مئات السنين. ولا يتورع اصحاب هذه الهجمة عن استخدام العنف بكل وحشيته الساخرة لنشر فكر وحيد الجانب لا يرتضي هؤلاء سواه، ويرون بأن الديمقراطية هي من اختراع الكفار، وان حرية الرأي تدخل في اطار المحرمات. ان معرضنا اليوم يكتسب هذه الاهمية لأنه يقدم النقيض الكامل لهذه الهجمة السوداء التي تعمد الى تشويه المفاهيم وتحاول طمس مطالع النور في تاريخنا الثقافي. ان معرض بيروت العربي الدولي للكتاب يفتح كوة من النور الوضاء في وجه هذا الزمن الردىء. وسيبقى هذا المعرض على مدى السنوات سنديانة دهرية وأرزة تطاول قامتها حدود السماء”.
ثم ألقت رئيسة اتحاد نقابة الناشرين سميرة عاصي كلمة قالت فيها: “نلتقي اليوم برعاية كريمة من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام لافتتاح المعرض 58 للكتاب، وهي تظاهرة سنوية تشهدها لؤلؤة الشاطىء ومرضعة القوانين بيروت. لمن دواعي سرورنا أن يكون راعي الاحتفال هذا العام رئيسا للحكومة كان وزيرا للثقافة يعرف هموم الشارع الثقافي وشجونه، وفي أيامه صدرت القوانين المنظمة لوزارة الثقافة والشارع الثقافي، وكان بعضها لم يحول الى مراسيم لتطبيقها، وهذا الأمر يحتاج إلى رعاية خاصة من دولته”.
وقالت: “للكلمة فعل السيف، فهي تصل وتعبر الحدود بسهولة أكثر من السلاح والمسلحين، ونحن عبر الكتاب، وعبر هذا المعرض، وعبر هذا النشاط السنوي المميز لمؤسسات النشر والرأي العام، وعبر كل الشعراء والمبدعين الذين يوقعون أسماءهم على الكتب في هذا المعرض وفي كل نشاط للكتاب، نستطيع أن نرسم حدودا سيادية امام الارهاب وبمواجهة كل متحد للقانون. لذلك، إننا يا دولة الرئيس، نطالب بدعم الكتاب والكتاب ورصد جوائز للمبدعين والمفكرين والمؤلفين”.
وختمت: “يا صاحب الدولة، يا صديق الكتاب، مبارك للبنان هذا المعرض للكتاب الذي يمثل بمجرد اقامته اكبر تحد لللارهاب ولمحاولة زعزعة استقرار النظام العام ، ويفتح الباب لقيامة لبنان رغم ما نواجهه من تحديات ، ورغم محاولة منع مؤسسات الدولة من القيام بمهامها لصالح ازدهار الانسان في لبنان ، ووضع العراقيل امام مهمة الجيش سواء الدفاعية او الامنية التي يساهم فيها كل كاتب لمصلحة استقرار لبنان .
اما الرئيس سلام فقال: “قبل أن أبدأ كلمتي، أود أن أتوجه بتعازي الحارة إلى الشعب اللبناني وإلى كل العرب، برحيل قامتين كبيرتين هما السيدة صباح والكبير الكبير سعيد عقل.
ننحني إجلالا أمام ذكرى صاحبة الصوت الذهبي التي كرست حياتها لتمنحنا الفرح، وأمام ذكرى العملاق الذي عجن لغة الضاد وطوعها ليخرج منها ما سحر وأدهش.
عزاؤنا أننا عشنا في زمن صباح وسعيد، وتشرفنا بالانتماء معهما إلى وطم واحد رفعاه إلى العلى”.
وافاد “إنه لشرف كبير لي أن أفتتح اليوم معرض الكتاب العربي. هذا العرس الثقافي السنوي الذي نحتفي فيه بالكتاب أولا، وبعاصمتنا، التي رغم كل شيء، ما زالت قادرة على احتضان مناسبة بهذا الحجم وبهذه الأهمية، لنا ولبلدنا… ولكل الكتاب والمثقفين اللبنانيين والعرب.
لا بد بداية من توجيه التحية الى النادي الثقافي العربي، إدارة وعاملين، وإلى اتحاد الناشرين، على الجهود التي يبذلونها لتجديد هذا التقليد السنوي العريق، الذي يحتل مركز الصدارة بين التظاهرات الثقافية الدورية في العالم العربي”.
وقال: “في أيامنا هذه، كثر الجهل أيها السادة. السياسة، بمعناها النبيل، ضاعت أو تكاد في غابة الفئوية والحسابات الضيقة. فصرنا لا نرى المسؤولية الوطنية إلا من منظار المصالح الخاصة، متعامين عن الأوجاع الحقيقية للناس، الذين ينتظرون منا عملا جادا ومخلصا ومتجردا من أجل تأمين حاضرهم ومستقبل أبنائهم”.
وأكد أن “لبنان يحتاج اليوم الى إعادة الاعتبار الى السياسة، بما هي تشريف للعاملين فيها ومسؤولية وطنية وأمانة. كما يحتاج منا جميعا الى إعلاء مصلحة لبنان العليا، وجعلها الهدف الأسمى الذي تجند له كل الطاقات وتسقط في سبيله كل الأنانيات.
بهذه الطريقة نستطيع مواجهة الواقع المرير الذي نعيش، ونخرج من دوامة النزاعات التي لا تنتهي، إلى رحاب حياة سياسية طبيعية تتسع للاختلاف والتنوع والتنافس، وللانتاج”.
واشار الى ان “المطلوب منا أن نتعالى، فنخفض نبرة الكلام لندرأ الفتن. أن نتعالى، فنتقارب لنتحاور. أن نتعالى، فنعيد عمل مؤسساتنا الى السوية الطبيعية لنحفظ نظامنا الديموقراطي. أن نتعالى، فنسارع إلى انتخاب رئيس للجمهورية.
المطلوب في اختصار، أن نرأف بأبنائنا ونصون هذا الوطن الجميل العزيز، أمانة لأجيالنا الصاعدة”.
وأكد أن “اللبنانيين، الذين أنتج كبار من بينهم الكثير مما في هذا المعرض من كنوز، قادرون بالتأكيد على إعادة الألق إلى هذا البلد، اذا ما أتيحت لهم الفرصة لاطلاق مواهبهم وتفجير قدراتهم. وبمثل هؤلاء المفكرين والكتاب الرواد، سيبقى لبنان في موقعه المميز، حاضنا تظاهرات ثقافية للكتاب وللفنون المسرحية والسينمائية والتشكيلية، وموئلا للإبداع والتفاعل الفكري الحر”.
وختم: “في انتظار أن يصلح حال السياسة، فلا تبقى مولدة للجهل، ولا مفسدة للعقول والقلوب، نغبطكم على ما أنتم فيه ونفخر بكم، ونهنئ أنفسنا بمعرض الكتاب العربي الذي يطوي عامه الثامن والخمسين بمزيد من الشباب والنضارة والريادة”.
وكعادته من كل عام، وزع “النادي الثقافي العربي” الجوائز الخاصة باختيار أفضل كتاب إخراجا وطباعة، ومنحت اللجنة الفنية الجائزة للأولى لأفضل كتاب وإخراج للأطفال كتاب “مغامرة الشاطر حسن” لجنان حشاش ورسوم نغمة صالحي – منشورات “أصالة للنشر والتوزيع” في لبنان.
أما الجائزة الثانية فنالها كتاب “الحروف المتشابهة” لسناء شباني ورسوم ليلى حمزة – منشورات ” دار مكتبة المعارف” – لبنان. وحجبت اللجنة جائزة أفضل كتاب إخراجا للكبار لعدم توافر الشروط الفنية.
بعدها، قص الرئيس سلام شريط الافتتاح وجال في أجنحة المعرض وتوقف عند جناح “الوكالة الوطنية للاعلام”، وكذلك فعل الرئيس السنيورة.
محمد ع.درويش