الطائر – محمد ع. درويش
بمناسبة يوم المرأة العالمي نتقدم بالتهنئة الى السيدة الفاضلة الدكتورة نعمت حبيب غندور أرملة الدكتور حسن صعب لدورها الكبير وعطاءاتها ودعمها لمسيرة المرأة وتطورها محلياً وعالمياً. وتكريماً لمسيرة العطاء من أجل تمكين المرأة من الوصول الى أعلى مستويات التميز والنجاح، وتعزيز مشاركتها في ترسيخ مكانة لبنان كنموذج يحتذى للنمو والتنمية والريادة والتطور. وتقديراً لدورها لدعم المرأة في كافة الحقول والمجالات.
لقد كان للدكتورة صعب دوراً هاماً في تعزيز مكانة المرأة وتمكينها في مسيرة الوطن. الدكتورة صعب نموذجاً مشرفاً، وقدوة يحتذى بها على مستوى المنطقة والعالم.
تعتز د.صعب بدعمها للمرأة العربية وحرصها على ان تكون المرأة متميزة على مستوى مجتمعها، وعلى مستوى وطنها لأنها تؤمن أن المرأة التي تستطيع أن تهز السرير بيدها اليمنى، يمكنها ان تهز العالم بيدها اليسرى. ولأن المرأة سند للوطن ومفتاح للسلام والتسامح.
كما تثمن د.صعب نجاحات النساء في المجالات الأكاديمية والإجتماعية والسياسية والإنسانية، والإعلامية، والتربوية ودعم وتعزيز قدرات ذوي الإحتياجات الخاصة وتنمية قدراتهم ومواهبهم لتمكينهم من الإندماج في مجتمعهم.
وتوجهت د.صعب بالتحية للمرأة اللاجئة غصباً عنها ولنضالها ودمائها وهروبها من بيتها حاملة أبناءها لتقهم خطر الحروب ونار المعارك.
لنقف دقيقة صمت وصلاة إحتراماً للمرأة وعذابها في المناطق الملتهبة حول العالم.
كما حيت د.صعب كل إمرأة سعت وحققت وأنجزت، وصمدت وناضلت وعملت فأثبتت حقوقها ودافعت عن وجودها، إمرأة بذلت جهوداً طيبة ولو على نطاق بيتها وعائلتها وتربية أولادها فأسهمت في نشر ثقافة السلام والتسامح والمحبة في بيتها ووطنها.
د. صعب كان لها أثر كبير في الخير والمحبة، وكان لها عميق الأثر في صناعة المشهد الإنمائي الجميل في بيروت والشمال والجنوب والبقاع وجبل لبنان. من خلال تأسيسها مع رفيق دربها وشريك حياتها زوجها الراحل الدكتور حسن صعب جمعية “ندوة الدراسات الإنمائية” عام 1964 بحلقة من عشرين أستاذا من أساتذة العلوم الاجتماعية في جميع جامعات لبنان. وافتتحت نشاطها بحلقات لم تعلن عنها استمرت لفترة عام. واستعرضت فيها المفاهيم العصرية للإنماء وتأثيرها في تفكير اللبنانيين. ونشرت أبحاث هذه الحلقات في كتاب الندوة الأول : المفاهيم الحديثة للإنماء في لبنان. وافتتحت الحلقات بالبحث الأول، الذي تناول مفهومنا للإنماء طارحا التساؤل عن وجود إيديولوجية إغاثة حديثة ؟ واعتمد كمحور للبحث المفهوم والتأمل المتكامل للإنماء، الذي يتجاوز مدلوله الاقتصادي إلى مدلول اجتماعي ثقافي مؤسسي. وهذا المفهوم الإنمائي الواسع الذي اعتمدته الندوة، منذ عام 1964 ، يمثل أحدث ما تطور إليه التفكير الإنمائي مع مزيد من التركيز على إنماء الإنسان : كل إنسان وكل الإنسان.
وتضم لائحة منشورات ندوة الدراسات الإنمائية مجموعةً قيّمة من الكتب التي تغطي معظم جوانب الإنماء في لبنان والمؤتمرات الوطنيّة للإنماء التي أطلقها الراحل د.حسن صعب في السبعينيّات من القرن الماضي، عندما كان الأمين العام للندوة.
لقد كان شعار د.صعب آنذاك “إنماء الإنسان…كل إنسان…وكلّ الإنسان”. ولقد تمكّنت ندوة الدراسات الإنمائيّة من خلال المنشورات الدوريّة من الإسهام الفعلي في عمليّة إنماء الوطن وتقديم الدراسات القيّمة حول المواضيع الإنمائيّة المختلفة في جميع المحافظات. فمن سياسة الانماء والتخطيط، إلى تربية جديدة في سبيل لبنان جديد، إلى المراجح المؤسسية والتوثيقية لإنماء الموارد الإنسانية، إلى مشروع قانون الانتخاب النيابي الجديد للجنة الأحزاب اللبنانية، إلى سياسة التخطيط للثورة العلمية التكنولوجية العربية، إلى الانماء السياسي والعملية الانتخابية في لبنان، وغيرها الكثير من القضايا التي كانت وما تزال محور النقاش الوطني.
لقد بذل د.صعب جهوداً مضنية في سبيل اشاعة التوعية الإنمائية بين المواطنين اللبنانيين الموجودين سواء منهم في القطاع العام او القطاع الخاص، وذلك لأن انماء لبنان، اي تطويره من دولة نامية الى دولة متقدمة يستدعي المشاركة الخلاقة من قبل جميع المواطنين، ويتطلب تكامل القطاعين العام والخاص في وضع السياسة الانمائية وتنفيذها. ومنذ انشأها وحتى رحيله بذل جهوداً جبارة في سبيل الغاية التي استهدفتها معتمد بذلك تنظيم المؤتمرات والحلقات الانمائية والعلمية اللبنانية والعربية والدولية. وتنشر نتائج مؤتمراتها وحلقاتها في كتب بلغت اربعون كتاباً اولها كتاب المفاهيم الحديثة للانماء في لبنان، وسلسلة كتب أصدرتها في ثمانية اجزاء حول استراتيجية الثورة العلمية التكنولوجية العربية، وكتب إنماء المحافظات، ورؤيتنا الإنمائية الإنسانية المستقبلية.
إنماء اليوم والغد هو غير إنماء الأمس!
فالتحدي أكبر.
لكن الإستجابة من شعبنا النبيل ستكون هي أيضاً إستجابة خلاقة أكبر!
ونختم بقول للراحل د.صعب “إننا ملتزمون بالعمل لإنماء الانسان · كل الإنسان وكل إنسان. وان المحنة العاتية التي عاناها الإنسان وتعرض لها الانماء من خلال الحرب الضاربة في وطننا العزيز لبنان عمقت تملقنا بهذا الالتزام ولم توهنه. ولن نستهين بخطورة ما حدث ولا نستخف بتحدي البناء الأشد خطرا. وإذا كنا نحتاج لمواجهة التحدي، لتعبئة شاملة لمواردنا وطاقاتنا ولتعاون فعال من إخواننا وأصدقائنا لإعادة البناء الأفضل، فإن حاجتنا الأولى والاهم هي لاستعادة ثقتنا بإنساننا واستعادة إنساننا ثقته بنفسه وبأخيه الإنسان ولاستعادة العالم ثقته بإنسانيتنا المنطلقة في سبيل التعمير والإنماء لا في سبيل التدمير والإفناء.”
شكرا لمن يعملون معنا للبنان الذي كان وما يزال يعمل دائما في سبيل الإنسان كل إنسان وكل إنسان.
مؤسسة حسن صعب للدراسات والأبحاث