“لا للعنف الإعلامي” ندوة في كلية الاعلام بجامعة الجنان
الطائر – طرابلس:
نظمت كلية الإعلام في جامعة الجنان ندوة أكاديمية لمجموعة من أساتذة كليات الإعلام في جامعات لبنان، بعنوان: «لا للعنف الإعلامي».
افتتح الندوة أستاذ الإعلام في الجامعة الدكتور أسامة كبارة، مرحّباً بضيف الشرف رئيس تحرير جريدة «اللـواء» الزميل صلاح سلام.
ثم بدأت الدكتورة مي العبد الله أستاذة الإعلام في الجامعة اللبنانية محاضرتها مؤكدة على أهمية الندوة، وهو دليل على إدراك جامعة الجنان وكلية الإعلام فيها على واجبها وضرورة التدخل السريع من قبل الباحثين والعلماء والأكاديميين للمساهمة في ترشيد أداء وسائل الإعلام والاتصال ودورها في المجتمع اللبناني. وقالت العبد الله: “ننطلق اليوم من حقيقة بديهية للجميع وهي أن وسائل الإعلام والاتصال في لبنان تمارس العنف بكل أنواعه، بتقديم الصورة العنيفة بدون تقدير، وتقديم الخطاب المتطرّف المستفز، وقصف القرّاء والمستمعين بوابل من الأخبار المحبطة والمقلقة والمزعجة .”
اما الدكتور جمال مجاهد رئيس قسم الإعلام في جامعة بيروت العربية قال: «لعلّ أهم دور سلبي تقوم به وسائل الإعلام هو جعل الناس يتعاملون مع العنف على أنه حدث عادي، ونزع الرهبة من استعمال العنف ضد الآخرين؛ حيث أنّ عرض مشاهد العنف وأخبار الجريمة باستمرار يجعل المشاهد مع مرور الوقت متحجّر القلب، بلا عاطفة، ولا يزعجه كم العنف الذي يشاهده».
وكانت مشاركة للدكتور جو عجمي رئيس قسم الإعلام في جامعة سيدة اللويزة قال فيها: «إنّ الإعلام اللبناني يساهم بالترويج للعنف لأنه يعيش في بيئة فاسدة ومفسدة وبالتأكيد بيئة عنيفة؛ فليس غريباً عن هذا الإعلام وهو من هذا النسيج اللبناني والاجتماعي والسياسي والطائفي والثقافي والاقتصادي، فهو ابن هذه البيئة وهو المؤثّر بها بلا شك.»
{ أما عميدة كلية الإعلام في جامعة الجنان الدكتورة غادة صبيح فقالت: «إننا أصبحنا اليوم نعيش في عصر الاقتحام، وليس الانفتاح، اقتحام يومي بالصورة وبالكلمة وبالصوت، هذا هو العنف الخطير الذي تمارسه وسائل الإعلام تطبيقاً لطبيعة مجتمع فقد قيمة احترام خصوصية وحق الآخر. هذا الأمر يخلق حالة من الاستنفار الدائم لدى الفرد وبالتالي العاملين في مجال الإعلام فيأتي الرد غالباً بطريقة عنيفة».
اما ضيف الشرف الزميل صلاح سلام ركز في مداخلته على عدد من العناوين السريعة منها:
ان الاعلام عندما تحوَّل إلى إداة تسلية وترفيه احتلت الإثارة مكان الرسالة ولأن هدف الإثارة الإستحواذ على أكبر قدر ممكن من الجمهور فان أبسط الوسائل هي العنف والجنس،حيث ساهمت ثورة الإتصالات بنشر أساليب العنف الجسدي والفكري، وأدت إلى إلغاء دور الرقابات، ومع إنتشار الفضائيات العابرة للقارات والهواتف الذكية أصبح من الصعوبة بمكان الحد من سيطرة العنف على المواد الإعلامية المتداولة.أجمعت معظم الدراسات التطبيقية بأن مشاهد وافلام ومسلسلات العنف تأخذ طريقها بسرعة إلى جموع المتلقين في القواعد الشعبية حيث الأغلبية الساحقة من المهمشين.
ولفت الى ان إحدى الدراسات الأميركية أكدت ان صور العنف على الشاشات الصغيرة تهيمن على خريطة البرامج وتصل أحياناً إلى 80 بالمئة الأمر الذي ساهم، وإلى حدّ بعيد، في زيادة الإضطرابات وحوادث العنف في الشارع الأميركي.ورغم كل التحذيرات الداعية إلى تقليل مظاهر العنف فقد بقيت نسبة العنف المقدمة في برامج للأطفال تزداد عاماً بعد عام، ووصلت إلى 99٪ خلال التسعينات.
وتناول إنتشار ألعاب الفيديو Video Games، الذى أدى في العقد الأخير إلى تفاقم مشكلة العنف عند الأطفال الذين يتعلمون في سن مبكرة فنون القتال والتصويب لقتل الأعداء.
ولفت الى ان بعض الدراسات في المنطقة العربية والعالم الثالث كشفت ان حوادث عديدة وقعت بطريقة تحاكي ما يحصل على الشاشات.وتُشير إحدى الدراسات إلى إعتراف 87٪ من عينة لشباب منحرفين في السجون المصرية ان السبب في إرتكابهم الجريمة يرجع إلى انهم كانوا يرغبون في تقليد أدوار العنف .
وأشار سلام الى انه في زمن الثورات والإضطرابات والفتن في العالم العربي، راحت وسائل الإعلام تتسابق في نشر ثقافة العنف والقتل من خلال التركيز على أكثر المشاهد عنفاً، وأصبحت نشرات الأخبار مقتصرة على الإنفجارات والاشتباكات….وساهم هذا الأداء الإعلامي اللاهث وراء الربح السريع، إلى تأجيج المشاعر، وإنتشار نيران الفتن من منطقة إلى أخرى.
وتناول محاولات ثلاثة وزراء للإعلام في لبنان هم: طارق متري، وليد الداعوق والوزير الحالي رمزي جريج، لوضع ميثاق شرف إعلامي، لتطويق الحملات السياسية والحد من إنتشار ثقافة العنف في المجتمع اللبناني، ويؤسفني القول ان أياً من هذه المحاولات لم يكتب لها النجاح لدواع وأسباب ليست خافية على أحد. ورأى ان الحد من إنتشار ظاهرة العنف في مجتمعاتنا يتطلب معالجات أبعد من صياغة التوصيات أو القرارات، لأي مؤتمر أو أي ندوة تناقش هذه المسألة المدمرة لمجتمعاتنا.وإلزام وسائل الإعلام بتجاهل حوادث العنف، وعدم نشر الجرائم والإرتكابات، يكون كمن دفن رأسه في التراب، وتسأل:هل الإعلام هو الذي يزرع العنف والإحباط والتهميش ؟.أليس العنف وليد عوامل إجتماعية ومعيشية ودينية ونفسية والإهمال المتمادي للمناطق الفقيرة .
وخلص الى ان الإعلام قد يكون مساهماً… ولكنه قطعاً ليس مسؤولاً عن زرع مفاهيم إستخدام القوة وثقافة العنف في المجتمع.
وعلى هامش الندوة تمّ توقيع كتاب «خربشات في زمن أسود» للإعلامية هناء حمزة، خريجة كلية الإعلام في جامعة الجنان.
محمد ع.درويش