احتفالية يوم المثقف العراقي في محافظة بيسان
الطائر – العراق:
شهدت محافظة بيسان مدينة العمارة العراقية على انعقاد احتفالية “يوم المثقف العراق” للعام 2014، وذلك بحضور حشد من المثقفين العراقيين الذين اتوا من محافظات عراقية متنوعة ومن الأردن والبصرة والنجف والموصل ومن عاصمة المعارف والعلوم وبستان الحرية ودار السلام بغداد العاصمة العراقية البهية بأعلام ثقافتها.
افتتحت الاحتفالية بالنشيد الوطني والوقوف دقيقة صمت على أرواح شهداء الوطن والثقافة العراقية. ثم تناول كل من عريفة الحفل تبارك فوزي وعريف الحفل علي عزيز في كلمتهم التعريفية أهمية هذا اليوم عند المثقفين العراقيين وكيف تم اختياره وتجسيده في توصيات (مؤتمر القمة الثقافي العراقي الأول) الذي انعقد عام 2011. وقد اقتطفا مقاطع بارزة من مقالات منشورة لأدباء وكتّاب أشادوا بأهمية (يوم المثقف العراقي) بوصفه مناسبة هامة تسمو بتكريم مبدعي الثقافة ومنتجيها وتهتم بأدوارهم الكبيرة في مسيرة الحياة ببلادنا. ومن أبرز
الكتّاب الذين ورد ذكرهم وتم الاقتباس من كلماتهم:(الأستاذ المتمرس الدكتور عبد الواحد محمد\ الأستاذ الدكتور تيسير الآلوسي(هولندا)، الروائي أمجد توفيق(بغداد)، الكاتب توفيق التميمي (بغداد)، الكاتب سعد حيدر(ميسان)، الكاتب إبراهيم زيدان (بغداد)، الكاتب ناظم السعود (كربلاء)، الأديب محمد رشيد والقاص محمد إسماعيل (بغداد)، الكاتب رزاق إبراهيم حسن (بغداد)، الأستاذ الدكتور قاسم حسين صالح (أربيل) و الدكتور باسم الياسري (الدوحة).
وقد القى مدير عام دائرة السينما والمسرح الشاعر الدكتور نوفل أبو رغيف كلمة وزارة الثقافة الذي امد فيها حرص الوزارة على التضامن مع منجز الثقافة العراقية وتوصيات مؤتمراتها التي انطلقت مع مؤتمر القمة الثقافي العراقي خصوصا البند التاسع الذي اعتبر يوم 25 تشرين الثاني من كل عام يوما للمثقف والثقافة العراقية وتمت الإشادة بجهود الاديب محمد رشيد الذي واجه تحديات كبيرة مع فريقه لتحقيق هذه الاحتفالية التي تحتفي بالمثقف العراقي. وألقى الشاعر أبو رغيف قصيدة جميلة تترنم بالعراق .
ثم القى كلمة المثقفين العراقيين الأستاذ عبد المنعم الأعسم الذي اشاد بدور المثقف العراقي في مسيرة التنوير والتنمية وفي بناء عراق جديد يساهم في تحقيق الأمن والسلم الأمر مشيرا إلى أهمية العمل على جعل هذا الاحتفال بـ (يوم المثقف العراقي) تقليدا سنويا والعمل بشكل جدي على تنفيذ توصيات ومقررات (مؤتمر القمة الثقافي العراقي) وانعقاد دوراته الجديدة التالية .
ثم شاهد الحضور تقرير عن (مؤسسة العنقاء الذهبية الدولية) ومهرجانها الجوال متضمنا مفردات افتتاح دورته الثانية في القاهرة.
تُليت بعد ذلك كلمة البروفيسور تيسير عبدالجبار الآلوسي باسم جامعة ابن رشد في هولندا، ومما جاء فيها:
“منذ فجر ولادة دولة المدينة الأولى وحضارتها المدنية في سومر المجد وجذور وجودنا الإنساني، تمسَّكَ العراقي بمنطق العقل العلمي وبمنجزه الفكري الثقاقي وفلسفته التنويرية. وعلى مرّ التاريخ عانى المثقف العراقي من أجل تقديم منجزه وتعرض لضغوط متنوعة مختلفة. ولكنه واصل دائماً العطاء بسخاء على الرغم من شظف العيش.
وإذا كان هذا ما خصَّ المنجز النخبوي ثقافياً معرفياً، فإنّ الوجه الآخر للثقافة هو كونها تعبيراً عن قيم سلوكية وممارسات للعامة من أبناء الشعب ما يعني أنّ الثقافة ليست منتجاً يولد في قمقم محجور بل هي وجود بفضاء يمتد بامتداد الوجود الجمعي للإنسان.. ومن هنا كانت ثقافات الأمم والشعوب وثقافة العراقيين شعباً متعدد الأطياف غني التنوع طبع منجزه بتلك التعدديو.
لقد احتفى العراقيون طوال مسيرتهم التاريخية التي تمتد إلى عمق التاريخ بالثقافة والمثقف وطالما كانوا يمنحونه مكانة اجتماعية مميزة ويسقطون عليه الألقاب التي تميزه بتميز منجزه تكريماً وتشريفاً واحتراماً وتقديم مزيد تقدير واعتبار…
ربما كان في يومنا ولظروف معقدة شيء من التراجع في الأولويات؛ لكن مجتمعنا يصر على السير بمهمة تقدير المثقف ومنجزه كونه راية من الرايات المجتمعية وكونه تمسكٌ بالقيم السامية النبيلة وإعلاء لمنطق الحكمة.
إنّ الغاية من اعتماد هذا اليوم الاحتفالي لا تكمن في تكريم المثقف النخبوي لوحده بل بتكريم تمسك المجتمع بالثقافة وبمعانيها في أنها أداة أنسنة وجودنا والارتقاء به وجعل ممارساتنا وسلوكياتنا في أبهى غنى قيمي نتطلع إليه درءاً لكل الآثار المرضية التي تحاول اختراق وجودنا..
إنّ جامعة ابن رشد وهي تتصدى لمهامها العلمية الأكاديمية ترى أن تلك المهام لا تنحصر بحدود التعليمي الرياضي البحت بل تؤمن وتعتقد بالقيمي الروحي ، بالثقافي بكل غناه وتنوعات خطابه ما يدفعها للربط بين منجزها وأدائها العلمي الأكاديمي وبين منجزها وأدائها في إطار الخطاب الثقافي ولعل مساهمتها المتواضعة بهذي الاحتفالية ليست إلا مفردة من تلك المفردات..
فتحية إليكم من أبناء جاليتنا في المهجر ومن مقر الجامعة في هولندا إلى حيث وجود جذورنا والتربة التي نمت وتنمو فيها ثقافتنا الإنسانية المتفتحة وحيث أنتم أيها الأحبة تحتفون بيوم المثقف إنسانا ومبدعا منتجا ولتكن احتفاليتكم فرصة مميزة للقاء مهم يكون بقعة ضوء تنثر رياحين المحبة والإخاء والتسامح وتحرك ما تلكأ متطلعين لاحتفاليات كرنفالية كبرى في قادم الظروف والأعوام وتحايا وتقدير واعتبار لكل من دعم تنظيم الاحتفالية والسلام”
فيما كان الأديب السيد محمد رشيد قد ألقى كلمة اللجنة التحضيرية لاحتفالية يوم المثقف العراقي التي أشاد في مقدمتها بجهد جامعة ابن رشد في هولندا ودورها بتحقيق الاحتفالية وقبلها مؤتمر القمة الثقافي ولجهات ثقافية مهمة عملت بصمت وقدمت هذا المنجز وشكر أيضا للمؤسسات والجمعيات الداعمة دورَها الطيب في هذه الاحتفالية وهي كل من: مؤسسة سومر للعلوم والفنون والآداب ومعهد الكوردي للدراسات والبحوث في هولندا و البرلمان الثقافي العراقي في المهجر وجمعية البيت العراقي لاهاي و رابطة الكتاب والفنانين الديمقراطيين في هولندا إلى جانب دور مخصوص لحضور دائرة السينما والمسرح ومؤسسة المراة و تجمع أفكار وعدد من المؤسسات الأخرى…
وفي إطار كلمته شاد السيد رشيد بأعلام باتت أنجم مسيرة الخطاب الثقافي العراقي كما تلك الشخصيات الثقافية البارزة والحاضرة دوما بمنجزها. ومنهم خالد الذكر عبد الجبار وهبي (أبو سعيد) الصحفي اللامع في جريدة اتحاد الشعب الذي قتل تحت التعذيب عام 1963 وخالد الذكر الروائي الصحفي الساخر شمران الياسري (أبو كاطع) الذي توفي في المنفى عام 1981 وخالد الذكر صالح اليوسفي صاحب امتياز جريدة التآخي الذي قتل بطرد مفخخ أُرسل له عام 1981 و دارا توفيق رئيس تحرير جريدة التاخي الذي اختفى قسريا عام 1981 والعالم البروفيسور عبد الجبار عبد الله الذي توفي عام 1969 والفنانة الكبيرة وجوهرة المسرح العربي وعميدة مسرحنا الراحلة زينب والفنانة آزدوهي صموئيل قديسة المسرح العربي والفنان القدير فارس المسرح العربي يوسف العاني الذي لم يستطع الحضور اليوم بسبب مرضه والقاص محمد خضير في عزلته المقدسة والشاعر مظفر النواب وحبه لمكانه الاثيري في مقهى الهافانا في دمشق.. إننا نستحضر كل هؤلاء لنقول كلمة لرموز ثقافتنا إنكم الأنجم الباقية تأثيرا وعطاءً…واختتم قائلا: معا نحلق في فضاء الثقافة وحقوق الطفل وقيم التسامح لنغير خارطة العالم نرسم سيناريو جديد لعراق بلا حروب …بلا ثكالى ..بلا يتامى ….احلم بسماء بلا أباتشي ..بلا فانتوم…ولكن بفراشات تمطر علينا الوان أجنحتها.
ثم أُلْقيت كلمة النائب في البرلمان العراقي السيد رافع عبد الجبار نوشي الذي أشاد باهمية هذا اليوم ومكانه الذي سيجسده مع الأعوام بخاصة كونه انعكاس للاهتمام بالثقافة والأدب.بعدها عاش المحتفلون لحظات مع موسيقى بعزف منفرد على آلة العود مقطوعة للفنان (أبا ذر)..
وكان البرلمان الثقافي العراقي في المهجر قد أرسل كلمته وهذا نصها: “الصديقات العزيزات والأصدقاء الأعزاء الأفاضل من مبدعي الثقافة العراقية تحية طيبة وبعد
شهدت الثقافة الوطنية العراقية انتعاشاً مميزاً مذ ولادة الدولة العراقية المعاصرة. وقد اعتمدت في الأداء والإنجاز على عمقها التاريخي كون شعوب ما بين النهرين كانت مذ فجر دولة المدينة في التاريخ الإنساني هي صاحبة المبادرة والتأسيس لتراث البشرية الحضاري وبالاستناد إلى منجز إبداعي ومنطق العقل العلمي الذي انتقل من جيل إلى جيل.. كما انطبعت الثقافة العراقية بغناها وثرائها من طابع التعددية في تركيبة المجتمع العراقي وتنوع الأطياف فيه.
لقد كانت ومازالت الثقافة العراقية حية بفضل عناصرها المبدعة وبفضل تمسك جمهورها الواسع ممثلا بالشعب العراقي بتكريم العقل ومنجزه وبفلسفة التنوير والفكر العلمي. ومن هنا فإننا إذ نفخر بخطابنا الثقافي وطابعه الوطني وجوهره الإنساني لَنُؤكدُ على تمسكنا بقيمه السامية النبيلة وعلى واجباتنا في إنعاش دوره المهم الكبير في الانتصار لعراق ينعتق من ثقافة العنف والجريمة مما يريد مجرمو الطائفية والإرهاب والفساد نشره لتمزيقنا..
إن عراق الخير والحضارة ظل منتصراً دوما على لحظات التلكؤ والانكسار الذي خدش تاريخه بوساطة قوى العنف والعسكرتارية، وطبعاً سبب استعادته مسيرة الانتصار كانت قوى الثقافة وخطابها. واليوم نحن متأكدون بتجربة آلاف السنين من المصاعب ومن مسيرة العطاء بأننا بخطاب الثقافة الوطني سننتصر للعراقي وكل حقوقه…
أيتها السيدات ، أيها السادة إن ثقافة التنوير التي نتحدث عنها هي ثقافة حرة أبية ترتقي بالإنسان على أساس المساواة والعدل والإخاء وعلى أساس رفض التمييز بين المرأة والرجل ورفض أشكال العنف بخاصة هنا ثقافة العنف الأسري وما يُوجّه ضد الطفل والمرأة وهي ثقافة سلبية جاءت مع قوى الظلام ومع جرائمهم وفلسفة العنف وسطوته السلبية…
من هنا نتطلع في البرلمان الثقافي العراقي لتعزيز ثقافة العمل ضد ثقافة التبطل والعطالة وثقافة الإنتاج إيجابا ضد ثقافة الكسل والاتكال والسلبية وثقافة التنوير ضد ثقافة الظلام وثقافة السلام والتسامح ضد ثقافة العنف بأشكاله والجريمة بأدواتها ثقافة المحبة والتآخي ووحدة وجودنا وطنيا إنسانيا ضد ثقافة التناحر والاقتتال والاحتراب…
إننا نريد بيوم المثقف العراقي تجاوز كل ما عانى منه في زمن الطغيان والدكتاتورية من استلاب ومصادرة ولنعيد له فرص العمل والعطاء بأروع الفرص والمنافذ وأبهاها
نحييكم ونشد على أياديكم جميعا في هذي الاحتفالية التي نطلقها اليوم بأجواء معقدة لكننا نثق بآمالنا المتفتحة أزاهير يانعة في عالم السلم والحريمة وبدولتنا المدنية الديموقراطية وعمقها الفديرالي والسلام”.
أما الفقرة الرئيسة التي كانت مسك الختام فقد تمثلت في الفقرة التكريمية. حيث جرى توزيع الجوائز (قلادة المثقف) و(الجوائز التقديرية) على المثقفين العراقيين. وقد جرى اختيار نخبة بارزة ومهمة منهم كي تطرز فضاء يوم المثقف العراقي للعام 2014 بفضل منجز إبداعي ثقافي كبير. أما قائمة المكرّمين فهم:
الفنان يوسف العاني \ القاضي زهير كاظم عبود /الفنانة سناء عبد الرحمن\الأديب محمود جاسم عثمان\ الفنانة فوزية حسن\الفنانة سوسن شكري\الدكتور زامل شياع(مدرب دولي تنمية بشرية) \ الإعلامي الدكتور مجيد السامرائي\الشاعر نوفل ابو رغيف\ المخرج جلال كامل\الفنان التشكيلي كاظم جبر العبودي\الفنان المسرحي أبو الحسن صلاح مهدي\ الملحن كاظم فندي\ الفنان التشكيلي عبد الباقي رمضان\ الفنان عبد الجبار الشرقاوي\ الكاتب ناظم السعود\ الأستاذ المتمرس المترجم الدكتور عبد الواحد محمد\ الفنانة آزادوهي صموئيل\ والاستاذ سعدي وهيب صيهود لدوره الانساني .وانتهت الاحتفالية بتكريم الاديب محمد رشيد من قبل وزارة الثقافة .دائرة السينما والمسرح. وسلم الشاعر د.نوفل ابو رغيف مدير عام دائرة السينما والمسرح الجائزة لجهوده المتميزة في الثقافة وارساء هذا اليوم (يوم المثقف العراقي ) . وراح ينشد الجميع من في القاعة نشيد موطني لتنتهي هذه الاحتفالية بحب العراق والعمل على رفع اسمه شامخا.
محمد ع.درويش