الزجل اللبناني على لائحة “تراث البشرية الثقافي غير المادي”
الطائر – لبنان:
بعدما أعلنت منظمةُ الأُونسكو دخولَ الزجل اللبناني لائحةَ “تُراثِ البشريَّة الثقافيّ غيرِ الماديّ” فدخل بذلك ذاكرةَ العالَم، وهو أَوَّلُ عنصرٍ لبنانيٍّ يَدخُل هذه “اللائحة” العالـميّة تراثاً لبنانيّاً عريقاً بأَعلامه وأَعماله، بادر “مركزُ التراث اللبناني” في الجامعة اللبنانية الأميركية إلى تكريم الحدث بإقامة ندوة في موضوع “الـزَّجَـل اللبنانيّ هُـويَّةٌ تُـراثـيَّة”، شارك فيها الدكتور عدنان حيدر، الشاعر جوزف أبي ضاهر، والشاعر موسى زغيب.
حضر الندوة الدكتور سامي العجم ممثلاً دولة رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، المديرة العامة لوزارة السياحة ندى سردوك، المدير العام حنا العميل، رئيس بلدية زوق مكايل المحامي نهاد نوفل، رئيس الجامعة الدكتور جوزف جبرا، وحشد كثيف من المهتمين والمتابعين.
افتتح الندوة مدير المركز الشاعر هنري زغيب معلناً الدافع إلى تنظيمها كبادرة أكاديمية أولى، آملاً أن تتعمّم وأن يدخل تراث الزجل اللبناني في المناهج الأكاديمية الجامعية والمنهجية المدرسية.
عدنان حيدر، وهو واضع كتاب بالإنكليزية عن الزجل اللبناني يصدر قريباً لدى منشورات جامعة كمبردج في إنكلترا، تحدَّث عن بحور الشعر وموسيقاه، بادئاً بتعريف الزجل كما اعتمدته منظمة الأونسكو بأنه “فنٌّ كسائر فنون الشعر، وإذا الشعر يتميز بفتنة البيان فالزجل يتميز بفتنة النغم”. وشدّد في بحثه على نقطة النبر في الزجل مقارنةً بما هي عليه في الكلام العادي أو في الشعر الفصيح، وأوضح أن في الزجل أسلوبين: المنفلت من الإيقاع وهو “نثر النغمات” لا انضباط موسيقياً فيه ولا التزام بحدود الوزن وقواعده، و”نظم النغمات” وهو المتّبِعُ قواعدَ النظم وبُحُورَه وأصولَها. وأعطى حيدر نماذج من الزجل عن الأسلوبين، بعضها إلقاءً وبعضُها الآخر غناءً لإيضاح المدّ الذي يلجأ إليه الشاعر الزجلي ليضبط نغمة غنائه البيت أو القصيدة.
جوزف أبي ضاهر، وهو صاحب موسوعة وسلسلة مؤلفات عن الزجل وأعلامه، تحدث عن “الغزل في الزجل”، متناولاً حضور المرأة في هذا الفن التراثي منذ مطالعه، وكيف المرأةُ ظهرَت فيه ملهمةً وحبيبةً وعاشقةً حرّكت المشاعر والعواطف، وقيل فيها الزجل غزلاً يلبس من الأوصاف ما جادت بها مخيّلة الشعراء، حتى إذا لم يكتمل هذا الغزل بالحبّ، أو واجه فشل، حلّ عِتاباً مشغولاً على نول الحنين والفراق. واختار أبي ضاهر مراحل زمنية تلت البدايات، في أبياتٍ من الأمير بشير الشهابي فأمين الريحاني وجبران وناصيف اليازجي وسعيد شقير، وصولاً إلى مرحلة التجديد في الزجل مع “أميره” رشيد نخلة، وبعده عبد الله غانم، ميشال طراد، أسعد سابا، عاصي ومنصور الرحباني، غابي حداد، إيليا أبو شديد، وختمَها بثلاثـيّة من العتابا لــخليل روكز، طانيوس الحملاوي وطانيوس عبده.
موسى زغيب عدّد أبرز أنواع الزجل: الـمعنّى، القرّادي، القصيد، المستحيلات، الـمجزّم، المخمَّس المردود، الدلعونا، العتابا، الميجانا، الشروقي، … وأعطى لكل نوع منها أبياتاً من قصائده المنبرية التي غناها على المنابر في لبنان والعالم العربي والـمغتربات اللبنانية التي نقل إليها الزجل عاطفة الوطن والحنين ولهفة الرجوع إليه. وقال إن “الزجل، قبل ظهور وسائل الإعلام الوسيطة أو الحديثة، كان هو وسيلة الاتصال بين الحدَث والمتلقي، وبين الوطن وأبنائه في الخارج”.
في الختام أعلن مدير المركز عن ندوة يقيمها حول مي زيادة في الاثنين الأول من آذار المقبل.
وحمل الحاضرون في نهاية الندوة العدد الأَول من مجلة “مرايا التراث” التي أَصدرها مركز التراث اللبناني في سلسلة منشوراته