مؤتمر يوروموني التمويل والتكنولوجيا شركاء من أجل النمو ينطلق في لبنان
الطائر – لبنان:
انطلق مؤتمر يوروموني المدعوم من كل من مصرف لبنان وهيئة السوق المالية اليوم عبر نقاشات مهمة على مستوى عال قادتها مجموعة من المتحدثين الدوليين والمحليين . وكان موضوع المؤتمر الأساسي هو التكنولوجيا والتمويل شركاء من أجل النمو.
و حضر المؤتمر أكثر من 300 خبير في مجال التمويل ، الاستثمار، الحكومة ، المنظمات الرقابية ، اقتصاديين واعلاميين.
افتتح حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الجلسة الافتتاحية وتبعته كلمة البروفسور جاسم عجاقة من وزارة الاقتصاد والتجارة ومقابلات مباشرة من مكان الحدث مع ممولين رئيسيين ، السيد سعد الأزهري رئيس مجلس ادارة بنك لبنان والمهجر والسيد فريدي باز عضو مجلس الادارة ومدير استراتيجية المجموعة في بنك عودة. وقال البروفسور عجاقة :” ان وزارة الاقتصاد والتجارة ومن خلفها الحكومة اللبنانية تتجه نحو دعم الاستثمارات في القطاعات التي تستخدم التكنولوجيا كوسيلة عمل نظرا لما تخبئه هذه الشركات من نمو واعد وتدعو المستثمرين الى الاستثمار نظرا للعائد العالي الذي من الممكن أن تحصده هذه الشركات.”
في جلسة قبل الظهر الأولى طرح سؤال مهم في النقاش الرقمي: كيف تستطيع التكنولوجيا أن تكون لعبة تبديل حقيقية في لبنان.
انضم السيد هنري عسيلي الشريك الاداري في “ليب فنتشرز” الشركة الرأسمالية الاستثمارية الأولى في لبنان للنمو وفي منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا والسفير البريطاني السيد توم فلتشرالى السيد ريتشارد بانكس المستشار التحريري لمؤتمرات يوروموني للنقاشات على شبكة تويتر مستخدمين التعليق المباشر ، نتائج الاستطلاع ومرتكزين على الأسئلة من الجمهور. وكان فلتشر قد افتتح خلال هذا الشهر مع حاكم مصرف لبنان محور التكنولوجيا وهي مبادرة بين حكومة المملكة المتحدة ومصرف لبنان تعمل على تشجيع الشركات المبتدئة ورجال الأعمال اللبنانيين وخلق روابط بين لبنان ولندن.
استتبعت جلسات بعد الظهر بنقاشات حول مراحل مسيرة الشركة المتعددة – بدء التمويل، تمويل النمو وأخيرا المشاركة في أسواق رأس المال الرئيسية.
يدعم كل من مصرف لبنان وهيئة السوق المالية جلسة المؤتمر الافتتاحي ليوروموني لبنان ويرعى كل من بنك عودة وبنك لبنان والمهجر هذا المؤتمر. أما مؤسسة أبو جودة وشركاه للمحاماة فهي الشريك الاستراتيجي للمؤتمر اضافة الى بنك البحر المتوسط وشركة (MEVP) و Euromena للموارد المالية كمؤسسات داعمة.
كلمة حاكم مصرف لبنان كاملة:
سيداتي سادتي،
إنه لمن دواعي سروري أن أتواجد بينكم اليوم وأشكر Euromoney على تنظيم هذا المؤتمر في بيروت.
كما تعلمون، إن البلدان الناشئة تواجه تحديات عديدة، مثل انخفاض أسعار السلع، لا سيما النفط. كما أنها تعاني من التقلبات الكبيرة في أسعار العملات، علما أن هذه التقلبات ستتواصل طالما لم تعد المصارف المركزية في العالم قادرة على اللجوء إلى معدلات الفائدة للتأثير على سياساتها النقدية.
كما أن سياسات تقليص المخاطر derisking الناتجة عن التدابير التنظيمية المشددة المفروضة على المصارف الكبرى، ستؤذي بشكل خاص البلدان الناشئة التي ستواجه صعوبات متزايدة في التعامل مع المصارف الدولية. والواقع أن هذه التدابير التنظيمية تغيّر طبيعة العمل المصرفي الذي اعتدناه، باعتبار أن هوامش الملاءة الأعلى المفروضة من قبل السلطات الرقابية تحمل هذه المصارف على تقليص نشاطاتها.
إن لبنان يستفيد من تراجع أسعار النفط. ففاتورة الاستيراد تناهز 6 مليار دولار سنويا، وبالتالي، إن تراجع أسعار النفط قد يتيح لنا توفير حوالي 1 أو 1.5 مليار دولار في السنة. أما انخفاض اليورو، فقد عزز قدرتنا الشرائية، إنما أثر في الوقت نفسه على قدرتنا التنافسية التي تراجعت لكوننا اقتصاد مدولر. أضف إلى ذلك المخاطر السياسية والأمنية، لا سيما الحرب في سوريا وانعكاساتها السلبية على لبنان في السنوات الـ3 أو الـ4 الأخيرة. فمنذ اندلاع هذه الحرب، كان ميزان المدفوعات سلبيا. وإذا أردنا احتساب تكاليف الحرب السورية على لبنان، يكفي أن نضيف العجز التراكمي في ميزان المدفوعات فنحصل على رقم تقريبي وواقعي يصل إلى 6 أو 7 مليار دولار. علاوة على ذلك، يعاني لبنان من وجود 1.5 مليون لاجئ ويتحمل هذه الكلفة دون سواه. من ناحية أخرى، تأثرت سوق الاستهلاك جراء الحظر الذي فرضته بلدان مجلس التعاون الخليجي على مواطنيها.
بناء على ما تقدم، وضع مصرف لبنان استراتيجية لتعزيز الطلب الداخلي بهدف التعويض عن انحسار الطلب الخارجي. نحن نسعى إلى تعزيز التعاون القائم بين القطاع المالي والقطاعات الأخرى، لا سيما قطاع التكنولوجيا. وقد تركزت هذه الاستراتيجية على برامج قروض تحفيزية. فقد قام مصرف لبنان، لثلاث سنوات على التوالي، بمنح المصارف نحو 1.5 مليار دولار في السنة بمعدل 1% وتقوم المصارف بدورها بإقراض القطاع الخاص، على الأخص في مجال السكن والمشاريع الجديدة والطاقة البديلة والمشاريع البيئية. ولا بدّ من ذكر NEEREA أي المبادرة الوطنية لتفعيل الطاقة والطاقات المتجددة، التي تتوجت بالنجاح والتي خلقت 6 آلاف فرصة عمل. وحتى اليوم، تمّ منح قروض بقيمة نصف مليار دولار لقطاع الطاقة البديلة وقطاع البيئة.
على صعيد آخر، إن الإشتمال المالي يتحسن. فعدد المقترضين في القطاع المصرفي ارتفع من 35 ألف في سنة 1993 إلى 700 ألف اليوم، مما يساهم في نمو الإقتصاد ومتانته. ونجد في لبنان 3 قطاعات استراتيجية رئيسية يمكن الإعتماد عليها لبناء مستقبل أفضل: قطاع الغاز والنفط، والقطاع المالي، وقطاع اقتصاد المعرفة. إن البنك المركزي معنيّ بالقطاع المالي وبقطاع اقتصاد المعرفة وقد أصدر لهذه الغاية التعميم رقم 331. نتيجة لذلك، استثمرت المصارف حتى الآن أكثر من 200 مليون دولار في شركات ناشئة وصناديق متخصصة بالاستثمار في هذه الشركات. هناك على الأقل 40 شركة تقدمت بطلب الحصول على استثمارات من المصارف التي باتت تدرس هذه االطلبات بشكل جدّي للغاية. وقد وضع التعميم رقم 331 الهندسات المالية التي تشجع استثمار رأس مال المصارف في مثل هذه الشركات، فيما يضمن مصرف لبنان هذه الإستثمارات بنسبة 75%.
كما يدعم مصرف لبنان الشركات المسرّعة للأعمال في لبنان. وفي هذا السياق، يُعنى مصرف لبنان بالمنصة التكنولوجية الرقمية المنشأة بدعم من المملكة المتحدة UK Tech Hub التي تبدو واعدة جدّا، خاصة وأنها تلقت ما يفوق الـ 100 طلب، رغم إنطلاقها منذ شهرين على الأكثر.
أما هيئة الأسواق المالية في لبنان CMA فتعمل على وضع استراتيجية لدعم القطاع الخاص، لا سيما الشركات الناشئة. وتشارك الهيئة بفعالية في تأمين بيئة مؤاتية تضمن وجود أسواق مالية عادلة تتمتع بالإدارة الرشيدة والشفافية. وقد أصدر مصرف لبنان عدة تعاميم في هذا الصدد ويسعى حاليا إلى إطلاق سوق إلكترونية تربط المصارف والمؤسسات المالية والوسطاء في لبنان بهدف خلق سوق سيولة للأسهم والسلع، لا سيما الذهب والقطع. ومن شأن هذه السوق الإلكترونية أن تؤمن مخرجا للشركات الناشئة الراغبة في طرح أسهمها على الجمهور في هذه الأسواق. نريد أن يقوم القطاع الخاص بإدارة وتشغيل هذه السوق، على أن تُراقب من قبل هيئة الأسواق المالية التي تعدّ المستندات اللازمة لاستدراج العروض. نحن نسعى إلى ربط هذه السوق عالميا، لا سيما في البلدان التي تتواجد فيها الدياسبورا اللبنانية، فيكون لنا تمثيل في بلدان عديدة مما يتيح للراغبين أن يستثمروا في لبنان بطريقة سهلة وموثوقة.
رغم الصعوبات السياسية الداخلية والمخاطر الأمنية التي يواجهها لبنان، نحن نتوقع نموا يفوق الـ2%. ومع أن التضخم يقارب الصفر في المئة وأنه ما دون نسبة الـ4% المستهدفة، فإن سوق العملات والقطع مستقرة ولا تدعو إلى تدخلنا وأسعار الفوائد مستقرة أيضا. السيولة مرتفعة في القطاع المصرفي. ونحن نعقد آمالا كبيرة على لبنان ونعمل جاهدين للحفاظ على ثقتكم.