مؤتمر شراكة النهضة اللبنانية الأميركية يدعو إلى “حياد لبنان” سبيلاً إلى “الإستقرار والإزدهار”
الطائر – لبنان:
نظمت شراكة النهضة اللبنانية الأميركية للنهضة (LARP)، بالتعاون مع غرفة التجارة اللبنانية الأميركية AmCham Lebanon ، مؤتمراً في فندق “فينيسيا” في بيروت، تناول فيه المتحدثون مسألة حياد لبنان، وعدداً من المواضيع الإقتصادية والإنمائية، وتم الإعلان خلاله عن تقديم هبة عينية للدفاع المدني اللبناني هي عبارة عن زي موحّد لعناصره، تسلّمها ممثل وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطّار.
وتحدث خلال جلسة الإفتتاح عضو الكونغرس الأميركي، اللبناني الأصل نيك رحال، والقائم بأعمال السفارة الأميركية روبرت ماكين ممثلاً السفير الأميركي ديفيد هيل، والرئيس السابق لجمعية الصناعيين رئيس مجموعة “إندفكو” نعمت افرام، ورئيس LARPفي الولايات المتحدة ولبنان وليد معلوف ورئيس غرفة التجارة اللبنانية الأميركية سليم الزعنّي.
رحّال
وقال رحّال في كلمته: “نجتمع اليوم لدعم عناصر الدفاع المدني الذين يخاطرون بحياتهم ويتركون عائلاتهم ويكرسون وقتهم لمساعدة الآخرين في لبنان. وينبغي لنا رصّ الصفوف لدعم هذه القضيّة وتقديم خالص الشكر لهم”.
وشدد على أن “الجالية اللبنانية هي من أهمّ الثروات التي يتمتّع بها لبنان في الولايات المتحدة وبلدان كثيرة أخرى في أنحاء العالم أجمع”. وإذ أشار إلى أن “الفكرة السائدة عادةً في الخارج عن لبنان هي أنّه ليس مقصداً آمناً للسفر أو مركزاً جيّداً لإقامة المشاريع”، شدد على أن “هذه الصورة بعيدة كلّ البعد من الحقيقة”. وقال: “يتوجّب على أبناء الجالية الترويج للأوجه الإيجابية في لبنان. وفي ظلّ كلّ الاضطرابات التي تعصف بالمنطقة، لا شكّ في أنّ الاستقرار النسبي السائد حالياً في لبنان يعزى إلى اللبنانيين الذين بصبرهم ومثابرتهم يحاولون رصّ الصفوف وإبعاد القوى الخارجية لإمساك زمام الأمور وضمان سيادة البلد”.
وتابع: “لهذا السبب بالتحديد، تمكّن لبنان، في رأيي، من الصمود خلال كلّ تلك سنوات”.
روبرت ماكين
وتحدث القائم بأعمال السفارة الأميركية روبرت ماكين ممثلاً السفير الأميركي ديفيد هيل الذي اعتذر عن عدم الحضور لارتباط خارج لبنان، فأشاد بجهود LARP،وأكد أن تعاون العلاقة الأميركية مع لبنان “لا تقتصر على الصعيد الحكومي، بل هي أعمق”. وأكد دعم بلاده “المجتمع المدني والمؤسسات التعليمية ومشاريع الأعمال” في لبنان. ولاحظ أن “العلاقات الوطيدة بين البلدين تنعكس في تزايد المنتجات الأميركية التي تباع في المتاجر اللبنانية. كما أنّ الماركات الأميركية تلقى رواجاً كبيرا في أوساط الشباب اللبناني”. ولاحظ أن “استيراد المنتجات الأميركية إلى السوق اللبنانية خير دليل على أسس التجارة المتينة بين البلدين. ولا شكّ في أنّ العلاقات ستنمو بعد أكثر”، مؤكداً أنّ “النشاطات التجارية هي في قلب أولويّات السفارة”. ولاحظ أنّ “مشاريع الأعمال تواجه تحدّيات جمّة اليوم. غير أنّ الفضل في النجاح يعود خصوصاً إلى عامل واحد ألا وهو الشعب اللبناني بحدّ ذاته. فاقتصادا البلدين ينتفعان من مهارات اللبنانيين، والكلّ يعلم بأنّ صوت رجال الأعمال عال في لبنان، كما هو صوت الجالية اللبنانية في الخارج. وبالرغم من جميع التحديات التي تواجه لبنان اليوم، لا يزال البلد منفتحاً على المشاريع، وذلك بفضل مبادرات من هذا القبيل”.
افرام
وعدد افرام في كلمته الفرص التاريخية التي أعطيت للبنان واللبنانيين لبناء وطن ودولة ومواطنة وكان مصيرها الفشل، مع التشديد على امكانية احداث الفرق اليوم رغم كل ما يجري من حول لبنان. وأجرى مقارنة بين لبنان وسويسرا التي “رغم التنوع الديني في مكوناتها الحضارية المتعددة، استطاعت أن تحيَّد ذاتها (…) واستطاعت أن تبقى واحة سلام، وعرفت كيف تصنع الغنى من التعدُّد والتألق من التنوّع. فهي أسست لمفهوم عميق يحفظ مصالحها وأمنها واقتصادها وتمايز جماعاتها الحضارية، وتنجح”. ولاحظ في المقابل أن “اللبنانيين لم ينجحوا في بناء وطن يليق بهم، يجسّد تلك التجربة الإنسانية الفريدة لجماعاته، في الغنى ضمن التعدُّد والوحدة في التنوّع”.
وأضاف افرام أن “لبنان لم يعرف أن يخط لنفسه نهجاً مختلفاً، يحفظ مصالحه وأمنه واقتصاده وتمايز جماعاته الحضارية، وينجح”. وقال: “المفارقة، إننا على عكس سويسرا، ضيعنا العديد من الفرص التاريخية لتأسيس مفهوم عميق ومتكامل لأمننا القومي، فهل نستعيد مواعيد التاريخ وننجح اليوم؟”.
وتابع:”يجمعنا اليوم لبنان الرِّسالة والعيش معاً. يجمعنا طموح إلى لبنان مجدَّد على قواعد الإستقرار والنموّ الإقتصادي الجامع، في عيش مشترك منتج بدلا من عيش مشترك عقيم”.
واعتبر أن “الإلتزام الجدي ببناء دولة منتجة بروح الخدمة المتجردة المقرونة بالمناقبية والكفاية والفاعلية، هو طريق من أجل لبنان أفضل يطمح إليه كثيرون، ينقلنا من الأحقاد المتبادَلة إلى دولة التألّق والإبداع، ومن دولة الحروب المستترة إلى وطن السلام الدائم”.
ورأى أن “لبنان ما عاد يحتمِلُ التِباساتٍ في مفاهيم تأسيسيَّة غائبة حتَّى اليَوم عن مستوى الرؤية، والأداء، والتقييم، إحداها دون أدنى شك يتمثل في مفهوم الأمن القومي. ما عاد لبنان يحتمِلُ استمرارَ الخلل البنيوي المتمادي في نِظامِه التَّشغيلي، حيثُ إدارات الدَّولة مُعطَّلة، والمواعيدُ الدُّستوريَّة مُستباحة، والأبعاد الإقتصاديَّة إفتراضيَّة، والمسائل الإجتماعيَّة زبائنيَّة ريعيَّة. وما عادَ لبنان يحتمِلُ اللاتوازُن الذي يحكُم العلاقة بين القِطاع العامّ والقِطاع الخاصّ والمجتمع المدني. فالقِطاع العامّ مدمَّر، والقِطاع الخاصّ مستنزف، والمجتمع المدني مُشتَّت.ما عاد لبنان يحتملُ أن تأسُرَهُ مسائِلُ إقليميَّة ودَوْليَّة، لا علاقة لمصلحته الوطنيَّة العُليا بِها”.
وختم قائلاً: “إن الأمن القومي الحقيقي، إنما ينبع من معرفتنا العميقة بمختلف العناصر التي تشكل القوة الوطنية الشاملة، لحمايتها، والمصادر التي تهدد قدراتنا، لمواجهتها، وإعطاء الفرص المناسبة لتنمية تلك القدرات، تنمية حقيقية، وفي كافة المجالات، حاضراً ومستقبلا، دون أي تعطيل. فهلموا نبحث في البُعْد الإقتصادي لأمننا القومي، وفي البُعد الإجتماعي، وفي البُعد الأيديولوجي لفكرة لبنان، وفي البُعْد البيئي، وفي البعد الإغترابي، وفي البعد السياسي، وفي البعد العسكري، علنا نستعيد مواعيد التاريخ. لقد آن أوانُ المُبادرة البنَّاءة، لا بل تأخرنا كثيراً عليها. فهلموا كالشجعان نبني أمننا القومي الحقيقي، في مُعادلة لبنانية صرف، معادلة صانِع القرار العالِم، والعالِم القادِر على صناعة القرار”.
معلوف
وأوضح معلوف أن المؤتمر يعقد تحت عنوان “التضامن مع لبنان – الحياد يحقق الازدهار“، مشدداً على أن “تحقيق استقرار حقيقي للبنان وزيادة إنتاجية الحكومة اللبنانية في ظل التعقيدات القائمة، يفترض الإنطلاق من نقطة يشعر معها الجميع بالامان، وهذا الأمان القابل للإستمرار والبالغ الأهمية يأتي من حياد لبنان“.
الزعني
أما الزعني، فرأى أن “نجاح اللبنانيين في كل أنحاء العالم، وخصوصاً في الولايات المتحدة، ساهم بلا شك في إثراء العلاقات الثنائية بين البلدين”، واصفاً هؤلاء بأنهم “سفراء للبنان في كل ولاية”، ملاحظاً أن اللبنانيين أينما كانوا في العالم يتميزون “بموهبتهم وديناميكيتهم وقدرتهم على التكيّف”. وأضاف أن الغرفة وLARPتسعيان، رغم المشاكل الدائمة في لبنان والمنطقة، إلى “تسليط الضوء على الإيجابيات، وإيجاد المزيد من سبل التعاون البلدين“. وأكد أن الغرفة “ملتزمة العمل على تطوير العلاقات اللبنانية الأميركية، وتفتخر بالتعاون مع LARP“. وأشاد بالهبة المقدمة إلى الدفاع المدني اللبناني موجهاً تحية “تقدير واحترام إلى المتطوعين الذين يخاطرون بحياتهم كل يوم لإنقاذ الناس”.
خطّار
وعلى اثر تسلّمه المنحة، تحدث العميد ريمون خطّار فقال “إنّ الغاية الأسمى للدفاع المدني هي حماية الوطن والمواطن والهدف المنشود هو درء المخاطر وردّ التحديات والتعامل مع الأوضاع السلبيّة والحوادث الناجمة عن العوامل الطبيعيّة وغيرها وهو ما يرتّب على الدفاع المدني مسؤوليّات كبيرة مترافقة مع أعباء ثقيلة ناجمة عن طبيعة المهمّات الملقاة على عاتقه. وهذا ليس بقرار أو خيار لا بل إنّه توجّه والتزام وواجب بأن يكون الدفاع المدني دائمًا في الخطوط الأماميّة لحماية الإنسان والطبيعة والممتلكات”.
وأضاف: “إنّ الدعم الذي تقدّمونه اليوم هو مدماك أساسي يضاف إلى جدار الثقة والاحترام الذي نبنيه معاً لتعزيز التعاون والعمل لما فيه خير الإنسان والمجتمع والوطن فالعالم الذي كنا نظنه كبيرًا ومترامي الأطراف ومتباعد الحدود، يتحوّل يومًا بعد يوم إلى عالم تقصر فيه المسافات ويتعزّز فيه التواصل والتقارب إلى حد أنّه أصبح فعلاً عالمًا صغيرًا تشرق شمسه علينا ونتنفّس جميعًا هواءه رغم كل المعانات من مشاكل بيئيّة كانت أو اجتماعيّة أو اقتصاديّة أو سياسيّة أو ماليّة وهو ما يرتّب علينا إرساء معادلات ومفاهيم جديدة قائمة على التعاون والتواصل والتحاور وتبادل الخبرات وتنمية القدرات وتجاوز الصعوبات التي تتفاقم في عالمنا وفي محيطنا”. وشدد على أن “المأساة المتنامية والمعاناة الدامية التي تعيشها منطقة الشرق الأوسط وخصوصًا في العراق وسوريا والتداعيات المباشرة على لبنان لجهة تدفّق النازحين واللاجئين والهاربين من حمم المعارك، تزيد من الأعباء الملقاة على عاتق الدولة اللبنانيّة ومؤسّساتها، ومن بينها الدفاع المدني، وترفع من منسوب المسؤوليّة لمواجهة هذه التحديات التي لا يمكن تجاوزها إلا بخطط ومشاريع مترافقة مع الإمكانات والقدرات، الأمر الذي نأمل تحقيقه ودائمًا بمساعدة ودعم الجهات المدركة لأهميّة الأوضاع وعبء المسؤوليّات”.
جلسات
وعقدت خلال المؤتمر ندوات تخللتها مداخلات لنحو 15 متحدثا بارزا من عدد من المسؤولين الحكومين والإقتصاديين اللبنانيين والأميركيين.
وترأس الجلسة الأولى عن البيئة في لبنان قنصل السلفادور لدى لبنان عضو مجلس LARP لبنان سركيس سرايداريان، وضمّت المدير العام للدفاع العميد ريمون خطار، والمحامي الدكتور انطوان صفير والمهندسة البيئية الدكتورة منال مسلّم، ورئيسة التجمع الوطني للسكري DiaLeb عضو مجلس LARP لبنان الدكتورة جاكي قاصوف.
وفي جلسة عن التكنولوجيا في لبنان، ترأسها رئيس شركة ScoNet ميشال يمين، تحدّث المدير العام لهيئة “أوجيرو” عبد المنعم يوسف، والرئيس التنفيذي لشركةGraycoats الإستشارية غسان حاصباني، والمدير الشريك لشركة “مديل إيست فينتشر بارتنرز” ( MEVP) وليد حنا.
أما الجلسة الثالثة التي تناولت البنية التحتية في لبنان، من كهرباء ومياه وطرق وسكك حديد، إضافة إلى موضوع “الغاز والنفط: من المستفيد؟”، فكانت برئاسة عضو مجلس LARP لبنان جورج سلامة، وتحدث فيها عضو المجلس الدستوري الدكتور انطوان مسره، والمهندس وسام كنج ممثلاً المدير العام للموارد المائية والكهربائية في وزارة الطاقة والمياه الدكتور فادي قمير، وخبير الغاز وإنتاج النفط عبود زهر، ومدير مشروع تطوير النقل الحضري في مجلس الإنماء والإعمار المهندس إيلي حلو.
الزيارة الثالثة
وعقد المؤتمر بمناسبة زيارة هي الثالثة تنظمها LARP لوفد من رجال الأعمال الأميركيين من أصل لبناني من الأميركتين، سعياً منها إلى زيادة التواصل بين الشركات الأميركية اللبنانية والوطن، وتسهيل فرص الأعمال بين الشركات في لبنان ونظرائها في الأميركتين، ومساعدة القطاعين العام والخاص في إطلاق مشاريع تساهم في تحفيز النمو الاقتصادي، إضافة إبى السعي لتوفير ما أمكن من المنح لمساعدة المؤسسات الحكومية والمنظمات غير الربحية اللبنانية.
وكان معلوف أسس شراكة النهضة اللبنانية الأميركية في العام 2006، وهي تعمل لدعم المجتمع المدني والمؤسسات المدنية في لبنان، ومساعدة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID) ووكالات أخرى في جهودها الرامية إلى تحقيق النمو الاقتصادي والسلام والاستقرار والحياد والمؤسسات الديمقراطية في لبنان سعياً إلى تعزيز سيادة لبنان وحريته.