باسيل من منتدى أوسلو الى ستوكهولم: نعيش اليوم حالة من الاستقرار الوهمي و ينبغي ان نجعله حقيقيا
الطائر – لبنان:
رأى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أننا لا نعيش في “منطقة مضطربة” بل في “منطقة منكوبة”، لافتاً الى أننا لا نعيش في لبنان مستقر، علماً اننا نأمل ذلك”، واشار الى انه يمكن إنشاء نظام المناعة من خلال تأسيس الامن و السلام الخارجي في العلاقات الخارجية”، واوضح انه حيث فشلنا في بناء العلمانية، نحاول التخفيف من الجوانب السيئة للطائفية.”
كلامه جاء خلال مداخلة له في جلسة عقدت في اليوم الثاني “لمنتدى أوسلو”شارك فيها نائب الامين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان والمنسقة الخاصة للامين العام في لبنان سيغريد كاغ والوزير السابق غسان سلامة اضافة الى مسؤولين دوليين وممثلين عن المجتمع المدني اللبناني.
وقال الوزير باسيل في مداخلته :” إن الشرق الأوسط هو المنطقة التي هي ضحية للعديد من التهديدات التي تتغذى على بعضها البعض وأي جهد حقيقي لمعالجة كل هذه التحديات يجب ان يعالج المشاكل التالية: اولا ً المعاناة من جميع الآثار الجانبية للعولمة من الاعتماد على النفط، ورأسمالية المحاسيب والصناعة المتخلفة، وتآكل شبكات الأمان الاجتماعي، ثانياً: الصراع الاستراتيجي بين القوى الإقليمية وتغذية التقسيم بين:: الشيعة والسنة والمسيحيين والمسلمين، العرب -اسرائيل، العرب- الفرس… ثالثا : جذب لأكثر الإرهابيين المتعصبين في العالم الذين يحلمون في استعادة الخلافة . رابعاً: المنطقة الوحيدة في العالم التي ما زلنا نشهد نظام الفصل العنصري فيها هي اسرائيل الذي يبدو أنها فوق النقد وفوق التصريحات التي صدرت عن القانون الدولي. خامساً: نشهد أعلى السجلات في تاريخ البشرية للاجئين في أقصر فترة من الزمن. سادساً: التهديد بالبلقنة، وفرض النظريات حول تغيير النظام، وصفات جاهزة للديمقراطية من الخارج، وحقوق الإنسان التي فرضت من خلال التفجيرات”.
وسأل الوزير باسيل كيف يمكن للبنان الممزق التقدم في هذه المياه المضطربة؟ ما هو سر صمود هذه البلاد والقدرة الكبيرة لشعبه على التحمل؟ وقال :” نحن نعيش اليوم حالة من الاستقرار الوهمي و ينبغي ان نجعله حقيقياً. ان لبنان هو من أقدم الديمقراطيات في المنطقة، وشعبنا يتمتع بكل أنواع الحريات، وقد ترجمت ديمقراطيتنا من خلال التناوب السياسي الذي يقرره الاختيار الحر لشعبنا وأنتج نظام احترام سيادة القانون والاستفادة من الحكم الرشيد في عام 1960. نلاحظ للاسف ان الأنظمة في المنطقة تحولت الى ديمقراطيات زائفة بفعل حكام او ديكتاتوريين اوتي َبهم الى الحكم من قبل أطراف خارجية وتم تثبيتهم بطريقة كاذبة في مواقعهم تحت غطاء تلك الديمقراطيات. ما هو ممنوع عندنا بسبب الداعشية السياسية التي نواجه، هو ان يكون لنا قادة ورئيس منتخب من شعبه ويمثله احسن تمثيل. هذا هو النموذج الصائب والقوي لانظمة ودول يمكن ان يحتذى به في المنطقة”.
أضاف:” يمكن إنشاء نظام المناعة من خلال تأسيس الامن و السلام الخارجي في العلاقات الخارجية، وشبكة الأمان في الداخل. في الفترة الماضية وخلال الاحتلال الاسرائيلي والسوري كان الامن في لبنان نتيجة لحكم القوة. واليوم نعيش فترة هدوء بفضل الضمانات المتبادلة بين مختلف الطوائف. ان المجتمع اللبناني هو نابض بالحياة وينبغي أن يكون نموذجا رائداً في المنطقة.”
ولفت الوزير باسيل الى ان “الفساد مرض ضرب لبنان ومعظم الدول في المنطقة مما يؤدي الى الإحباط والفقر وبالتالي الغضب مما يؤدي إلى العنف” وقال :” ان الحفاظ على استقرار لبنان ليس فقط من واجب المجتمع الدولي فحماية هذا النموذج الفريد من المساواة والتعايش في العالم، انه يمثل أداة لمكافحة ودحر الإرهاب. فعدو الارهاب هو الاستقرار،وداعش بحاجة الى الفوضى كي تستطيع دخول دولة او مجتمع ما.”
ووصف الوزير باسيل لبنان “بالترياق” ضد داعش من خلال خصائصه التاريخية والتعددية، وقال:” لقد نجح لبنان في أن يكون نموذجا للمرونة من خلال تحمل الصدمات الوحشية التي عززت عزمنا. وحيث أننا فشلنا في بناء العلمانية، نحاول التخفيف من الجوانب السيئة للطائفية. وايضاً من خلال الايدولوجية الحرة غير المرتبطة بأنظمة الدولة السياسية الجامدة، إضافة الى الفردية الناجحة التي تعوض عن فشل المؤسسات لدينا مما سمح لنا بالبقاء على قيد الحياة في الأوقات الصعبة.”
وأشار الى انه “لطالما اعتمد النظام عندنا على البراغماتية وتقاسم السلطة، ونحن تجنبنا دائما أن نكون راضخين لأيديولوجية معينة . وكان لبنان قادرا على تطوير نموذجاً تعددي قائم على المساواة في التنوع. إذا الاحترام الواجب، ونظام تقاسم السلطة فريد من نوعه بين المسيحيين والمسلمين في الإدارة والحكم هو الضامن لإستقرارنا. وحتى لو كان نموذج الحكم هذا متجذر بعمق في أرضنا، فإنه لا يزال يتطلب رعاية خارجية وبركة. على ما يبدو، أن القوى الكبرى والإقليمية، هي في الوقت الحاضر على قناعة بأن لبنان يجب أن يبقى معزولاً إلى حد معين عن حرائق كبيرة في الشرق الأوسط، ويجب أن يبقى بلد التسامح والتعايش.”
وشدد وزير الخارجية في مداخلته على ان لبنان مهدد وجودياً والعلامات بدأت في الظهور. ان التحديات كبيرة وأصبحت بالنسبة لنا مسألة حياة، فنحن نواجه خطرين كبيرين وكلاهما يهدد استقرارنا، الاول هو الارهاب والثاني النزوح السوري الكثيف. وهذان الخطران يسيران يد بيد مع بعضهما ويتغذيان من بعضهما. ان المنظمات الإرهابية تهاجم نموذجنا التعددي، ونحن ندعو كل أصدقائنا والحلفاء لدعم قواتنا المسلحة. كما ان نسبة النازحين على ارضنا هي الأعلى كثافة ويعتبر هذا الامر سابقة في التاريخ الحديث وأمر لا يمكن لبلد لديه مقدرات شحيحة ان يتحمله. نحن نطلب من الشركاء الدوليين اتخاذ الاجراءات لوضع حدّ لهذه الازمة وللتخفيف من وقعها على لبنان من خلال تشجيعهم على العودة الآمنة الى بلادهم عندما تسمح الظروف بذلك”،
واكد الوزير باسيل موقف لبنان الرافض للتوطين والذي يمنعه الدستور اللبناني، وقال:” في المقابل ان الدول التي تقدم فرص اعادة التوطين للنازحين، وصلت الى مرحلة لم تعد تستوعب المزيد، لذلك ان الحلّ الأوحد على المدى البعيد يكون بعودة هؤلاء الى سوريا.”
وختم بالقول:” اذا لم يكن الشعب اللبناني يستطيع محاربة الارهاب، لن يستطيع احد فعل ذلك. واذا لم يستطع المجتمع اللبناني استيعاب ازمة الهجرة، فلن يستطيع احد ذلك. واذا لم يستطع النموذج اللبناني تخطي هذين التحديين لن يكون بإمكان اي دولة فعل ذلك وبالتالي لن يكون احد آمن على الارض.”
ستوكهولم
وإختتم الوزير باسيل زيارته الى الدول الإسكندينافية بلقاء مع نظيرته وزيرة خارجية السويد
مارغو والستروم ومع وزير العدل مورغن جوهانسن، وبحث معهما موضوعي الهجرة والارهاب، وتأثر لبنان بموجة النزوح الكثيف وانعكاساتها السلبية عليه أمنياً واقتصادياً واجتماعياً.
كما جرى البحث في مسألة العائلات اللبنانية التي أصدرت السلطات السويدية قراراً بترحيلهم القسري من السويد، بعد أن مضى على وجودهم أكثر من عشر سنوات فيها. وسأل الوزير باسيل هل هذه هي الطريقة التي يتم خلالها مكافأة لبنان جراء ما يتحمله من أعباء استقبال حوالي مليون ونصف نازح سوري في الوقت الذي يطالبنا فيه المجتمع الدولي بإدماج مئات آلاف السوريين في لبنان. وقد وعد الجانب السويدي بمتابعة الموضوع من اجل إيجاد حلّ لهذه القضية.
وتمنى الوزير باسيل على نظيرته السويدية إعادة فتح السفارة السويدية في بيروت بشكل مقيم ودائم.
وتطرقت المحادثات ايضاً الى موضوع إستقبال السويد 163 الف لاجىء سوري، وهي تعتبر الدولة الاوروبية التي تستقبل العدد الاكبر منهم.