منتدى دولي في الجامعة الاميركية في بيروت عن إعادة بناء الصحة بعد النزاعات
الطائر – لبنان:
نظّم مكتب المبادرات الصحية الاستراتيجية في الجامعة الأميركية في بيروت (AUB) منتدىً دولياً بعنوان: “إعادة بناء الصحة بعد النزاعات: حوار من أجل الغد”، وهو أول منتدى دولي يعقد في منطقة منظومة مينا (الشرق الأوسط وشمال أفريقيا) حول بناء الصحة بعد النزاعات، وذلك في “اوديتوريوم بطحيش” في قاعة “وست هول” في حرم الجامعة”.
المؤتمر الذي إستهل بالنشيد الوطني اللبناني تلاه نشيد الجامعة “الألما ماتر”، حضره رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن كضيفة شرف ووزير الخارجية الفرنسي الأسبق وأحد مؤسسي “أطباء بلا حدود” الدكتور برنار كوشنير وقائد الجيش اللبناني العماد جان قهوجي ممثلاً بالعميد الركن ايلي اسطفان والنائب السابق إسماعيل سكريه ونقيب أصحاب المستشفيات سليمان هارون بالإضافة إلى عدد كبير من الأطباء والعاملين بالقطاعات الصحية ودبلوماسيين. ومن الجامعة حضر رئيسها الدكتور فضلو خوري ووكيل الشؤون الأكاديمية بالإنابة الدكتور محمد حراجلي ونائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والإستراتيجيا العالمية الدكتور محمد صايغ ونائب الرئيس لشؤون التطوير الدكتور عماد بعلبكي ونائب الرئيس الدكتور حسان دياب ونائب الرئيس المشارك للشؤون الطبية الدكتور شادي صالح وبعض عمداء الكليات بالإضافة إلى عدد كبير من اساتذة الجامعة والعاملين فيها وأطباء في المركز الطبي الجامعي ومشاركين ومهتمين.
بدايةً كلمة ترحيب من صالح الذي قال: “يتوجّب علينا أخلاقياً ومهنياً، نحن في القطاع الصحي، أن نخطّط وندبّر وننفّذ بطريقة تمكّن جميع الأفراد من الحصول على العناية التي يحتاجونها”.
بعد ذلك كانت كلمة الصايغ الذي قال: “لإحداث التغيير، يجب أن نبني نُظُماً صحية مرنة ومُعدّة لتوفير الخدمة في الأزمات وبعدها. إن رؤية الجامعة “الصحة 2025″ هي مجرد شهادة على التزامنا وسعينا المستمر لتحسين نٌظم العناية الصحية في المنطقة وما يتجاوزها”.
خوري:
الرئيس خوري تحدث فقال: “إن تحديات إعادة بناء الصحة بعد الصراع في القرن الواحد والعشرين هي بالتأكيد تلك التي تنبري الجامعة الأميركية في بيروت مع مركزها الطبي لمواجهتها بحماس، وذلك لصالح مجتمعات عانت طويلاً من حولنا. لقد أدّت الصراعات في سوريا والعراق واليمن وفلسطين إلى تدمير المرافق الصحية، وإلى استشراء القتل والتنكيل بتوحّش، وازداد استهداف السكان المدنيين على خط النار بشكل يساوي أو يفوق استهداف المجموعات المسلحة. وباتت الهجمات على الطواقم الطبية حدثاّ محبطاً لتكراره بانتظام. ونرى زيادة في الإصابة بالأمراض التي يمكن الوقاية منها وفي انتشار سوء التغذية، واستشراء الآثار النفسية المدمّرة وغيرها من الأضرار الصحية التي ستهدّد شعوبنا على المدى الطويل في مستقبل مجهول.
أضاف: “نحن نرى أزمة اللاجئين، والتي ألقت على الفرد الواحد في لبنان عبئا أكبر من أي بلد في العالم. وأنا أشدّد هنا على أن أن الغالبية العظمى في هذا البلد الصغير تتحمّل هذا العبء برضى وطيبة وصلابة مذهلة”.
وتابع: “في العقد القادم سيكون لدينا أحد أكثر المراكز الطبية تطوراً وأفضلها قدرةً. إذ نحن نرمي إلى إقامة حرم جامعي لعلوم الصحة ليس فقط كمكان محسوس بل ككيان تآزر وظيفي وتنظيمي سيربط ويعزّز كل مراكزنا للتميّز. وهذا الحرم الصحي سيكون فريداً من نوعه في العالم قاطبةً، فأفضل المؤسسات في الخارج لا تتفاعل مكوناتها مع بعض إلا بالنزر اليسير. وفي سياق مشروع “الصحة 2025″ نريد أن نرى الجامعة الأميركية في بيروت مؤسسة مرجعية في الصحة للمنطقة والعالم بفضل أبحاثها الفاعلة وأنماط تعليمها الانخراطي وامتياز خدماتها الصحية والطبية الهادفة”.
وختم: “نحن نقوم ببناء غدٍ أفضل ببعملنا لبناء الصحة والمجتمع المدني والتعليم وتقدّم المعارف في خضمّ هذه العواصف الانسانية من حولنا. سيكون التحدّي صعباً لكننا جاهزون له”.
لاسن:
أما ضيفة الشرف رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن تحدثت فقالت: “الاتحاد الأوروبي ملتزمٌ باستمرار دعمه للقطاع الصحي اللبناني وتيسير الوصول إلى خدمات العناية الصحية الرفيعة المستوى والمتساوية والميسّرة التكلفة للبنانيين المحتاجين وللاجئين السوريين. وقبل أيام وافق الاتحاد الأوروبي على مجموعة مساعدات للقطاع الصحي اللبناني بقيمة 62 مليون يورو، مُثبتاً مرة أُخرى انخراط الاتحاد الأوروبي في هذا القطاع. الصحة هي أحد المجالات الرئيسية التي ندعم فيها اللبنانيين لمعالجة تأثير النزوح السوري”.
كوشنير:
في خطابه الرئيسي إلى المؤتمر تناول برنار كوشنير، وزير الخارجية الفرنسية الاسبق وأحد مؤسسي “أطباء بلا حدود”، التحولات الاجتماعية والسياسية بعد النزاعات. ومما قاله: أنا معني بلبنان منذ العام 1975، وأعتبر نفسي محظوظاً كوني أحد مؤسسي “أطباء بلا حدود” وأستطيع أن أقول لكم بأني تعلمت الكثير من خلال ممارسة الطب، بخلاف الشأن الدبلوماسي.
أضاف: إن المشاكل لم تنته بعد، والجيد بأن لبنان ليس في قلب العاصفة على غرار الجوار، لكن لا يمكن أن ننسى عندما كان لبنان وحده يعاني من الحروب كانت المنطقة بأسرها آمنة.
تابع: ما يذهلني هو أن لبنان إستطاع أن يستقبل ما يقارب المليوني نازح، أما فرنسا، فبالكاد استقبلت عشرة الآف! وهذا درسٌ لنا جميعاً عن مدى أهمية لبنان!
وقال: إن الصحة العالمية يجب أن تكون مرتبطة إرتباطاً كاملاً ووثيقاً بالتطور والتطوير العالميين، فالصحة أو الرعاية الصحية غير ممكنة من دون تطوير. ففي العام 1997 حين كنا في ابدجيان قمنا بتأسيس مشروع عالمي من أجل الإعتناء بأكبر عدد من المرضى عالمياً ونجحنا. أقول لكم هذا كي ابرهن أنه باستطاعتنا أن نفعل هذا مجدداً.
وختم: إن الرعاية الصحية يجب أن تكون مؤمنة للجميع، للغني والفقير بالتساوي، دون أي شرط، ولا يمكن تصور صحة عالمية من دون تطوير يؤدي إلى صندوق طبي عالمي.
وقد شكّل المنتدى منصة للحواربين لاعبين أساسيين في قطاع الصحة، عبر جلساته الثماني التي شهدت محاضرات لخطباء محليين واقليميين وعالميين رفدوا بخبراتهم وتجاربهم أفراد الحضور القادمين من لبنان ومنطقة مينا وأوروبا والولايات المتحدة.
وأوجز المشاركون في الجلسات تأثير الصراعات على الصحة من النواحي المختلفة الاجتماعية والاقتصادية والطبية وتناقشوا في الأكلاف المتزايدة للاحتياجات الصحية للسكان القاطنين في مناطق القتال. وشدد المحاضرون على ضرورة تنسيق جهود إعادة بناء الصحة خلال التحول إلى حقبة ما بعد الصراعات، وهو ما يندرج أيضاً ضمن رؤية الجامعة الصحية في مشروع “رؤية 2025 للصحة”.
وكجزء من فعاليات المنتدى، قُدّمت مشاريع علمية حول الصحة في الصراع خلال جلستين لعرض الملصقات.
وسيُعقد في نهاية المنتدى اجتماع تشاوري حول “استنباط إطار تبرعات للصحة في فترة ما بعد الصراعات”. ويشارك في الجلسات ممثلون لثلاثة عشر متبرعاً رئيسياً محلياً ودولياً يبرز تأثير عملهم في مجال الصحة في حالات الطوارئ. وهم وضعوا حجر الأساس لاستراتيجيات للجهات المانحة يمكن أن تستجيب للاحتياجات الصحية للسكان في مرحلة ما بعد الصراع وتساهم في إعادة بناء القطاع الصحي، حتى قبل انحسار الصراع في المنطقة العربية.
وفي الخطوات اللاحقة، سيقوم مكتب المبادرات الاستراتيجية الصحية بإعداد أوراق بحثية تحمل مقررات المنتدى، التي ستتعمم أيضا على أصحاب الشأن الرئيسيين في المنطقة.
ويستمر المؤتمر أيام الخميس والجمعة والسبت 8 و9 و10 كانون الأول الجاري.
وقد استُحدث مكتب المبادرات الصحية الاستراتيجية في الجامعة مؤخراً ليخدم كمنصة لتعزيز وتقوية البرامج التعاونية والمتطورة والشراكات الاستراتيجية دعماً للصحة العامة، تماشياً مع مشروع الجامعة “رؤية 2025 للصحة”.