الطائر – لبنان:
31 عاماً هو عمر مسيرة الاستاذ حسين كوثراني في الضمان، لكن عمر مسيرته في الرسم أكبر من ذلك بكثير. كوثراني الذي دخل الى الضمان في العام 1985 موظفاً ولا يزال، دخل الى عالم الرسم طفلاً ولا يزال… كوثراني الذي يتحدّر من بلدة المروانية في قضاء الزهراني، يشغل الآن منصب رئيس وحدة الجنوب في مصلحة المراقبة الإدارية على المستشفيات، والتي يقتضي عمله فيها زيارة المستشفيات ومتابعة مرضى الضمان.
عن حكاية موهبته أو مواهبه المتعددة يقول حسين «ربما ذلك يعود الى وراثة متأصلة في العائلة فأعمامي كانوا يحبون الشعر ووالدي كان نجاراً مميزاً وجدي كان بناءاً ماهراً يحفر على الحجر وبعض أعمامي كان لديهم مقالع حجارة وكانوا ينحتون على الصخر ويرسمون أشكالاً متعددة عليه».
إضافة الى الرسم عشق كوثراني منذ صغره الشعر، وفي شبابه أصدر بالتعاون مع صديقه د.جهاد بنوت في العام 1980 مجلة شعرية أطلقوا عليها «العرزال»، إضافة لذلك تسلّم مهام اللجنة الثقافية في الجمعية الخيرية في بلدته المروانية. ويقول إنه يشعر دائماً بالحاجة للكتابة، ويرد ذلك الى الحادثة التي حصلت معه في صغره عندما قاصصه والده نتيجة تقصيره في المدرسة فأحضر له مجموعة كتب وأجبره على قراءتها.
تابع كوثراني «من ضمن الكتب التي أجبرت على قراءتها كتب جبران، والذي ترك أثراً كبيراً داخلي». يضيف «أما بالنسبة للرسم فلطالما كنت أرغب في الرسم داخل الصف، وتطورت الى ما هي عليه الآن من رسم على الخشب وحفر على الحجر والزجاج وغيرها».
عن طبيعة رسومه يقول كوثراني إنها مزيج مختلف ومتنوع ولا تقتصر على شيءٍ محدد، فأحياناً تكون المرأة وأحياناً أخرى الطبيعة وغيرها. ويضيف: «أنا لست رساماً محترفاً…أنا هاوٍ، وأصنف أعمالي ضمن خانة أعمال الأرتيزانا، وليس ضمن خانة الفن التشكيلي». عن مشاركته في معارض يقول كوثراني إنه لم يشارك في ذلك، لكن الفكرة ليست بعيدة، وأشار الى أنه يرسم لنفسه وليس لأحد آخر. ويشعر أن رسومه هي جزء منه.
عن عدد الأعمال الفنية التي نفذها حتى الآن يقول إنها قاربت الـ 60 عملاً، وعن أوقات ممارسته هوايته يقول إنه ينقطع أحياناً فترات طويلة عنها ثم يعود اليها بقوة. وعن الحافز والدافع لممارسة هوايته هذه يقول «الناس هي من يحفزني على القيام بذلك وإعجابهم بأعمالي وأحياناً الفراغ وأحياناً حب العزلة والهروب من الناس.
عن كتابته الشعر يقول «أحياناً أكتبه بجنون وأحياناً أنقطع عنه تماماً».
الضمان بالنسبة لحسين تجربة جميلة قرّبته من الناس خصوصاً الفقراء منهم وهو «يحب ذلك» وعما يشعر به أثناء عمله خلال زيارته المستشفيات يقول حسين هو«وجع الناس وظلم السلطة».
عن أحلامه ومشاريعه بعد التقاعد يقول: العزلة في قطعة الارض التي اشتريتها وسأحولها لمزرعة والتفرغ للشعر والرسم.
عن تأثره الشديد بوالدته يقول كوثراني «إنها رحلت باكراً ولم تتمتع بالحياة أبداً» طيفها لا زال يلاحقني حتى الآن وبالرغم من أني أصبحت جداً، إلا إنني لا زلت أسأل عنها، وأصعب أمر بالنسبة لي هو إذا متّ ولم أجد أمي.
من كتاباته
حينما رحلت امي
رميت الشمس بحجارة حزني
بكت شمس على شجني
قلبي نجم يغني
لكن من رماد
حين رحلت امي
هجر الدوري شرفة المكان..والزمان
ما عاد بلبل شادي
يراقص سلاف التين
مطر الحنين
عاصفة مجنونة
عقود
لم يزل
كأنه نزف من أزل
حين رحلت أمي
صرت كطفل ضاع في بيداء
لا دفء .. لا ماء
ضجيج وحوش .. عواء
كأن سماء
سقطت على أرض لعينة
تناثر الهواء
تشظى
كأنه دخان أسود من حريق عظيم
عقود ولا أزل
أحن إلى فطيرة السكر
لرغيف يافع أسمر
لصوت أمي
ولحن أمي
ومنديل أمي
كانبثاق الورد من بين غيم كثيف
جرحي قمر العرجون
كنزف برق
يلمع في الأفق
دمي اليارا
ينهار
كدمع من شفا حدق
عودي للرحيل…
المصدر: مجلة الضمان الاجتماعي