وزير الصناعة اللبناني: علينا التعايش مع كورونا
حوار اياد الديراني: قال وزير الصناعة عماد حب الله أن على لبنان أن يتعايش مع أزمة وباء كورونا وأن يتصالح مع فكرة بقاء هذا الوباء لفترة من الزمن ريثما يتم اكتشاف أدوية ولقاحات مناسبة، وأن يعمد في ذات الوقت إلى إجراء اصلاحاته الاقتصادية والمالية والنقدية، معتبرا أن “الحياة يجب أن تستمر بظل الانتشار ويجب علينا البحث عن حلول”. وأضاف في لقاء مع “أولا – الاقتصاد والأعمال”: “ليس المهم أن نتخطى أزمة الوباء، المهم كيف نتخطاها وكيف ننتصر على الفيروس أخلاقيا وانسانيا”. وقال إن لبنان لم يتخلّى عن المسنين المصابين بالفيروس ويسحب منهم آلات التنفّس كما فعل آخرون، ولم يصادر كمامات ولم يسرق أجهزة تنفّس ولم يتخلّى عن المواطنين والمغتربين”. وشدّد خلال اللقاء على أن الحكومة التي انشغلت خلال الأسابيع الماضية بملفات الأزمة المالية والنقدية وقضية الديون، تعلم جيدا أن الصناعة كما الزراعة، هي الحلّ الأساسي لقيامة اقتصاد انتاجي لا ريعي، وأن ليس أمامنا في لبنان سوى الاعتماد على أنفسنا. وأكد أن الشهر المقبل قد يشهد إطلاق صندوق لدعم الصناعة بالتعاون مع مصرف لبنان وأطراف أوروبية، وأن قيمته قد تصل إلى 3 مليارات دولار. وحذّر حب الله خلال اللقاء من وجود قلق حقيقي متعلّق بالأمن الغذائي نتيجة إغلاق دول عدة حدودها أمام صادرات أساسية كالقمح والحبوب. وذكر أن رومانيا التي يستورد منها لبنان الطحين، قررت إيقاف التصدير حتى الشهر المقبل. واعتبر أنه علينا التصرّف بسرعة كي لا تتجه الأمور إلى الأسوأ خصوصا في ظل تداعيات وباء كورونا. وقال: “لا أريد أن أعطي صورة وردية فيما الأمور بغاية الدقة والخطورة. ثمة بلدان بدأت بإغلاق حدودها أمام الصادرات التي تُعدّها أساسية، ورومانيا من بينها”.
حماية القطاع الصناعي
أما عن القطاع الصناعي فقال إن الوزارة أطلقت منذ أسابيع مبادرة مع مصرف لبنان تحت عنوان Bridge Loan لتأمين سيولة من أموال الصناعيين في المصارف بقيمة 100 مليون دولار أميركي، وقد بدأ تنفيذها. واعتبر أن هذه الخطوة ضرورية لتمويل استيراد المواد الأولية للصناعة اللبنانية ولو بالحد الأدنى لتأمين استمراريتها، وضمان الأمن الاقتصادي والاجتماعي فضلا عن تأمين المنتجات والمواد المتعلقة بـ “تعزيز قدرتنا على التعامل مع وباء كورونا”. وأضاف: “لاحظنا وجود عراقيل تضعها بعض المصارف، وقد وصلتنا عدة مراجعات مع تفاصيل كل ملف. ولهذا تم التنسيق مع رئيس جمعية الصناعيين د. فادي الجميل، لمعرفة تفاصيل هذه العراقيل وتم تبادل المعلومات مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة. من حيث المبدأ لا يجب علينا كوزارة أن نتدخل إلى هذه الدرجة في المسألة المالية، لكن الظروف التي ألمّت بالواقع الصناعي، تفرض علينا بذل كل الجهود الضرورية. ونحن نعلم أنه لا يمكن للمصانع الاستمرار من دون هذه السيولة التي طالبنا بها، ريثما يتم اتخاذ خطوات أهم لدعم القطاع الصناعي”. وذكر أن الوزارة تتحضر لإطلاق مبادرة أخرى بالتعاون مع مصرف لبنان تحت عنوان Oxygen Fund لدعم الصناعيين. وأن هذه الخطوة عبارة عن مبادرة مالية انقاذية تستهدف إنشاء صندوق لجمع 750 مليون دولار، وإطلاق برنامج إقراض مُستدام قابل للتطوير لمساعدة الصناعيين الصغار والمتوسطي الحجم على تمويل استيراد المواد الأولية بما يقارب 3 مليارات دولار سنويا. وقال إنه كان يتمنى إطلاق هذا الصندوق خلال الشهر الحالي، لكنه سيحتاج إلى مزيد من الوقت وربما يبصر النور خلال أيار/مايو المقبل. وأضاف: “همّي اليوم حماية المصانع والعمال، لست في وارد رمي أرقام واحصاءات وتقديرات حول القطاع ومستقبله، وقدراته. كلنا نعلم دوره وأهميته، والأرقام معروفة ولن أدخل في تفاصيلها، لأن أمامي اليوم تحدي المحافظة على الوظائف في ظل حالة الاختناق الاقتصادية والانكماش الكبير”.
التعايش مع الوباء
وحول مواجهة أزمة فيروس كورونا، قال إن الوزارة أطلقت خطة مع الصناعيين تضمّنت تقديم تسهيلات مصرفية للمساعدة في شراء المعدات والأجهزة واستيراد المواد الأوّلية. وأضاف: “قامت الحكومة بخطوات ممتازة، مع أن المطلوب بذل جهود أكبر. لقد فتحنا الباب أمام الصناعيين لمساعدتهم على صنع المنتجات الضرورية كالأقنعة الواقية والألبسة الخاصة بالقطاع الطبي، كما أجريت مجموعة اجتماعات مع عدد كبير من أصحاب الأفكار ودرسنا معهم مجموعة من المنتجات والأجهزة والحلول الخاصة بمكافحة الوباء. ونعمل على دعم بعض الأفكار والأجهزة لنقلها إلى مرحلة الإنتاج الصناعي. لقد تلقينا طلبات لدعم انتاج أجهزة ومنتجات من نحو 80 مصنعا، لكن تبيّن أن 30 منها فقط تمتلك ترخيصا صناعيا. لذلك بدأنا بالكشف على المصانع بسرعة لكي نساعد على إتمام عملية الترخيص ودعم الذين يحتاجون إلى استيراد مواد أوّلية، أو إلى معدات وتجهيزات خاصة. ونتعاون مع وزارة المالية في هذا الصدد”. وأضاف: “نحن أمام وباء عنيد، لم نقترب بعد من نهايته، وربما سيرافقنا لفترة طويلة، لذلك علينا متابعة حياتنا. الجميع حول العالم متفق على أن هذا الوباء قد لا ينتهي قبل التوصّل إلى أدوية ولقاحات مناسبة، وهي تحتاج إلى وقت طويل. يجب التفكير في كيفية إيجاد حلول، لأن النشاط الاقتصادي يجب أن يستمر في ظل انتشار كورونا، وعلينا الحد من خسائرنا وتخطّي المرحلة بأقل تكاليف ممكنة”. وقال إن وباء كورونا وضعنا أمام عالم جديد يولد اليوم، حيث نلاحظ تصرفات جديدة من الدول وممارسات حكومية غريبة من الناحية الأخلاقية، خلال التعامل مع المرضى والأوضاع الاقتصادية. وقال إن هناك في العالم من تخلّى عن المسنين وتركهم يموتون، بعد سحب أجهزة التنفّس منهم لصالح الأصغر سنا. واعتبر أن بعض الدول سقطت أخلاقيا في تعاملها مع الوباء. وأضاف: “نحن في لبنان، لم نتخلى عن المسنّين المصابين بالفيروس، ولم ننقل آلات التنفّس إلى من هم أصغر سنا، لم نصادر كمامات ولم نسرق أجهزة تنفّس طبية. ولم نتخلّى عن المواطنين والمغتربين في الخارج وبدأنا بإعادتهم، في عملية إجلاء سيذكر التاريخ أنها كانت على قدر كبير من الحرفية والمسؤولية الوطنية والأخلاقية، وهذا أمر يسجّل للحكومة ولوزارة الصحة. لقد مارسنا قناعاتنا وتصرّفنا بمسؤولية وفق أخلاقياتنا، واستندنا إلى القيم والمبادئ التي تربينا عليها. ليس المهم أن نتخطى أزمة الوباء فحسب، المهم كيف نتخطاها وننتصر على الفيروس أخلاقيا وانسانيا”.
الخطة الاقتصادية و”ماكنزي”
وعن دعم القطاع الصناعي، قال إن الحكومة انشغلت خلال الأسابيع الماضية بالملفات المالية والنقدية إضافة إلى الديون، لكنها تعلم علم اليقين أن الصناعة والزراعة هما المحور الأساسي في أي خطة اقتصادية مستقبلية. وأكد أن “لا خيار آخر أمامنا سوى الانتقال من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد انتاجي، مع العلم أننا سنحتاج إلى الوقت لتحقيق هذا الانتقال، لكن لا شك أن القطاعين هما أمام مرحلة ذهبية، طال انتظارها”. وشدّد على أن “ليس أمامنا في لبنان سوى الاعتماد على أنفسنا”، مضيفا: “آن لنا أن نعي أن لا اقتصاد صحّي من دون قطاع زراعي مزدهر وقطاع صناعي متمكّن، الجميع متفق على أن هاذين القطاعين هما جزء أساسي من الحلّ”. واعتبر أن لا إمكانية لتعزيز الناتج المحلّي من دون إيلاء الصناعة والزراعة العناية الضرورية، مع كل ما يعنيه هذا الأمر من خطوات. وكشف أنه سيجتمع خلال الأسبوع الحالي مع ممثلي القطاع الصناعي، بهدف إشراك كل المعنيين بوضع العناوين الرئيسية لخطة الإنقاذ الصناعي. وختم قائلا: “تتضمّن توصيات “ماكنزي” الاقتصادية عددا كبيرا من الأفكار الجيدة التي يجب المضي في تنفيذها. وسنتبنّى العديد من المشاريع المطروحة في الدراسة ضمن الخطة الاقتصادية للحكومة. في الدرجة الأولى، يجب العمل على إنشاء المناطق الصناعية، لأنها أفضل حلّ لدعم وتيسير أعمال المصانع. ومن الضروري أيضا إيلاء قطاع الدواء كل الاهتمام اللازم. وفي هذا المجال تم وضع دراسة جديدة لدعم القطاع الدوائي اللبناني، الذي أعتقد انه يستطيع لعب دور جوهري وكبير. كما علينا إيلاء موضوع الصناعات المتعلقة بنبتة الحشيشة لأغراض طبية، العناية المطلوبة. والمضي قدما في دعم الصناعات الغذائية. كل هذه الملفات إضافة إلى ملفات أخرى باتت على طاولة مجلس الوزراء، وهي ستجد طريقها إلى الخطة الاقتصادية”.
المصدر: awalan.com – حوار اياد الديراني – الاقتصاد والاعمال