الطائر – لبنان:
نظّمت كلية الحقوق بالتعاون مع كلية الطب في جامعة الروح القدس- الكسليك حلقة نقاش قانونية- طبية، وذلك نظراً إلى أهمية قانون الصحة والمسؤولية الطبية في مجتمعنا المعاصر، بحضور حشد من الأساتذة والطلاب في قاعة المؤتمرات.
الأب هاشم
بدأ اللقاء بكلمة لعميد كلية الحقوق الأب طلال هاشم كلمة أكد فيها “أن المسؤولية الطبية تتصدّر أبرز القضايا على الساحة اللبنانية. ولا يمكن إخفاء وجود نوع من “المبارزة” بين الأطباء من جهة والقضاة من جهة الأخرى، فيبرز، أحياناً، رأيان متناقضان حول موضوع واحد. يضع الطرف الأول قواعد مساءلة مرنة بالنسبة إلى الطبيب، أما الطرف الثاني فله رأي قانوني يهدف إلى حماية المريض، الطرف الضعيف في العقد الطبي، فيوجّه أصابع الاتهام إلى الأطباء الذين يجدون أنفسهم واقفين بين واجبهم الذي يقضي بتوفير العناية اللازمة بكل ضمير وبين إرادة المريض”. وأمل أنّ يكون هذا النشاط “خطوة باتجاه إصلاح قانون الصحة في لبنان، هذا الاصلاح الذي لا يمكن أن يتمّ إلاّ بعد تشريع قانون خاص بالصحة العامة. فمبادرتنا اليوم ليست سوى المحطة الأولى في سلسلة من المشاريع الهادفة إلى تحقيق هذا الاصلاح الضروري”.
لحود
كما تحدّث عميد كلية الطب البروفسور جان-كلود لحود الذي أشار إلى “الفرق الكبير بين المضاعفات التي تحصل خلال العمل الجراحي أو حتى بعده والتي تكون خارجة عن إرادة الجميع وبين الخطأ الطبي”. وختم داعياً إلى “الإفساح بالمجال إلى أهل الاختصاص والكفاءة للقيام بدورهم وعدم السماح للتدخلات غير المهنية بالتأثير على حسن سير العمل الطبي”.
غنيمة
ثم أدار الحلقة كلٌّ من الدكتورة سيلين بعقليني والدكتور زكي غريّب. وألقى البروفسور جورج غنيمة محاضرة بعنوان “طبيعة الالتزام الذي يقع على عاتق جرّاح التجميل”، مشدداً على “الكفاءة العالية التي يتمتّع بها الأطباء اللبنانييون، إذ تبلغ نسبة الأخطاء الطبية فقط 1%”. وقدّم لمحة تاريخية عن الجراحة التجميلية فهي “قديمة العهد وليست وليدة اليوم كما يعتقد كثيرون، وهي لا تقتصر على تجميل الوجه فحسب بل تمتد إلى إزالة التشوهات من مختلف أعضاء الجسم لأنّ الجراحة التجميلية تهدف إلى فهم الحالة النفسية للمريض وتحسينها. وفي الوقت عينه، من واجب الطبيب أن يعطي للمريض رؤية واضحة عن العملية الجراحية التي سيقوم بها، بدءاً من أهميتها مروراً بمخاطرها ونسب نجاحها وصولاً إلى النتائج الإيجابية والسلبية المترتبة”. وعدّد الخطوات التي تقوم بها الجمعية اللبنانية لجراحة التجميل والترميم، ومنها: اتّخاذ إجراءات تمنع الدعاية الطبية لأنّه لا يحق للأطباء الترويج لعملهم الطبي بالإضافة إلى تنظيم حملات توعية تهدف إلى إرشاد المريض وتوعيته على ضرورة اللجوء حصراً إلى الطبيب المختص بالجراحة التجميلية”.
مولى
بعد ذلك، كان للدكتورة دينا مولى مداخلة بعنوان “إعلام المريض”. فأكّدت أنّ “من حق المريض أن يحصل على جميع المعلومات الضرورية، بطريقة بسيطة وواضحة، لدمجها مع قناعاته الشخصية ومعتقاداته الدينية وتقاليده الثقافية، ومن واجب الطبيب أن يضمن تلقّي المريض هذه المعلومات بالرغم من العقبات الاجتماعية والثقافية. فهذا الحوار القائم بين الطبيب ومريضه يؤسّس لثقة متبادلة بين الطرفين، ويجنّبهما أي سوء تفاهم لأنّه يوضح الخيارات العلاجية ومنافعها ونتائجها والأخطار الممكنة، ويضمن بالتالي إتخاذ القرار المناسب وإصدار حكم عادل في حال حصول أي خطأ. ويبقى الإعلام الشفهي غير كافٍ بل يجب أن يُستكمل بإعلام خطيّ بهدف إعطاء المريض وقتاً للتفكير والتأجيل والمناقشة. ولابد من الإشارة إلى أنّ حق المريض بالحصول على المعلومات هو حقٌ محميٌّ من الناحية القانونية والقضائية والأخلاقية في مختلف المستشفيات الخاصة والعامة”.
أفتيموس
ثم تحدّث البروفسور جورج أفتيموس عن “وضع الطبيب المقيم، فهذا الأخير يعمل وفقاً لتفويضٍ من الطبيب أو من رئيس القسم التابع له، فيحقّ له أن يتدخّل طبياً في الحالات العادية التي لا تطرح أي مشاكل جديّة، كما يحق له إعطاء وصفات طبية محددة وتشخيص للحالات المرضية”. وفي الختام، شدّد على “الدور الأساسي الذي يقوم به رؤوساء الأطباء، لضمان سلامة المريض من خلال متابعة المريض شخصيا”. وأضاف: “يقع على عاتق الطبيب المقيم أن يتخذ تدابير الحذر وأن يساعد المريض في حالات الطوارئ”.
أيوبي
وكانت المداخلة الأخيرة للقاضي أحمد أيوبي، حملت عنوان “التدخل الجراحي وعشوائية التجاوب مع العلاج”. فقدّم قراءة قانونية شارحاً أنّ “للتدخّل الجراحي منفعة علاجية كشفاء المريض وإنقاذ حياته أو منفعة جمالية تفضي إلى تحسين شكل المريض وبالتالي تفيد حالته النفسية. أمّا عشوائية التجاوب مع العلاج فتعني وجود جانب من الشك يكمن في كل عمل طبي. من هنا، يمكن استنتاج عناصرها الأساسية: احتمال وجود ضرر ما، ظهور الضرر خلال التدخل الجراحي، والوصول إلى نتائج دراماتيكية بعد التدخل الجراحي”. وأكّد أنّه “من واجب الطبيب، قبل الشروع بأي تدخل جراحي، أكان تجميلياً أم غير تجميلي، أن يعتمد على قاعدة النسبية لدرس منافع هذا التدخل من جهة والأضرار التي قد تترتّب عليه من جهة أخرى كي يستطيع أن يتخّذ القرار المناسب بالقيام بالعملية الجراحية أو بالامتناع عنها”.
وتخلّل اللقاء نقاش مع طلاب الحقوق والطب مستفدين بذلك من خبرة المحاضرين.