الطائر -كندا:
أبكاه وجع بلاده وأنين شيبه وشبابه، فانتفض لواقع أرهق الموت دنياه وقرّر مد يد المساعدة علّه ينفض غبار انفجار آثم التهم براءة الصغار كما ذكريات الكبار. فصمّم وبدأ، وبعصامية لا تعرف الخوف انطلق بمشروعه الفردي الصغير الكبير علّه بفلس الأرملة يرفع الغبن عن أبناء بلاده، هو الذي بات مشروعه اليوم على كل شفة ولسان.
أحمد عيسى، المزيج اللبناني الخام، إبن الجنوب المولود في بيروت والمقيم في طرابلس قبل أن ينتقل للإقامة في تورونتو – كندا- هو ضيف موقعنا المتميّز برسالته الإنسانية، التقيناه للتعرّف أكثر على مبادرته الرائعة ذات الطابع الفردي والتي أسهمت وعلى نعومة أظافرها بتأمين العمل لعدد لا بأس به من اللبنانيين، فبادرنا بالقول: “بُعيد انفجار المرفأ الأليم، وفي ما كنت أُتابع أحد البرامج التلفزيونية المولجة جمع التبرعات لمساعدة متضرّري الإنفجار، بكيت لشدّة تأثري وتمنيّت لو أني أستطيع المساعدة ولو بجزء بسيط، وفي أثناء خلودي الى النوم، راودتني فكرة ابتكار أكسسوارات من عملتنا المنسيّة وبيعها علّها تساهم بشيء مما أحلم، ولشدّة خوفي من أن يستسلم نواة مشروعي للنوم فيما لو أنا استسلمت له، بدأت رحلة البحث عبر الانترنت ومن ثم التخطيط ورسم الأهداف قبل أن أتصل بشقيقتي في لبنان لمساعدتي في اختيار من يكون أهل ثقة أولًا وذو ابداع ثانيًا لنعمل معًا على تنفيذ المشروع.
وهكذا انطلقنا معًا أنا من كندا وحسام مصمّم الأكسسوار من لبنان في رسالتنا المدروسة بشقيّها: الأول تقديم الدعم المادي لأبناء بلادنا في ظل الأزمة الإقتصادية الخانقة والثاني تأمين العمل من خلال المشروع لعائلات لبنانية يقيها العوز والجوع في ظل الفقر المدقع في لبناننا الحبيب، علّنا بهذا نكون قد استطعنا أن نعيد لليرة بعضًا من قيمتها المهدورة وربما نكون قد ساهمنا بتعزيز اقتصادنا المنهك”.
سألناه عن أي نوع من العملة اختار وكيفية التعامل معها وتأمينها، أجاب: “إنها فئة الـ50 ليرة الفضّية المعدنية الصغيرة الصادرة في العام 1994، وقد استطعت شراء 20 ألف قطعة من مصرف لبنان عن طريق أحد الأصدقاء على أمل شراء المزيد مع نجاح وتطوّر المؤسسة التي آمل من خلال اسمها “ليرتنا رجعت تحكي” أن تكون فعل خير بالفعل على عملتنا المدمّرة اليوم”. وأضاف:”تصاميمي تشمل أزرار القمصان والأساور والعقود المصنوعة يدويًا من الجلد الأحمر والأسود وألوان علم لبنان وسأبيعها “Online” بقيمة 20 دولار للمغتربين و 30000 ليرة لبنانية داخل الأراضي اللبنانية على سعر 1500 ليرة للدولار الواحد أي كما كان الوضع ما قبل الأزمة”.
وعمّا إذا كان هناك من جهة داعمة لمبادرته الملفتة، أجاب: “أعمل وحدي ولا شركاء أو مموّلين معي إطلاقًا حتى أني اقترضت المال لإطلاق المشروع الذي لطالما آمنت بنجاحه ورسالته الهادفة كثيرًا. أما إن كنت قد تعرضت لأطماع بعض السماسرة فأقولها وبكل صراحة نعم، لكن العمل الإنساني أقوى بكثير من ذبذبات لن تستطيع أن تأكل حق من نعمل لأجله وله”.
ويلفت عيسى إلى اتصال تلقاه من مصمّمة الـ50 ليرة نهى قباني هنأته فيه على مبادرته الإنسانية المسؤولة، هو الذي ولشدّة حبّه لبلده رفض أن يتم تعريض عملتها للأذى مستعيضًا عن الثقب بالتلحيم في عملية الأكسسوار حفاظًا على قيمتها المعنوية.
أما عن كيفية تسويق مشروعه، فأجاب: “أطلقت بداية فيديو أشرح فيه أهداف وتفاصيل مبادرتي ومن ثم بعده تمّ التواصل مع المكتب الإعلامي للفنانتين العالميتين “شاكيرا” و “سلمى حايك” اللذين أبديا كل التجاوب والدعم، أما بالنسبة لفناني لبنان، فبعضهم من شاهد الفيديو ولم يتجاوب إطلاقاً حتى لم يكلّف نفسه عناء الرد على اتصالي الذي كنت أنوي من خلاله تقديم هدية رمزية من أعمالي، في ما بعضهم الآخر شجّع المبادرة وقَبِلَ الهدية التي اعتبرها قيّمة وعمل على تسويقها من خلال جمهوره والإعلان عنها في صفحات تواصله الإجتماعي، من أمثال الفنانة تقلا شمعون، ماغي بو غصن، نسرين ظواهرة، ربيع الزين، ميرنا القاضي وغيرهم الذين أثنوا على رسالتي الإنسانية المعبّرة”.
أضاف: “للأسف، بعض الناس في بلادي لا زالت تعيش المظاهر الرنّانة، وسدّ الآذان هو أفضل ما تجيده، لكن أكثر ما صدمني هو تشجيع من لا يملك المال والعاطل عن العمل مقابل المقتدر ماديًا الغائب عن السمع”.
وفي سؤال حول الجهة المولجة تولي توزيع الأموال، لم يتردد عيسى بالقول: “لا ثقة لي بحكم ولا حكّام. سأجمع المال للمساعدة بالتأكيد، لكن وعن طريق جمعية Lebanon Strong الكندية ستوزّع الأموال على جمعيات موثوق بها كمثل جمعية عامل، المقاصد، كاريتاس لبنان، وغيرها من الجمعيات التي يتم التواصل معها اليوم”.
وفي الختام، تمنى عيسى أن تصل مؤسسته لكل لبناني في كل أنحاء العالم وتعود القيمة المالية للبنان الذي خسر الكثير وقد آن الأوان أن يعود إلى الحياة من جديد، لأنها وبالفعل تليق له وبه.
المصدر: الكلمة نيوز