الطائر – لبنان:
إذا نقرت على الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني لتجمع الباحثات اللبنانيات، تمر صور عدة أمامك مع جملة مقتضبة عن دور “باحثات”، وهو منبر لصوت المرأة في ميدان البحث. كلام جريء وجذاب، يليق جداً بمفهوم المرأة الباحثة بالمعنى الجدي للكلمة.
حاول “النهار العربي” أن يتعرف الى دور “باحثات” من خلال حوار مع أمينته العامة هدى طالب سراج.
“هي تجربة حية لي وللزميلات العديدات ومفصل تأسيسي في مسار كل منا”، قالت سراج مشيرة الى أن “من جلّ إهتمامات التجمع إبراز صوت المرأة في الميدان البحثي بعد أن كان مغموراً”.
وشددت على القيمة المضافة التي عرفتها في كنف “باحثات” حيث “تعرّفت عن كثب إلى نساء “كبيرات”، علماً وخُلقاً وجرأةً في قول الحق”.
وذكرت سراج أن التجمع يضم “نساء باحثات ذوات طاقات مبدعة، منهن الزميلة العزيزة الراحلة وطفاء حمادي التي لن أبكيها اليوم، بل سأمسرح وإياها بفرحٍ بعضاً من المشترك، الذي ألفناه نحن “الباحثات” في “أيام العمل” و”لقاءات” مثلما في عوالمنا الخاصة؛ ما شكل حاضنة مميزة كانت ولا تزال تفعل فعلَها في النفس والفكر وعلى الورق”.
“أجمل ما جمع شملنا هو السعي المطرد لنكون مستقلات، أقله عن مراكز السلطة؛ ولو عاش إدوارد سعيد بيننا، لوجد تجسيداً لتوصيفه بأن المثقف الذي يراه رجلاً أو امرأة انسانٌ مستقل عن مراكز السلطة.” قالت. وأضافت: “ونحن كـ”باحثات” ملتزمات أيضاً توصيل صوتنا وبحوثنا وكتاباتنا إلى مجتمع قد يكون في الأعم الأغلب غير مستعد أو غير مؤهل لسماعنا”.
وحددت مسار البحث معتبرة أنه “عصف وعصر يبدأ بـ “عين مفتوحة” على المختلف والمبتكر والمسكوت عنه”، معلنة أنه “رحلة تبدأ مع الذات نحو المعرفة والتوق إليها “حتى العضم”؛ والتي على حد قول الزميلة أنيسة الأمين مرعي، هي “في البحث والتنقيب عند الكثير من المبدعين والمثقفين، وبخاصة النساء، كونهن المنفيات من جنة النظام الرمزي الذي يسمي ويُوزع الأدوار”.
وأضافت: “المعرفة ليست تلاوة وصلاة، بل دخول في أتون التقاط المعنى الذي تلح عليه الذات الراغبة والمتكلمة. من هنا تصير النصوص مداورة تلتف وتستبدل، لتقول الكثير بين الأحرف”.
من زاوية كلاسيكية، رأت سراج أن تعريف “تجمع الباحثات اللبنانيات”، واختصاراً “الباحثات” هو محيط بحثي يتبنى مفهوم التنوّع كمنظور عام، إن كان على صعيد التخصصات العلمية في مختلف فروع المعرفة الإنسانية، أو على صعيد المقاربات المتعددة في بحوثه: نسوية أو نسائية أو أنثوية أو جندرية أو غير ذلك. إنه مساحة حرة لتبادل الأفكار وللحوار، يؤمن للباحثات إمكان التلاقي على الصعيدين الشخصي والإنساني وعلى الصعيد البحثي”.
بالنسبة إليها، “التجمع هو حضن داعم يؤمن إنضاج الأفكار والتجارب التي تتولد في نصوص تفرد حيزاً للهامشي والمغاير والمختلف، أو في ممارسات إبداعية تطاول المستور أو المخفي، أو في إنتاج بحثي يلتقط حساسيات مختلف الفئات الاجتماعية أفراداً وجمعيات وجماعات”.
متى تم إنشاؤه؟ “في العام 1992 بعد أعوام من العمل المشترك بين أستاذات وفاعلات ناضلن لكسر الحواجز المناطقية والطائفية”.
وأستطردت: “تعمل “الباحثات” على الحفاظ على صيغة غير الهرمية بالنسبة الى إدارة شؤون التجمع وعلى التعاطي الودّي بعيداً عن الأساليب السلطوية والرسمية الجامدة”.
سيدات كبيرات انتسبن الى التجمع منهن جين سعيد مقدسي، نجلاء حمادة، عزة شرارة بيضون، أنيسة الأمين مرعي، نازك سابا يارد، فاطمة سبيتي قاسم، إلهام كلاب، نهى بيومي، مود اسطفان، فادية حطيط، كارمن بستاني، مارلين نصر، جنى الحسن، رفيف صيداوي، عزّة سليمان، مي جبران، رجاء نعمة، نهوند القادري، أمل حبيب، حُسن عبود، هند الصوفي، لميا مغنية، صباح غندور، نايلة قائدبيه، سلمى سماحة، جنى بدران، لمى كحال، ريمي عبد الرسول، كارين مخيبر، سمر كنفاني، سلام فقيه، والراحلة وطفاء حمادي وغيرهن.
“الأسلوب الإداري، الذي اخترنه، هو أسلوب نسوي منفتح، والتجمع يهتم بالحفاظ على الحقوق الفكرية لأصحابها من الباحثات وبالعمل على تحسين نوعية الإنتاج البحثي بخاصة للباحثات الناشئات، مع العلم أنه يشجع على العمل الجماعي بين “الباحثات” وبين آخرين من خارج التجمع”، شرحت.
ولفتت الى أن “التجمع نشر عشرات الإصدارات ومنها “الكتاب السنوي” الذي نحن اليوم بصدد إعداد الرقم 18 في سلسلته. صيغته التفاعلية هي في إعداد المؤتمرات ومنها “النسوية”، “أدب الأطفال”، “المجتمع المدني”… وتتم أحياناً بالمشاركة مع مراكز بحثية أو جامعات أو هيئات. كما ينظم ورش عمل وعلى سبيل المثال “المرأة والمال”، “الممارسات الثقافية للشباب العربي”…
ماذا عن فعالية التجمع؟ “نحن مستقلات، وتالياً بعيدات من السلطة السياسية والدينية والمالية؛ ما يرتب تصنيف البعض لنا بقلة الأهمية أو الفاعلية؛ لكننا في الحقيقة نشكل حافزاً للطاقات النسائية الشبابية والأخرى التغيرية”.
وخلصت الى القول: “نحن عاشقات للمعرفة، بشغفٍ نتعاطى فعل الدرس والبحث والإنتاج، وكوننا نساءً فقد غلّبنا إنسانيتنا وحتى نسويتنا، عمّا عداهما”.
المصدر: النهار العربي – روزيت فاضل