الطائر – لبنان:
قفز ثلاثة من أبرز رياضيي الطيران بالبزّة المجنّحة في العالم من أعلى قمة في لبنان، وحلّقوا فوق غابة الأرز الفريدة ووادي قاديشا المصنّف من قبل منظمة اليونسكو على لائحة التراث العالمي.
يَعرف كل من زار لبنان تمام المعرفة أنه أرض التنوّع الجيولوجي المذهل والمناظر الطبيعية الخلابة. ورغم صعوبة التحدي، إلا أن أفضل الطرق على الأرجح للتمتع برؤية وطن الأرز من زاوية جديدة كلياً، هي من خلال إجراء مسحٍ بصريّ بكل ما للكلمة من معنى، ببزّة مجنّحة بعد القفز من طوافة القوات الجويّة اللبنانية.
كانت فكرة المشروع الخيالي بدأت ترتسم في ذهن الفرنسي فريد فوغن، نجم القفز الحر “بايس جامب” والتحليق بالبزة المجنّحة ورياضي ريد بُل للقفز المظلي من فريق “سول فلايرز”، مع سفره برفقة فنسان كوت وأورليان شاتار إلى لبنان لمحاولة تحقيق إنجاز غير مسبوق. وبإرشاد من فريق بلدية بشري، ومواكبة من القوات الجوية اللبنانية بطوافة هليكوبتر مع تقديم كل الدعم في الأجواء، وشركة النشاطات في الهواء الطلق “سيدرزينغ” (Cedarzing)، قام الثلاثي بالتحليق فوق منطقة بشري، وصولاً إلى قمة القرنة السوداء المكسوّة بالثلوج، وهي أعلى نقطة في لبنان وتشرف على غابة الأرز الشهيرة والكثير من المواقع الشهيرة في البلاد.
[اشترك في قناة «الطائر» على يوتيوب]
وقال فريد فوغن: “من الرائع أن يكون في استطاعتنا تنفيذ القفزة من ارتفاع مماثل، في الجبال وفوق أشجار الأرز، وصولاً إلى عمق الوادي. فتح المظلات وسط منحدرَين والهبوط في نهاية الوادي شكلاً حدثاً مشوّقاً بالفعل. ثمة أمر مميز حقاً في ما يتعلّق بتلك اللحظات التي اختبرناها منذ البداية وحتى النهاية. اختبرنا مزيجاً من الألوان المختلفة، والمناظر التي تتعانق في ما بينها، وهو سرّ جمال هذا المكان.”
وكما في كل تحليق جريء بالبزة المجنّحة، تشكل الرياح التحدي الأبرز، نظراً إلى أنها قد تقذف الرياضيين في أي لحظة خارج المسار المحدد. ووسط القمم والوديان التي أحاطت بهم، شكل الطيران البشري على مقربة من غابة الأرز، وشبه ملامسة الأشجار المعمّرة ما بين ثلاثة آلاف وأربعة آلاف سنة، تحدياً مذهلاً ومثيراً للاهتمام في عالم الرياضات الجوية القصوى. ومع تحليق الفريق على مستوى شديد الانخفاض، كانت القفزة تنطوي على تحديات تقنية وصعوبة بالغة لتنفيذها بنجاح. وغالباً من كان الثلاثة يمرّون فوق الأرض ببضعة أمتار فقط، مع انحدارهم في الجو نزولاً نحو الوديان، وسط دهشة سكان القرى.
وخلال التحليق، مرّ فوغن، كوت، وشاتار، فوق عدد من أبرز المعالم اللبنانية، من بينها بلدة بشري الرائعة، وأشجار الأرز التي تخطف الأنفاس، وعبر وادي قاديشا المذهل، وليس بعيداً عن الصليب الأثري العريق.
وبعدما شكلت رحلة الطيران البشري لرياضيي البزة المجنّحة فوق المواقع اللبنانية المهيبة مصدر إلهام لها، أنتجت فرقة أدونيس الموسيقية اللبنانية نسخة سينمائية لأغنيتها الشهيرة لعام 2021 “من أجمل ما”، في إصدار حصري خاص بالموسيقى التصويرية للمشروع. ويمكن الاستماع إلى الإصدار الأصلي للأغنية على الرابط: https://linktr.ee/MenAjmalMa
وربما شكلت كلمات مسؤول المكتب السياحي في بشري جوني رحمة أفضل وصف للحدث البارز. فهو تذكّر رواية قديمة عن نسور وادي قاديشا، والمعروفة أيضاً بالنسور الملكية، والتي كانت تعبر الوادي وتهتم بحمايته. وفي تلك اللحظات الشاعرية، لدى مشاهدة فوغن، كوت، وشاتار، وهم يحلّقون فوقه، علّق ببساطة قائلاً إن نجوم الرياضات القصوى الثلاثة هؤلاء هم بمثابة النسور الجديدة لوادي قاديشا المقدس.
ربما وللحظات عابرة، عادت النسور الملكية بالفعل إلى أجواء لبنان…