الطائر – لبنان:
قال السفير الصيني الجديد في لبنان تشيان مينجيان أن الصين تنظر بأهمية إلى تطوير العلاقات الصينية اللبنانية، وأنه سيفعل كل ما في وسعه لتعزيز هذه العلاقات التي وصفها بـ “التاريخية”. وأضاف أن لبنان والصين أقاما العلاقات الدبلوماسية منذ زمن بعيد، وأنهما يقتربان من موعد الاحتفال بالذكرى الـ 50 على إقامة هذه العلاقات. وقال السفير مينجيان في لقاء عبر الانترنت جمعه برئيس تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني علي محمود العبد الله: “سنعمل على تعزيز التعاون أيضا مع تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني، الذي تربطنا به علاقات قديمة، وسنحرص على تطوير العلاقات بين لبنان والصين على المستويات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها من المجالات”. أما العبد الله فرحّب بالسفير في لبنان، وقال إن التكليف الجديد له يأتي بعد 23 عاما من تكليفه بمهام في السفارة الصينية في بيروت، وقال مخاطبا السفير: “لديكم معرفة تفصيلية بوضع لبنان وبالظروف المحيطة بحياة الناس، وهذا يمنحكم قدرات خاصة خلال الفترة المقبلة أثناء قيامكم بمسؤولياتكم. لقد عدت إلى لبنان بينما يمرّ بلدنا والعالم كله في مرحلة صعبة وحساسة، وهذا النوع من المراحل يتطلب دبلوماسيين على قدر كبير من الخبرة، وأنت يا سعادة السفير تتمتع بقدرات وخبرات مميزة ستتيح لك التعامل بفعالية مع الظروف الحافلة بالتحديات في لبنان خلال الفترة المقبلة”. وعلى صعيد اقتصادي آخر، ذكر السفير خلال اللقاء أن مشكلة نقص الحاويات من الصين إلى مناطق مختلفة من العالم ومن بينها لبنان، ستجد طريقها إلى الحل مع عودة النشاط الاقتصادي العالمي إلى طبيعته في ظل انحسار جائحة كورونا. وقال إن الصين سبقت الأسواق العالمية في العودة إلى التصنيع والتصدير بكامل طاقتها، ما شكل ضغطا على حركة الحاويات من الصين إلى العالم.
أزمة الحاويات
وأضاف السفير: “أول مهمة دبلوماسية لي خارج الصين كانت في لبنان منذ عقود، وبمجرد عودتي منذ أيام إلى بيروت تذكرت الكثير من الأمور المتعلقة بخصوصيات هذا البلد، ثمة ذكريات جميلة أحملها من الفترة الماضية التي أمضيتها هنا”.
وقال مخاطبا العبد الله: “يسعدني أن ألتقي بكم، من الواضح أنكم أصدقاء للسفارة منذ زمن بعيد. وأود أن أتوجه إليكم بالشكر على الزيارة التي قمتم بها على رأس وفد كبير للتضامن مع الصين عندما انتشر الوباء في بلادنا. لقد أخبرني السفير السابق وانغ كيجيان عن مبادرتكم وأتشكركم من جديد على هذه الخطوة التضامنية. ويهمني التأكيد على أهمية التنوّع الذي يتميّز به تجمّعكم، فالتنوع في لبنان هو ميزة تفاضلية أساسية. والجدير ذكره أن لدينا علاقات تاريخية مع لبنان ونحن نقترب من الاحتفال بالذكرى الخمسين لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الصين ولبنان”.
وتابع مينجيان فتحدث عن أزمة الشحن البحري وعدم توفر الحاويات، فقال: “بعض المسؤولين السياسيين الذين التقيتهم بعد وصولي إلى لبنان، طرحوا موضوع ارتفاع أسعار النقل البحري بين الصين ولبنان. وبصراحة، المشكلة هي أن العالم كله لا زال يعاني على المستوى الاقتصادي نتيجة انتشار وباء كورونا. أما الصين فقد خرجت من الأزمة والمصانع الصينية تعمل بكامل طاقتها وهي تُنتج وتصدر كافة أنواع السلع والبضائع. ومع أن البعض يرى أن هناك تغيرات في مصادر سلاسل التوريد، إلا أن الحقيقة هي أن الصين اليوم تُنتج النسبة الأساسية من البضائع التي تحتاجها الأسواق العالمية وتصدرها إلى كل البلدان”.
وأضاف: “لهذا السبب فإن الحاويات الصينية حُجزت من جانب الشركات كما تم حجز الحاويات من بلاد أخرى حول العالم، لكي تلبي الصين حاجات الأسواق العالمية. ولهذا ارتفعت أسعار الشحن نظرا لقلة العدد المعروض من الحاويات، وهذا هو السبب الحقيقي لنِدرة الحاويات. أتمنى أن تتحسن هذه الظروف مع محاصرة جائحة كورونا حول العالم، خصوصا مع عودة النشاطات الاقتصادية في الأسواق الرئيسية إلى طبيعتها. وهنا يهمني أن أشير إلى أن مشروع الحزام والطريق يشكل حلا مناسبا لقضية النقل، ونحن نرى أن هذا المشروع ساهم بإيجاد حلول لتعزيز النقل بين الصين وروسيا وبلدان أوروبا وبعض بلدان الشرق الأوسط. مشروع الحزام والطريق هو مشروع مفيد لكل بلدان العالم، ويعزز العلاقات الاقتصادية بين الصين وبلدان آسيا وبقية بلدان العالم”.
فرصة تطوير العلاقات
أما علي العبد الله فقال: “نرحب بك في لبنان، مع تكليفك من جديد بمهام ديبلوماسية إذ سبق أن مارست مهاما في سفارة بلادك في لبنان منذ 23 عاما. لديك معرفة تفصيلية بوضع لبنان وبالظروف المحيطة بحياة الناس وهذا يمنحك قدرات خاصة خلال الفترة المقبلة أثناء قيامك بمسؤولياتك. لقد عدت إلى لبنان بينما يمرّ بلدنا والعالم كله في مرحلة صعبة وحساسة، وهذا النوع من المراحل يتطلب دبلوماسيين على قدر كبير من الخبرة، وأنت يا سعادة السفير تتمتع بقدرات وخبرات مميزة ستتيح لك التعامل بفعالية مع الظروف الحافلة بالتحديات في لبنان خلال الفترة المقبلة. ونتمنى لك كل التوفيق في مهامك، خصوصا مع تعافي لبنان تدريجيا من وباء كورونا، ما سيسمح لك بالتحرك وإجراء اللقاءات بشكل مرن”.
وأضاف: “نحن في تجمّع رجال وسيدات الأعمال اللبناني الصيني نعمل بشكل مستمر على تعزيز العلاقات الاقتصادية بين لبنان والصين، خصوصا وأنهم يمثلون كبار الشركات والشخصيات الاقتصادية ومجتمع الأعمال اللبناني من كافة الأطياف والتوجهات والانتماءات ومنتشرون في عدد من بلدان العالم خصوصا في بلدان أفريقيا وأميركا اللاتينية وهم يملكون شركات في لبنان، ولديهم حرص على تعزيز العلاقات اللبنانية الصينية. كذلك فإن شبكة علاقاتنا واسعة جدا حول العالم خصوصا مع كبار الشخصيات والناشطين في قطاع الأعمال”.
وتابع العبد الله قائلا: “لدينا علاقة تاريخية مع السفارة الصينية في لبنان، إذ كان لنا فرصة التعرّف على عدد من السفراء الذين تعاقبوا على خدمة بلادهم في بيروت. كما أقمنا عددا كبيرا من النشاطات بالتنسيق مع السفارة والمؤسسات الحكومية الصينية على مرّ السنين. واليوم لنا كل الشرف بالتعرف إليك ومتابعة نشاطاتنا معكم تماما كما كان الحال مع السفير السابق”.
[اشترك في قناة «الطائر» على يوتيوب]
وتطرق العبد الله إلى مسألة العوائق التي تحول دون عودة النشاطات التجارية الطبيعية بين الصين ولبنان بعد انتشار كورونا، وقال: “العام الماضي كان عاما صعبا على لبنان من الناحية الاقتصادية، ولا يزال هذا الملف يحتاج إلى حلول. وأعتقد أن هذه المرحلة التي يمر فيها لبنان تشكل فرصة لتعزيز العلاقات التجارية بين البلدين، خصوصا وأن الأسواق القريبة مثل أوروبا تكلّف المستورد اللبناني أرقاما أكبر بكثير مما لو استورد من الصين. لكن ثمة تحديات أخرى تواجه الصين ولبنان، وقد يكون من المفيد التوقف عندها، وهي تتمثّل في الارتفاع الكبير الذي حصل على مستوى أسعار النقل البحري بين الصين ومنطقة البحر المتوسط، وهذه مشكلة كبيرة. كما تعلمون كان يكلّف شحن حاوية بحجم عشرين قدما بين أي مرفأ صيني ومنطقة المتوسط منذ عامين ما بين 1000 و1500 دولار أميركي، أما اليوم فتصل التكلفة إلى 6000 دولار، وهذا تغيّر كبير في الأسعار. ولهذا السبب بدأ بعض التجار بتغيير مصادر بضائعهم من الصين إلى دول أخرى. لكن المشكلة لا تنتهي هنا، إذ أن هناك شحا في الحاويات البحرية التي لا يمكن الوصول إليها بسهولة. وهذا الأمر سبّب تغيرات في سلسلة التوريد بالنسبة لعدد كبير من التجار. ونتمنى أن يتم تحقيق تقدم في مشروع الحزام والطريق، لأنه سيسمح بنقل البضائع من خلال سكك الحديد، ما سيشكل مسارا بديلا عن النقل البحري أو مكملا له”.