الطائر – تونس
كتبت روعة قاسم في النهار العربي
تشهد تونس حملات واسعة النطاق لغرس الأشجار في المساحات الغابية التي أتلفتها حرائق السنتين الأخيرتين التي اندلعت نتيجة الارتفاع غير المسبوق في درجات الحرارة ولأسباب أخرى. كما تشمل الحملات تشجير مناطق مهددة بانجراف التربة، وأخرى مهددة بالتصحر وتمدد الكثبان الرملية. كما يتم غرس أشجار لإضفاء الصبغة الجمالية على جانبي بعض الطرق أو في بعض المناطق الجرداء.
وتنخرط الدولة ممثلة بوزارة الفلاحة وإداراتها الجهوية وبالإدارة العامة للغابات، ومعها منظمات المجتمع المدني وكذلك المواطنون المتطوعون، في هذا المجهود الذي حقق إلى حد الآن نتائج هامة. كما انخرطت بعض الجهات الخارجية، سواء تعلق الأمر بدول أم بمنظمات أم بمؤسسات مالية، وحتى بشركات اتصال مستثمرة في تونس، في دعم هذه الحملات.
الجمعيات تتصدر
وتؤكد الناشطة التونسية في المجال البيئي لينا مقديش أن ناشطي الجمعيات في تونس ما فتئوا يقومون بجهود جبارة في كل المجالات، ومن ذلك المجال البيئي. وكمثال عن الجمعيات التي بذلت جهوداً لافتة في حملة التشجير، تذكر مقديش جمعية “سولي أند غرين” المهتمة، إلى جانب تنظيم حملات التشجير، بمقاومة الكوارث الطبيعيّة والتنظيف وفرز الفضلات وتدويرها. وقد قامت هذه الجمعية أخيراً بحملات تشجير في عدد من الولايات، على غرار باجة وجندوبة والكاف وسليانة وبنزرت ونابل.
وتذكر جمعية “تونس النظيفة” وعدد من الجمعيات الأخرى التي دعمت جهود الدولة في إرجاع الكساء النباتي إلى الغابات التي طالتها الحرائق. كما كان لهذه الجمعيات دور بارز، بحسب مقديش، في إعادة الحياة إلى الغابات المهددة بالاندثار بفعل عبث الإنسان واستهتاره بالطبيعة وبالثروة الغابية.
وتضيف قائلة: “لفت الانتباه أخيراً ما قامت به جمعية “أنتم تغيرون بنزرت” وجمعية “متساكني رياض الأندلس”، سواء في ولاية بنزرت أم في ولاية أريانة ومتنزه النحلي، وذلك من خلال جمع المنخرطين في هذه الجمعيات والمتطوعين لدعم جهود الإدارة العامة للغابات والمندوبية الجهوية للتنمية الفلاحية في بنزرت وأريانة. وقد تم تشجير مساحات هامة في هذه المناطق، وعبّر ناشطوها لاحقاً عن رغبتهم في تشجير مساحات أخرى واسعة في الولايتين اللتين تتميزان بوجود مساحات غابية معتبرة”.
تعاون ألماني
وتضيف مقديش أن وفداً ألمانياً حكومياً وعلمياً من مقاطعة بافاريا زار تونس أخيراً، وعبر عن رغبته في التعاون في مجالات عديدة، منها إعادة تشجير الغابات. كما أعلن الصندوق الدولي للتنمية الزراعية عن رصد 75 مليون دينار من أجل مشاريع غابية في تونس لسكان الغابات في ولاية جندوبة، من بينها إعادة تشجير المساحات الغابية التي أتلفتها الحرائق الأخيرة.
وتؤكد مقديش أن هناك أيضاً شركة اتصالات أجنبية مستثمرة في تونس انخرطت في جهود تشجير الغابات التونسية. وقد شرعت هذه الشركة أخيراً في تشجير 70 هكتاراً في جبل برقو في ولاية سليانة شمال غربي البلاد. ويأتي هذا الجهد بعد توقيع هذه الشركة اتفاق شراكة مع الوزارة لدعم المبادرة الوطنية “ميثاق من أجل تونس خضراء”، والتزمت من خلاله وضع برنامج يمتد لخمس سنوات لإعادة تشجير الغابات المتضررة من الحرائق.
أجواء احتفاليّة
ويؤكد وليد بن ميلاد الناشط في المجتمع المدني والمتطوع في حملات التشجير لـ”النهار العربي” أن هذه الحملات تتم في أجواء احتفالية، لأن الأمر يتعلق بجهد هدفه إبقاء تونس خضراء على الدوام. واعتبر أن الحماسة للتشجير تزيد مع الألم الذي يشعر به المرء عند مشاهدة الكساء النباتي الغابي، وقد أتت عليه ألسنة اللهب فيتضاعف الجهد لتجاوز هذه الكارثة التي حلت بالغابات التونسية الجميلة.
ويلفت إلى أن النشطاء والمتطوعين يتنافسون على غرسة أكبر قدر ممكن من الشجيرات التي توفرها وزارة الفلاحة كل يوم أحد من كل أسبوع، ويتنقلون إلى مختلف المدن عبر الحافلات. ومن بين الأشجار المغروسة الصنوبر الحلبي والخروب والكالاتوس وغيرها، ويتم تشجير المساحات المحروقة بها، كما يتم إيجاد مساحات غابية جديدة لمقاومة ظاهرة الاحتباس الحراري.
المصدر: النهار العربي