الطائر – لبنان:
كتب د. شربل الغاوي
في الفترة الماضية حصلت معي بعض الأحداث الغريبة التي لا يمكن أن تتوقعها في ظل إنهيار تام لليرة اللبنانية وتقلبات سعر صرف الدولار.
دخلت فرناً للمناقيش في البلدة، ونظرت مباشرةً إلى لائحة الأسعار لاحظت أنها قديمة جداً، سألت صاحب الفرن عن لائحة الأسعار الجديدة، قال لي إنها لائحة الأسعار الحالية، عبّرت عن استغرابي عن السعر المتدنّي للمناقيش وقلت له “أين ربحك؟ ” قال لي بالحرف “مش هون ربحي، الربح فوق”.
قصّة ثانية، كنتُ في طريقي إلى البقاع تفاجأت أن إطار السيارة قد تعرّض لثقب، أكملت طريقي للتفتيش عن متجر للصيانة، وجدت كوخاً صغيراً يعيش فيه رجل يقوم بإصلاح الإطارات، ينام على لوح خشبي يرجّح أنّه باب قديم تحته ثلاتة جنوط، من طريقة عمله أحسست أن لديه ضمير ولا يهمه المال بقدر ما يهتم في العمل بإحتراف. بعد انتهائه من العمل سألته عن المبلغ الذي يريده قال لي “خليها علينا” قلت له لا بالعكس هذا حقّك، فطلب منّي مبلغاً ليس بالمبلغ المطلوب عادةً في صيانة إطار سيارة.
قصّة ثالثة وأخيرة، حصلت مع شاب عند الساعاتي عمل في تغيير كستك الساعة لحوالي ساعة ونصف من الوقت، بعد انتهائه طلب منه مبلغ ١٠٠،٠٠٠ ليرة لبنانية يعني حوالي دولاراً واحداً مجموع سعر القطع وأجرة اليد العاملة.
العبرة في هذه الأحداث أن هناك دكاكين ومتاجر صغيرة حولنا لديها ضمير وعزّة نفس بما يكفي لتشعر بك وليس اهتمامهم بالربح السريع ويعلمون أن الرزق على الله ولن يشعروا بالجوع ما دام ضميرهم حيّ.
اقصدوا وادعموا وأكرموا هذه المتاجر الصغيرة إنّهم يعملون بصدق وأمانة دون الاهتمام في سعر صرف الدولار، او الخارج ومشاكله، المهم لديهم ما هو في الداخل.. في داخلهم جوهر ثمين لا يقدّر.
د. شربل الغاوي
مخرج – مدرّب – إعلامي
drcharbel.com