الطائر – لبنان:
اختتم مهرجان الفيلم اللبناني دورته الثالثة عشرة التي أقيمت في مجمّع “سينما سيتي” في أسواق بيروت بين السابع عشر والحادي والعشرين من أيلول/سبتمبر 2018.
بعد سبعة عشر عاماً على الدورة الأولى التي أطلقتها شركة الإنتاج “né à Beyrouth” (بيار صرّاف ونديم تابت و وديع صفيّ الدين)، لا يزال المهرجان يشكّل منصّةً لا تفوَّت للأفلام اللبنانية أو المصوّرة في لبنان. وهو يُدار منذ العام 2012 من قبل ” Bande À Part Productions ” وينمو ويزدهرالسنة بالتعاون مع ورشة الكتابة ” FFFMed” (اللتي تترأسها كارول مزهر).
وقد قرّرت مديرة المهرجان وفاء حلاوي التي ترأس هذه الدورة أن تكرّس نسخة العام 2018 للمرأة، أو بالأحرى أن تصبغها صبغةً أنسوية من دون استثناء الرجل، الشريك الدائم الحضور في المهرجان.
وقد اختيرت بالتالي مخرجتان نافذتان لتحلّا ضيف شرف على المهرجان، هما نادين لبكي التي اختير فيلمها “كفرناحوم” لافتتاح الدورة وهايني سرور مع فيلمها “ساعة التحرير دقت” الذي رمّمته منظّمة “سينماتيك فرانسيز”. وهايني هي أوّل امرأة من العالم العربي ودول العالم الثالث يُختارعمل من إخرجها للمنافسة في مهرجان كانّ السينمائي (1974).
وخلافاً للانطباع الذي تتركه الطبقة السياسية التي لا تمثّل المجتمع بكلّ أطيافه في أغلبية الأحيان، تشكّل الأفلام الخمسة والستون المعروضة في مهرجان الفيلم اللبناني مرآةً تعكس ما نحن عليه. ولا شكّ في أن كالعدة، هواجس لا زالت موجودة. كثيرة هي الأفلام اللمسكونة بالحرب الأهلية الدائمة الحضور من خلال أعمال شباب يغوص في الماضي يحاولون سدًى فهم الأسباب التي أدّت إلى هكذا فظاعة، ساعين إلى الكشف عن حقيقة لن تنجلي يوماً (“اختفاء غويا” لطوني جعيتاني). كما أنّ المقاومة ضدّ إسرائيل حاضرة في عدّة أفلام لبنانية (“عيناتا” لعلاء منصور و”تشويش” لفيروز سرحال) وفلسطينية (“بونبونة” لركان مياسي و”وقّعت العريضة” لمهدي فليفل حول فعل المقاطعة). ولم تغب المأساة السورية عن الدورة الثالثة عشرة وهي كانت محور “Alep Terminal” لزلفى سورا و”ويبقى الصمت” لكاتيا جرجورة حول اللاجئين السوريين في باريس. ويتردّد أيضاً صدى مأساة المهاجرين في البحر المتوسّط في فيلم شيرين أبو شقرا “Happened to a Displaced AntWhat” الذي يندّد بمسلك الموت وإغلاق الحدود الأوروبية. وللقضايا الاجتماعية حصّة في المهرجان، كالتفاوت بين الطبقات الاجتماعية الناجم عن الحرب في “الخدام” لمروان خنيصر، إلى جانب مسائل أخرى أكثر شموليةً، كالمنفى، و الدياسبورا -“ك الملح” لدارين حطيط- والمشاكل الزوجية (“الغربة ” لزين ألكسندر و”Before We Heal” لنديم حبيقة و”Bad Trip” لجورج هزيم) والهويّة (“صورة” لعلي زريق)، فضلاً عن المظهر الخارجي والجمال كالغاية الأسمى (“11 دقيقة” لمنية عقل). وقُدِّمت هذه السنة للمرّة الأولى في تاريخ المهرجان مسلسلات تعرض على الانترنت، من بينها “زيارة” لموريال أبو الروس، وهو مشروع فنّي لخدمة الإنسانية تبلسم كلّ قصّة فيه جروح شخصيةٍ تعرّضت للعنف والتهميش.
وقد منحت لجنة التحكيم، المؤلّفة من هادي زقاق ودارين حطيط وناديا تورنسيف وسينتيا زافين، الجوائز التالية لدورة العام 2018:
أفضل وثائقي: ” Those From The Shore ” لتامارا ستيبانيان حول الصعوبات اللتي يواجهونها أرمن لجأوا إلى مرسيليا
أفضل فيلم: فادي باقي “آخر أيام رجل الغد” حول مخرجة شابة تتناول أسطورة “مانيفيل” الرجل الآلي الذي قدُّم كهدية للبنان بمناسبة ذكرى الاستقلال سنة 1945
أفضل فيلم تجريبي: “الليل بيني وبين علي” the night between Ali and I لنادية وليلى حطيط وهي قصّة متخيّلة فيها الكثير من الإبداع السينمائي تتمحور حول عملية السطو على مصرف “بنك أوف أميركا” التي وقعت في بيروت في السبعينات
أفضل أوّل فيلم: “الموقف” لميدو طاها الذي تتبلور فيه المضايقات التي تتعرّض لها النساء ونظرة المجتمع المحافظ إليهن وتفشّي كره الأجانب
أما بالنسبة إلى “FFFMed” ، فالمشروع الذي اقتنع به المستشارون إلى أقصى حدّ كان عمل المخرجة البرازيلية اللبنانية دانييلا سابا “L’enfant du village”. وقد حاز أيضاً مشروع بولين راسين وهلى تونسي “Palm Beach” تنويهاً خاصاً.