افتتاح الدورات التدريبية حول “سلامة وأمن الغذاء في الجيش اللبناني” في جامعة الروح القدس
الطائر – لبنان:
اقامت جامعة الروح القدس – الكسليك حفل افتتاح الدورات التدريبية المهنية حول “سلامة وأمن الغذاء في الجيش اللبناني”، نظمته كلية العلوم الزراعية والغذائية فيها، في حضور وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، وزير الدولة لشؤون المرأة جان أوغاسابيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة العامة غسان حاصباني ممثلًا بالمدير العام للوزارة الدكتور وليد عمار، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ممثلًا بالسيد هنري عطالله، قائد الجيش العماد جان قهوجي ممثلاً بعضو المجلس العسكري اللواء الركن جورج شريم ، رئيس الجامعة الأب البروفسور جورج حبيقة، رئيس بلدية جونية ورئيس اتحاد بلديات كسروان الفتوح الشيخ جوان حبيش، السيدة ماي خليل رئيسة جمعية بيروت ماراتون، عميدة الكلية المنظمة الدكتورة لارا حنا واكيم وحشد من الآباء وأعضاء مجلس الجامعة، والضباط والمقامات الأمنية والعسكرية والسياسية والبلدية والاختيارية والمدنية وممثيلهم، وأهل من ذوي الإختصاصات العلميّة والمخبرية في موضوع سلامة الغذاء… في قاعة البابا يوحنا بولس الثاني.
يقدّم هذه الدورات نخبة من الأساتذة المختصين في كلية العلوم الزراعية والغذائية في الجامعة، إضافة إلى خبراء محليين ودوليين في هذا القطاع.
وهبي
بعد النشيد الوطني اللبناني، ألقى الإعلامي يزبك وهبي كلمة تقديم أكّد فيها أنّ “سلامة الوطن هي من سلامة جيشه وسلامة جيشه هي من سلامة وأمن غذائه. من هنا انطلقت أهمية البرنامج التدريبي الموجّه للجيش اللبناني بعيد توقيع بروتوكول التعاون بين جامعة الروح القدس ومديرية التعليم في أركان الجيش للعمليات، والذي يهدف إلى اكتساب خبرات ومهارات علمية وتقنية في مجال الصحة والغذاء لتمكين الجيش من تحسين غذائه وصحة العسكريين فيه. وما هي الحاجة لتلك الدورات التدريبية في ميدان سلامة وأمن الغذاء إلاّ عملية ضرورية لما لها من أهمية ودور في الحفاظ على جهوزية العناصر القتالية والمعنوية والجسدية”.
واكيم
واعتبرت عميدة الكلية المنظمة الدكتورة لارا حنا واكيم “أن صورة الوطن وعافيته اتخذت منحى سلامة جيشه، وأبرز مظاهر هذه السلامة في نظرنا تنحصر في السلامة الغذائية التي تتصدر قائمة الإهتمامات في المؤسسة العسكرية. فسلامة الغذاء وجودته يعنيان كل إنسان ويعبّران عن صحّة الوطن واستدامتها”.
وأشارت إلى أنه “بالنظر الى هذا الواقع، يحظى موضوع التغذية في الجيش اللبناني باهتمام متزايد إذ ثبت أن الغذاء السليم والمتوازن بات ضرورياً لضمان الحفاظ على القدرات الجسدية والأداء الذهني للأفراد، سيما أن الجندي الذي يتلقى تغذية متوازنة لا يكون بصحّةٍ أفضل فحسب، بل يكون في حالة نفسيّة أفضل تؤهّله لتجاوز الصعوبات التي قد تواجهه…”
وأكدت “أن انطلاقة البرنامج التدريبي للجيش اللبنانيّ ما هو إلا إنجاز متقدم يضاف إلى الإنجازات الشجاعة للمؤسّسة العسكريّة من جهة، وتأكيد على رسالة جامعة الروح القدس – الكسليك التي لا تأبه للمصاعب بل تحملها معها في مسيرتها الى الأمام في خدمة نمو الإنسان. هي المبادىء التي يؤمن بها قدس الأب العام نعمة الله الهاشم السامي الإحترام، الرئيس الأعلى للجامعة الذي ارتضى مشكوراً رعاية هذا الحفل ودعم نشاطات جامعتنا”.
وتقدمت العميدة بالشكر من وزير الدفاع الأستاذ يعقوب الصرّاف لما “يمثّل في شخصه وعائلته من تاريخ نضالي وطني اسمه الدفاع عن وطن”، ومن دولة نائب رئيس مجلس الوزارء الأستاذ غسّان حاصباني “للأهمية التي أولاها لهذا البرنامج التدريبي”.
كما وجهت الشكر لقائد الجيش العماد جان قهوجي قائلةً: “وما من رسالة دون معلّم. المعلم الدائم الذي نستمدّ من أقواله ووقفاته الكثير من الأخلاق الوطنية وصلابة العقيدة وروح العدل والمساواة”، ومن اللواء جورج شريم “على عمله وتعاونه لإنجاح هذا النشاط”، ومن رئيس الجامعة الأب البروفسور جورج حبيقة “لدعمه المتواصل ولنظرته المستتقبلية للإرتقاء بمجتمع سليم”.
الأب البروفسور حبيقة
ثم كانت كلمة لرئيس جامعة الروح القدس- الكسليك الأب البروفسور جورج حبيقة، أثنى فيها على “ورشة العمل هذه مع الجيش اللبناني، في كنف جامعة الروح القدس، التي تؤول على نفسها أن تكون على الدوام رافعة معرفية وشريكة أساسية في تطوير جميع مفاصل المجتمع اللبناني، انطلاقا من مبدأ “الجامعة في قلب المجتمع”. فإذا كان هذا الأمر ينطبق عفويا على مكونات المجتمع كافة، فكم بالأحرى تجاه من هو العمود الفقري لمناعة الأمة اللبنانية، عنيت به الجيش اللبناني، قائدا وقيادة وأفرادا. لنقولها كلمة حق، في حين تتحلل الدولة اللبنانية على صعيد إنتاجية الإدارة العامة وخدمة المواطن التاعس في أموره الحياتية اليومية وتطلعاته المحقة، نرى بأم العين أن المؤسسة الوحيدة التي لم تخذل شعبنا اللبناني والتي كانت على الدوام محط إعجاب المحافل الدولية كافة، للكفاءة العالية بتجهيزات متواضعة، في المواجهة والأمن الاستباقي، إنما كانت الجيش اللبناني”.
وأضاف: “من هنا واجبنا أن نكون بقربه ونقدم له كامل الدعم المعنوي والحسي. تجسيدا لهذا الموقف، وقع خيار جامعة الروح القدس على قطاع أساسي في حياة الإنسان، ألا وهو الغذاء. فالغذاء أمر حتمي لكل كائن حي في عالم محسوس. والإنسان هو الكائن الحي الوحيد الذي يحضر طعامه وينظمه. فالغذاء لدى الإنسان ليس عملية استهلاكية وحسب، بل ثقافة كيانية ومعقدة. إنه شديد الالتصاق بشكل حميم بطاقة الحياة. بدونه، نحن على موعد مع هدأة الموت. معه، تُنسج روابط العائلة والمجتمع والمؤسسات. نجلس إلى طاولة التلاقي والتشارك والمحبة. فيه تتجلى أيضا وبشكل خاص هوّيةُ المواطن، فنقول مثلا المطبخ اللبناني، والمطبخ الفرنسي والمطبخ الإيطالي، إلخ… “
وخلص الأب حبيقة إلى القول: “يحتل القوت مساحة محورية في حياة الإنسان ويستدعي بالتالي منا إحاطة رصينة ومستدامة تستند باستمرار إلى أبحاث دؤوبة وعنيدة. إن هذا الأمر بالذات الذي قادنا مباشرة إلى الاهتمام العلمي بسلامة الغذاء في الجيش اللبناني، لما لهذا القطاع من مردود إيجابي على صحة العناصر وصلابتهم من جهة وعلى موازنة الدولة وترشيدها من جهة أخرى. إن هدفنا الأوّل في هذا التعاون العلمي الرائد إنما هو الوصول إلى القوّة القصوى في جسم سليم، رشق ومطواع، تحت إمرة عقل نير، حاذق وماهر”.
شريم
وألقى عضو المجلس العسكري اللواء الركن جورج شريم ممثلاً قائد الجيش العماد جان قهوجي كلمة قال فيها: “نحن نعتبر هذه المبادرة الطّيبة خطوة متقدمة في مسيرة التعاون المثمر بين المؤسسة العسكرية والجسم الطبي اللبناني والجامعات الوطنية، وفي مقدّمها جامعة الروح القدس-الكسليك، التي أثبتت بالموقف والفعل إلى جانب سلاح الإيمان، أنها منارة روحية ووطنية وأخلاقية، تماماً كما أثبتت ولا تزال، أنها منارة تعليمية وثقافية رائدة لشباب الوطن وأجياله الصاعدة”.
وأكد أهمية موضوع سلامة الغذاء والأمن الغذائي، “فسلامة التغذية هي جزء أساسي في الحفاظ على سلامة الصحة واللياقة البدنية لأفراد الجيش، وبالتالي هي عامل أساسي من عوامل قدرته على تحمّل المصاعب والمشقّات، وتنفيذ المهمّات القتالية بجدارة عالية”.
وأضاف: “من هنا كان الجيش اللبناني وبتوجيهات مستمرة من العماد جان قهوجي، سبّاقاً في إدراك أهمية موضوع سلامة الغذاء، كجزء أساسي من استراتجيته الصحية، إذ قامت الطبابة العسكرية ومديرية القوامة بانشاء المختبرات الغذائية ووضع معايير وشروط سلامة الغذاء وفق المواصفات العالمية المعمول بها، والسهر على تطبيقها من قبل الجهات المختصة والرؤساء التراتبيين، والعمل على تحسينها وإضافة المزيد إليها كلّما دعت الحاجة، وذلك بدءاً من صلاحية المواد الغذائية المستقدمة من المصدر المنشأ وأنواعها، مروراً بعملية حفظها وخزنها وتوزيعها وصولاً إلى التحضير في مطابخ الجيش واستهلاكها في القطع والوحدات، وذلك كلّه يهدف إلى تحقيق ثلاثة متطلبات أساسية: أولاً: التأكّد من جودة الأغذية وخلوّها من المواد الكيميائية أو نسب المعدلات الخطرة منها. ثانياً: منع انقال الجراثيم والميكروبات إلى الأغذية في مختلف المراحل. وثالثاً: تنويع الأغذية في الطبق اليومي وتحديد الكميات اللازمة منها بما يوفر المكونات العضوية من بروتينات وفيتامينات وغيرها… بالإضافة إلى السعرات الحرارية المناسبة للعسكريين في ضوء حاجاتهم وطبيعة عملهم وظروف مهمّاتهم في كافة المراكز القتالية والحدودية”.
عمّار
وتحدّث مدير عام وزارة الصحة العامة الدكتور وليد عمّار ممثلاً نائب رئيس الحكومة ووزير الصحة العامة غسان حاصباني مشيراً إلى “جهود الوزارة في مجال سلامة الغذاء كونها المعنية أولاً وأخيراً بحماية صحة المواطنين والسهر على سلامتهم”. وقد أعرب عن تقديره “للمستوى الأكاديمي الرفيع لجامعة الروح القدس والتزامها بالقضايا الاجتماعية والوطنية، وما هذه الدورات التدريبية إلاّ نموذجاً عن هذا الالتزام. إنّ المساهمة في سلامة وأمن الغذاء للجيش اللبناني هي فرصة للتعبير عن امتناننا تجاه من يسهر على أمن الوطن ويضحي في سبيل سلامة أبنائه”.
كما وضّح “الجدل القائم حول صلاحيات الوزارات في مجال سامة الغذاء. لا شكّ أنّ وزارة الصحة العامة هي المسؤولة الأولى عن كل ما يتعلق بصحة المواطن ولكنها في معظم الأحوال ليست المسؤولة الوحيدة حيث تنحصر مسؤوليتها في الكثير في الأحيان “بالمراقبة الانتقائية” الموجهة بالمعطيات الصحية والوبائية. إنّ النصوص القانونية التي ترعى سلامة الغذاء تعدّ بالعشرات ولا يوجد نقص بل فائض في التشريع. إلاّ أنّ المهام المناطة بمختلف الجهات الإدارية يجب أن تفهم بطريقة تتعاون فيها الوزارات المعنية وتستكمل بعضها بدل أن تتضارب في الصلاحيات…”
ثم أشار إلى أنّ “الوزارة قد بادرت في الأعوام السابقة إلى تفعيل برنامج سلامة الغذاء في لبنان عبر حملة وطنية للحد من الأمراض المنقولة بالغذاء. وقد اعتمدت استمارات خاصة بالكشف الميداني على المؤسسات الغذائية وتقوم الوزارة على مدار الساعة بتدريب المراقبين الصحيين دورياً على المراقبة وفقاً لمعايير السلامة والجودة. كما يتم اعتماد نظام التفتيش الوقائي على المؤسسات الغذائية بحيث تخضع لزيارات ميدانية مبرمجة إضافة إلى الكشف المفاجئ في حال حصول أي تسمّم غذائي أو شكوى… وأطلقت الوزارة برنامج الجودة لتصنيف المؤسسات الغذائية بهدف تحفيز ممارسات السلامة الغذائية، بحيث تكافئ المؤسسة الناجحة وفقاً لعلاماتها بشهادة فضية أو ذهبية”.
وأردف قائلاً: “لا تقع المسؤولية على الوزارات فقط بل على كل من يتعاطى بالمواد الغذائية من المزارع إلى المستهلك، وبالتالي يجب على المؤسسات المعنية أن تضم موظفين مؤهلين مع آليات عمل واضحة للرقابة الذاتية ونظام ضمان جودة موثق مع شهادة ISO تجدد دورياً. ولعلّه من الأهمية بمكان إعادة التركيز على الدور الأساسي للسلطات المحلية التي تستطيع القيام بمهام لا يمكن لأي إدارة مركزية القيام بها في كل ما يؤثر على الصحة العامة ضمن نطاقها. لا بل يتوجب على كل مواطن أن يكون مسؤولاً في الحفاظ على الصحة العامة”. وختاماً، هنّأ “قيادة الجيش اللبناني على اتخاذ المبادرة لتعزيز معايير الأمان والجودة المتبّعة في مجال التغذية والقيام بالمراقبة الذاتية”.
الصرّاف
وفي الختام، ألقى وزير الدفاع الوطني يعقوب الصرّاف كلمة أكد فيها “أن ربّنا يولي أهمية كبيرة إلى الغذاء وقد أعطانا نعمة حب الغذاء مع درس جوهري مفاده أنّ الغذاء هو أساس ديمومة الإنسان وواجب الإنسان المؤمن الحفاظ على جسده لأنّ الجسد هو هبة من الله. وفي هذا الصرح العريق لا يمكننا سوى أن نذكر ربنا”.
وأضاف الوزير: “تبيّن أنّ البحارة يعانون من أمراض مختلفة أكثر من البيئيين بسبب نقص البروتينات وبعض الفيتامينات والسبب يعود إلى نوعية غذائهم كما أنّ علاج أمراضهم يكمن في بعض أنواع الغذاء. وفي القديم، كان مبدأ الحصار الاستراتيجي أن يكون حصاراً غذائياً، بالرغم من امتلاك الشعوب حينها مختلف أنواع الأسلحة. وكان المحاصرون يسعون إلى تجويع الشعب وتحديداً العسكري كي يدافع بقدرات ضئيلة. ونستخلص من ذلك أنّ الغذاء في الجيش هو بمثابة سلاح ثانٍ وتُعتبر كلفة لوجيستية غذاء الجيش من أهم المواضيع لدى الجيوش”.
وتابع قائلاً: “مثلما يملك الجيش مخزوناً استراتيجياً للذخيرة، ينبغي أن يمتلك أيضاً مخزوناً استراتيجياً للطعام لأنّ النقاط المتقدمة في الميدان قد تُحاصر، وفي حال عدم امتلاك طعاماً وافياً يكفي العسكر لوقت رفع الحصار، سيخسرون المعركة حتماً. وأريد أن أشير إلى أنّ آليات الجيش مصمّمة بطريقة تسمح بتسخين الطعام على محركاتها الأمر الذي يؤكد انطلاق تصميم آلية عسكرية من فكرة خدمة العسكري وتسهيل حياته العسكرية”.
وختاماً تمنّى الوزير الصرّاف أن “يتم، في خلال هذه الدورات، تدريب من يحضّر الطعام ومن يأكله على حدٍّ سواء، وأن يؤخذ في الاعتبار الجانب الاقتصادي لأنّ كلفة الغذاء أساسية. وأفتخر بوجود كل ضابط وعسكري بيننا اليوم لأنّ من شأن ذلك أن يُثبت أن الجيش اللبناني يهتم بعناصره كما يهتم بسلاحه ووطنه”.