الارجنتنيون المتحدرون من اصل لبناني هل يستعيدون جنسية بلد الارز!!
الطائر – الارجنتين
بعد مطالبة طويلة من الكنيسة المارونية ومؤسسة الانتشار الماروني وحزبي “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، أقرَّ قانون استعادة الجنسية للذين يتحدّرون من أصول لبنانية. وظنّ بعض المطالبين بإقراره بأنه سيعيد التوازن الطائفي الى المجتمع اللبناني، الا ان الحقيقة غير ما يراه هؤلاء. فالمغترب المتحدر من أصل لبناني ليس مهتمًّا كثيرًا باستعادة الجنسية كما يروَّج، وفي حال اهتمامه بذلك، يكون من باب الحفاظ على الإرث التاريخي ليس أكثر. وفعلياً يسمح قانون استعادة الجنسية لكلّ من يطلب استعادة جنسيته أن يكون اسم احد أصوله من الذكور لأبيه، أو أقاربه الذكور لأبيه حتى الدرجة الثانية، مدرجاً على سجلات إحصاء 1921 و1924 (مقيمين ومهاجرين) وإحصاء 1932 (مهاجرين) فقط. الا ان هذه العملية معقدة جداً وليست سهلة، وآلية تنفيذها تتطلب كثيراً من الجهد والمتابعة من السفارات في الخارج ووزارتي الداخلية والخارجية في لبنان.
في #الأرجنتين… الكنيسة مجندة
وفي إطار متابعة قضية استعادة المتحدرين من أصل لبناني الجنسية اللبنانية، تابعت “النهار” وضع هذه العملية في الارجنتين حيث يعيش فعليًّا زهاء مليون ونصف مليون متحدّر من اصل لبناني وفق ارقام المسجلين في مرفأ بوينس أيريس في الارجنتين، والذين وصلوا في أواخر 1800 وبداية 1900 حتى عام 1932.
مطران الموارنة في الأرجنتين يوحنا حبيب شاميه تحدث لـ”النهار” عن التزام الكنيسة المارونية المساعدة في إقناع المتحدرين من أصل لبناني الموجودين في الأرجنتين باستعادة الجنسية اللبنانية. وقال ان “المطرانية المارونية وكهنتها مجنّدون وفق توجيهات سيدنا الكاردينال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لدعم مسيرة استعادة الجنسية اللبنانية للمتحدرين من اصل لبناني في دول الاغتراب ومن بينها الارجنتين”. وعلى رغم صعوبة هذه المهمة التي بدأها متطوعون منذ عامين واكثر في الارجنتين”.
وأكد أن “الكنيسة والسفارة اللبنانية في الارجنتين وبعض المتطوعين الذين يعملون من دون مقابل يتعاونون لإنجاح هذه المهمة المستحيلة، وتكمن صعوبة هذه المهمة أولاً في إيجاد المتحدرين المنتشرين في بلد على مساحة مليون كيلومتر مربع، وثانياً، في اقناعهم باستعادة الجنسية”. وتابع شاميه “أنا في معظم الأوقات أسافر مع المتطوعين الى المناطق حيث يوجد المتحدرون، ونجتمع معهم ونتحدث عن لبنان وأهمية استعادة الجنسية، وليس سهلاً اقناعهم بذلك، لكننا لم نستسلم على رغم النتائج البسيطة التي حققناها الا اننا نعتبرها مهمة جداً”.
لا شك في أن قرار قانون استعادة الجنسية سيسهل على جزء كبير من المتحدرين من اصل لبناني استعادة جنسيتهم، لكن وفق المعطيات الاولية فإن عدد الراغبين خجول وليس على قدر الطموحات لبعض السياسيين في لبنان. وفي هذا الإطار، قال سفير لبنان في الارجنتين انطونيو العنداري لـ “النهار” إن ” قانون استعادة الجنسية سيسهل لبعض المتحدرين استعادة الجنسية بعدما تعذر عليهم ذلك في السابق، فبعضهم لا يحق لهم بها لان اسماءهم لم تضم الى الاحصاءات التي حصلت في بداية القرن الماضي لأنهم لم يسجلوها، فيما أبناء أعمامهم استعادوها او يمكنهم ذلك لأن اسماء آبائهم مسجلة في الاحصاءات، والقانون الجديد يسمح بتسوية اوضاعهم بمجرد أن يكون احد افراعهم مسجلاً في سجلات احصاءات 1921 و1923 و 1932 وسجل المهاجرين”.
الإقبال ضئيل
وعن حجم الاقبال على استعادة الجنسية في الارجنتين، قال العنداري إن ” ثمة حالمين يأملون بإعادة الجنسية الى الآلاف، غير ان هذه الخطوة صعبة المنال وتحتاج الى عمل مضنٍ”. واضاف “من يتوقع ان غداً سيقف المتحدرون من اصل لبناني بالطوابير امام السفارة اللبنانية لتقديم طلبات لاستعادة الجنسية فهو حالم، اولاً ليس ثمة حماس كبير لدى هؤلاء لفعل ذلك، والذين قدموا الطلبات شجعناهم من خلال الجولات التي قمنا بها بالتعاون مع المطران شاميه وعدد من اللبنانيين المتحمسين للبنان في المناطق التي يوجد فيها المتحدرون، حيث نجلس معهم ونخبرهم عن لبنان ونطلعهم على سجلات أجدادهم واقاربهم، وفي حال ارادوا تقديم الطلب نقدمه عنهم ونتابعه، وفي حالات عدة ندفع عنهم التكاليف”.
الهدف 4 %
يصل عدد المتحدرين من اصل لبناني الى المليون ونصف مليون وفق ارقام السفارة اللبنانية. وقال العنداري إن “الوافدين الى الارجنتين بين عام 1860 و 1960 هو 110 آلاف لبناني بحسب عدد اللبنانيين المسجلين على مرفأ الارجنتين وليس الذين جاؤوا الى البرازيل او الارغواي وعبروا الى الارجنتين، ونحن حصلنا على هذه المعلومات التي تتضمن اسماء البواخر التي اقلتهم من لبنان الى بوينس ايريس، وقدرنا ان هذا العدد بعد مئة عام وصل تقريباً الى مليون ونصف مليون بسبب الزيجات والوفيات والولادات، وفي حال تقدم 4 في المئة لاستعادة الجنسية نكون قد حققنا انجازاً كبيرا”.
آلية العمل
بعد إقرار القانون، يتوجب وضع آلية مشتركة لوزارة الخارجية في شأن كيفية التعاطي مع ملف استعادة الجنسية. وفي هذا السياق، دعا العنداري “الخارجية اللبنانية التي قامت بمجهود كبير في عهد الوزير جبران باسيل الى تدريب القناصل على موضوع استعادة الجنسية وتزويدهم بأسماء المسجلين في الإحصاءات وسجل المهاجرين لتسهيل العمل وكسب المزيد من الوقت، عوضاً من مراسلة الخارجية والاخيرة بدورها تراسل الداخلية والاخيرة تراسل النفوس للبحث عن سجلات مقدم الطلب، ما يتطلب عاماً على الأقل، لذلك يجب مكننة سجلات احصاءات 1921 و1923 وسجل المهاجرين وتزويد السفارات بها لتسهيل العمل للبت بهذا الموضوع بسرعة”.
المطران شاميه يدعمنا
الكنيسة ملتزمة بهذه المهمة ومجندة لانجاحها. واوضح العنداري ان “المطران شاميه اخذ على عاتقه هذه المهمة ويرافق مؤسسة الانتشار الماروني في الرحلات التي تقوم بها الى مناطق المتحدرين ويعظ المؤمنين ويحضهم على استعادة الجنسية والعودة الى الجذور وهذا الشيء يترك ارتياحا كبيرا لدى المتحدرين وفي التجمعات الكبيرة اشارك انا ايضا”.
وتتمتع عملية مساعدة المتحدرين على استعادة الجنسية بتشجيع كبير من السفارة اللبنانية. ويؤكد مسؤول المعلومات في المؤسسة المارونية للانتشار في الارجنتين مانويل خير ان “السفير العنداري يقدم الدعم الكامل ونحن 6 اشخاص من الجالية اللبنانية انا والبيرتو نعيم وارنستو صليبا وخوسيه عازار وهوغو اشقر وليديا نعيم، جميعنا تشجعنا بسبب حماسته (…) كذلك المطران شاميه يدعمنا ويشاركنا في العديد من جولاتنا في الارجنتين ووجوده مهم لأنه يشعر المتحدرين بالأمان ويعطيهم نوعاً من الثقة بما نقوم به”.
وأضاف “عندما نجمع عدداً من المتحدرين نحتفل بالقداس معهم بوجود سيدنا شاميه والسفير أحياناً وعندما يسمعوننا نتحدث العربية ويطلبون منا البحث في بنك المعلومات الذي أعددناه عن المتحدرين في الارجنتين من اصل لبناني ويتضمن اسماء اجدادهم واقاربهم الموجودين في الارجنتين ولا يعلمون بهم”.
3000 طلب قُدّم لاستعادة الجنسية
وعن عدد الراغبين في استعادة الجنسية، اكد “وجود 3000 طلب مقدم من المتحدرين لاستعادة الجنسية من بينهم 1500 وجدنا سجلاتهم وبدأوا باستعادة الجنسية وفعلياً قدم 600 ملف الى السفارة ارسل منها 300 الى لبنان وحصل 50 متحدرا على الجنسية، و1500 نعمل على ايجاد سجلاتهم، فيما سمح القانون الجديد لـ 500 منهم باستعادة الجنسية بعدما كنا فاقدي الامل بالوصول الى سجلاتهم”.
العملية معقدة
عملية استعادة الجنسية ليست بالامر البسيط كما يعتقد البعض، انما هي عملية شاقة وبحاجة الى عمل دقيق ومتابعة للوصول الى سجلات مقدم الطلب. وأكد مانويل خير ان “بعض مقدمي الطلبات التي نتابعها نحن بالكامل لا نجد أسماء أصحابها في السجلات القديمة، فقد نجد خاله او شقيقه او عمه، ولا نجد ملف والده في لبنان لأنه لم يسجل نفسه في إحصاء 1932، والقانون الحالي يسهل عملنا ويساعد من لم نجد ملف والده او جده”. وأوضح انه عندما يقدم الطلب “علينا ان نلاحق ملف مقدمه الذي يكون بالاجمال الابن الى ملف والده والى جده الذي وصل ارجنتين، يضاف الى ذلك استخراج الاوراق الثبوتية من اوراق العمادة الى الزواج والوفاة، والانتقال من منطقة الى منطقة في الارجنتين يتطلب على الاقل سفر 4 ساعات في الطائرة، ولذلك هي عملية معقدة ومتعبة، ونعمد الى جمع ملفات عدة، كي ننجزها في سفرة واحدة”. واضاف ان ” معظم مقدمي الطلبات هم من المسيحيين الذين وصلوا الى الارجنتين ابان الحكم العثماني والمجاعة التي ضربت لبنان في القرن الماضي، وفي مدينة كوردوبا ثمة لبنانيون مسيحيون من راس بعلبك يفوق عددهم عدد المسيحيين المقيمين اليوم في لبنان”. وتتطلب عملية “استخراج الاوراق الثبوتية للمتحدرين في الارجنتين 6 اشهر على الاقل ومن ثم متابعتها في لبنان وأخذ الجواب النهائي تتطلب سنة على الاقل”.
اهمية #قانون_استعادة_الجنسية
تكمن اهمية قانون استعادة الجنسية في مساعدة الذين لم تظهر اسماؤهم في احصاءات الدولة اللبنانية التي حصلت سابقاً وآخرها في العام 1932. واوضح خير ان “قانون استعادة الجنسية يساعدنا كثيراً لأن الاحصاءات التي حصلت في الماضي تمت بعد الهجرة الكبيرة في اعوام 1880 و1900 و1920 واللبنانيون الذين كانوا يقطنون قرب السفارة في بيونس ايريس سجلوا اسماءهم أما مَن يبعدون منها فلم يسجلوه، والقانون الجديد يسمح باعادة ضمهم تمهيداً لاعطائهم الجنسية. مثلاً، القنصل الفخري اللبناني في كوردوبا لبناني الاصل ولا يملك الجنسية وهو من رأس بعلبك وذلك لكون والده لم يسجل في الاحصاء، لكن عمه وأولاد عمه حصلوا عليها لأنهم تسجلوا في احصاء 1932”.
المصدر: المقال نقلاً عن جريدة النهار